Author

ريو دي جانيرو

|
بميدالية واحدة من معدن الحديد خرجت البعثة السعودية من أولمبياد لندن, كنا نتمنى أكثر, وكان من الممكن أكثر, على الأقل في الفروسية, عدنا من هناك ونحن في المركز ذاته والحصيلة ذاتها التي عادت بها أفغانستان الرازحة تحت ويلات الحروب والتشتت والتهجير منذ ربع قرن ونيف. لم يحلق صقرنا الأولمبي المزعوم في لندن وظل على وكره لم يخلع صقاره برقعه, إذا افترضنا جدلا أن صقرنا من نوعية "ستّل جناحه ثم حام". لا يفيد الآن البكاء على اللبن المسكوب, والأجدى أن نبدأ من اللحظة التي ودعنا فيها لندن, الإعداد لأولمبياد ريو دي جانيرو 2016, ولا يمكن أن نتجاوز النقطة التعيسة التي كان عليها حالنا في لندن ما لم نبدأ الآن. في قطر, وبعد أن عادت فرقها من أولمبياد لندن ببرونزيتين, دعت اللجنة الأولمبية كل الاتحادات في البلاد إلى كشف حساب عاجل, يستهدف الإجابة عن السؤال: هل كان الإنجاز على قدر الطموح والإمكانيات؟ أما في الإمارات التي عادت بعثاتها برصيد خاو من كل المعادن, فأسست اللجنة الأولمبية لأول مرة ما سمته أولمبياد المدارس, ساعين من خلاله إلى اكتشاف المواهب في كل الألعاب ورعايتها في خطة طويلة المدى, في البحرين غطى الاحتفال بأول ميدالية أولمبية في تاريخها على أي حديث آخر, وفي الكويت كان تكريم أسطورة الرماية الديحاني من أمير البلاد يشير إلى القناعة الكاملة بما تحقق. في السعودية التي أحب وتحبون, أزعم أن لدينا قدرات بشرية تمثل رهانا حقيقيا بين الأمم, تحتاج إلى اقتناص المواهب من بينها, وإلى إدارة ورعاية وسقاية حتى تينع الثمار ويحين القطاف في البرازيل بعد أربعة أعوام, أما كيف فهذه اقتراحاتي إلى اللجنة الأولمبية السعودية: أولا: هناك ألعاب فردية ما زالت تدار بفكر الهواة, وبأنظمة قديمة, لا تحاكي العصر, أولها الرماية, وأقول الرماية لأنها أحد موروثات المجتمع السعودي يتبارى أبناؤه بلا جوائز على بزّ الأقران فيها, وأزعم أن كثيرا من المواهب الهاوية لو اجتذبت ستكون لها الصدارة في ريو دي جانيرو. ثانيا: لا أعتقد أن من الحكمة أن تنتظر اتحادات الألعاب الفردية مخرجات الأندية, ففي بلد يحب أهلها كرة القدم فقط وتعرض قنواتها كرة القدم فقط, من الأفضل أن تدار اتحادات هذه الألعاب بطريقة النادي الذي يحتوي مواهبه ويرعاهم, ولذلك, أقترح تفعيل أولمبياد المدارس, وأولمبياد الجامعات سريعا, واقتناص المواهب ضمن حرميهما من قبل الاتحادات مباشرة, وأن تسعى مؤسسة الرياضة إلى عقد اتفاق مع وزارة التربية يمنح الطلاب المتفوقين رياضيا مزايا خاصة في دراستهم وأثناء تقييمهم ومنحهم فرصا أفضل في إكمال دراستهم الجامعية كما تفعل الجامعات الأمريكية. ثالثا: أنصح أن تسعى رعاية الشباب إلى استصدار قرار من الحكومة يمنح المؤسسات والشركات الوطنية مزايا خاصة في التعامل معها وتقييمها شريطة رعايتها موهبة سعودية تحضَّر للأولمبياد المقبل, فالمانع أن يكون منتخب الفروسية برعاية "المراعي" ورجلها الكبير عاشق الفروسية الأمير سلطان بن محمد الكبير, ولا أرى مانعا أن يستعد منتخب الرماية ويعقد معسكراته وتحضيراته بتكفل كامل من شركة الطيران السعودية, وأن يكون المبرزين في ألعاب القوى تحت رعاية "سابك" أو بنك سعودي, وأن تُعد السعودية سارة العطار نفسها للأولمبياد المقبل برعاية الشركة الوطنية الكبيرة "سعودي أوجيه" مثلا. رابعا: لدينا 26 مليون نفس في البلاد, ليس من المعقول, ألا يكون بينهم عشرة متفوقين رياضيين نُعدهم من الآن للأولمبياد المقبل, فقط يحتاجون إلى أن نذهب إليهم ولا ننتظر من الصدف أن تدفعهم إلينا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها