البريد الإلكتروني يصمد بصعوبة في مواجهة وسائل التواصل الحديثة

البريد الإلكتروني يصمد بصعوبة  في مواجهة وسائل التواصل الحديثة

حتى أشد المتشائمين لم يكن يتوقع أن يتحول البريد الإلكتروني من وسيلة التراسل الأولى بلا منازع قبل نحو خمس سنوات إلى وسيلة تواجه منافسة عاتية تعصف بها التقنية المتسارعة واليومية في وسائل الاتصال عززتها الأجهزة الذكية المزودة بعشرات برامج المحادثة والتواصل والإرسال الداعمة لمشاركة الصور والملفات ومقاطع الفيديو، علاوة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح التراسل السريع بخطوات مختصرة لا تزيد على الضغطة الواحدة. ووسط هذه الطفرة الهائلة التي لا يقابلها شيء مماثل في تطور أدوات البريد، يحافظ البريد الإلكتروني على صموده بصعوبة معتمدا على ارتباطه بالطابع الرسمي والموثوقية النسبية التي تتمتع بها مراسلاته. واستحوذت برامج التراسل الفوري وبشكل كامل على أغلب المراسلات الترفيهية التي كان المستخدمون يتناقلونها عبر البريد الإلكتروني كالصور والفيديو بدءا من ظهور برامج التراسل الخاص بـ ''البلاك بيري'' وحتى ظهور هذه البرامج بشكل أكبر على أجهزة ''آيفون'' والهواتف الذكية الأخرى. وعن هذا يقول ماجد العقيل أحد مستخدمي برنامج واتساب للتراسل الفوري: كنت أتلقى نحو 20 رسالة بريد إلكتروني يومية تحتوي الظريف والجديد من الصور والأحداث حول العالم، لكن منذ عام ومع استخدامي للأجهزة الذكية لا أتذكر أني تلقيت أكثر من رسالة يومية، عادة ما أقوم بإهمالها إن وجدت. ودفعت هذه التغيرات موقع الهوتميل أكبر مزودي الخدمة في العالم وأشهرها على الإطلاق والذي كان وجهة مستخدمي الإنترنت مدعوما بخدمة التراسل الفوري (المسنجر) شركة مايكروسوفت المالكة له إلى الكشف عن خدمة جديدة للبريد الإلكتروني تحمل اسم ''أوتلوك دوت كوم'' من المقرر أن تحل بدلاً من خدمة ''هوتميل'' الشهيرة على أن يربط هذا البريد بيانات صاحبه مع حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل ''فيس بوك'' و''تويتر'' و''جوجل بلس'' وبالتالي إمكانية التواصل معهم بسهولة في محاولة من الشركة للتمسك بمستخدميها الذين أغرتهم سرعة نقل المعلومات والأحداث عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج التراسل الفوري. وهو ما ينسحب طبيعيا على الشركات الكبرى المزودة لخدمة البريد الإلكتروني الأخرى مثل ''ياهو'' و''جوجل'' التي أصبحت تواجه هجمة برامج بسيطة كـ ''واتساب'' و''لاين'' و''فايبر'' وغيرها. ويقول مهتمون بتطورات عالم الإنترنت إن خدمة البريد الإلكتروني ستبقى موجودة لكونها وسيلة اتصال رسمية بالشركات والجهات الحكومية والجامعات لكنها بلا شك تأثرت كثيرا بمستجدات التقنية. وقال مختص في عالم التقنية عبر ''تويتر'' إن بعض الشركات عمدت أخيرا إلى اللجوء لإنشاء مجموعات تواصل عبر برنامج ''واتساب'' الذي يعد الأشهر حاليا للتراسل المباشر، وذلك لتحقيق التواصل بين طواقمها مدفوعة بسهولة استخدامه وارتباط المستخدمين به بشكل مباشر لكونه في هواتفهم التي لا تفارقهم عادة مع احتفاظها بالتواصل عبر البريد الإلكتروني الداخلي للمراسلات الرسمية والأرشيفية والخطابات المطولة. وأضاف: تبدو وسيلة منطقية وناجحة لشركات صغيرة فهي سريعة وسهلة، لكنه في نفسه الوقت قال مؤكدا: السرعة مهمة لكنها ليست كل شيء، هناك المصداقية التي يمثلها البريد الإلكتروني واستيعابه لحجم الرسائل الكبيرة، كما أنه أكثر قبولا في المجتمعات التي تضم عددا كبيرا من الأفراد كالشركات الكبرى حيث يكون البريد الإلكتروني الداخلي فاصلا بين العمل والحياة الخاصة، وأضاف: يمكن الثقة بأن بيئات العمل ستواصل الاعتماد على مراسلات البريد الإلكتروني في ظل هذه الظروف لكن لا يمكن التنبؤ بما تحمله التقنية من تطورات لحظية قد تنسف كل النظريات. ويملك فيس بوك وحده أبرز الفاعلين في خفض الاعتماد على البريد الإلكتروني وأكبر مواقع التواصل الاجتماعي عددا من المشتركين يفوق ما تملكه أكبر شركتين مزودتين لخدمة البريد الإلكتروني وهما هوتميل وجي ميل حيث يضم الموقع أكثر من 900 مليون مشترك، بينما يضم الهوتميل نحو 324 مليون مشترك، فيما يملك جي ميل البريد الذي بلغ عمره بضع سنوات نحو 278 مليون مشترك.
إنشرها

أضف تعليق