Author

المهديان الإيراني والروسي في خدمة الأسد

|
كاتب اقتصادي [email protected]
يبدو أن هناك أكثر من مهدي ''منتظر'' بجنسيات مختلفة في هذا العالم. ولولا حرب الإبادة التي يشنها سفاح سورية ضد شعبه لما ظهر هؤلاء. فهناك على الأقل مهدي إيراني وآخر روسي (الإيراني يحمل الجنسية اللبنانية أيضاً، ولديه وثيقة إقامة دائمة سابقة في العراق). ولأنهما يعملان لحساب الأسد، فهما بلا شك ينسقان جهودهما وبركتهما وتوزيع المهام والاختصاصات إلى ''مهادي'' آخرين - إن جاز الجمع. فهناك ''مهدي سياسي'' و''مهدي عسكري'' و''مهدي مالي'' و''مهدي نفطي'' و''مهدي تشبيحي''، إلى آخر الاختصاصات التي يحتاج إليها سفاح سورية. لقد استدعي جميع ''المهادي'' إلى الخدمة، بمن فيهم النظاميون والاحتياط، من أجل الإبقاء على الأسد. إنهم ببساطة في نفير عام! إنهم من وجهة نظر علي خامنئي يقودون الحرب الأخيرة! والحقيقة لم يكن لي جهد في الكشف عن وجود المهدي المنتظر إلى جانب بشار الأسد، فقد ''اعترف'' بذلك رسمياً (نعم رسمياً) أحمدي نجاد رئيس إيران نفسها. ولو كنت روسياً، لاحتججت على قبول الرئيس فلاديمير بوتين ''السيليكوني'' بالمهدي الأجنبي لمساعدته على مساعدة الأسد. فقد كان عليه أن يستحضر الروسي راسبوتين ''الخارق''، الذي (على الأقل) كان حاضراً في التاريخ وليس وهمياً. لكن من يتحدى بوتين؟ لقد منح المهدي الجنسية الروسية فوراً، وعفا نفسه من جلسة لاستحضار روح راسبوتين. مهلاً.. أليس الرئيس الروسي نصف سمي راسبوتين؟ إنه بوتين. بعد أن أفرغ ''المهدي النفطي'' الإيراني حمولته للأسد وعصاباته من الوقود (المازوت والبنزين وغيرهما)، وأعلن عجزه عن استمرار التوريد، لأسباب مفهومة، أعطى الإشارة إلى ''المهدي النفطي'' الروسي للتحرك. فرغم أن إيران تحتل المرتبة الرابعة في قائمة الدول المصدرة للنفط الخام (قبل العقوبات)، فهي تستورد أكثر من 40 في المائة من احتياجاتها من الوقود، فضلاً عن أنها تعيش حصاراً اقتصادياً غربياً شاملاً، لأنها مصممة (حتى استكمال الخراب الكلي) على الوقوف ضد منطق التعايش والتفاهم، وفق حراك المجتمع الدولي. لم يتقاعس ''المهدي الروسي'' عن واجباته حيال الأسد، فقد لبى النداء، و''أقنع'' بوتين بضرورة توفير المنتجات النفطية بصرف النظر عن تفاصيل الاتفاق المقبولة (بكل الأحوال)، سواء كانت تتضمن مقايضة النفط السوري الخام المنهوب، أو تحويل الصادرات إلى قروض يدفعها الشعب السوري لاحقاً، كما يدفع ثمن السلاح الذي يقتله. وبذلك سترسل روسيا الآليات العسكرية بكل أنواعها ومصائبها إلى الأسد، على خزانات من الوقود لتشغيلها. وطبقاً لمصادر روسية تكتسب أهمية، فقد طالب الرئيس الروسي بضرورة عدم الانغماس في تناول هذا الموضوع علانية، ربما لصيانة ''البركة'' وحمايتها من عين الحسود. الأمر نفسه ينطبق على القرض المالي الذي طلبه الأسد من بوتين، وينطبق أيضاً على الإمدادات العسكرية للأسد وعصاباته، لا سيما بعدما أعلنت موسكو أنها ستوقف توريد الأسلحة له. الكتمان أفضل وسيلة ''لفقء عيون الحاسدين''. يشكل النقص في الوقود لدى الأسد مصيبة متنامية بمخاطرها الاستراتيجية. فبعد توقف الإمدادات الإيرانية للأسباب المعروفة، تراجعت الإمدادات العراقية أيضاً، لأسباب لوجستية، بعد أن سيطر الثوار السوريون على عدة معابر على الحدود المشتركة بين سورية والعراق، وأخرى ترتبط مباشرة باحتياجات العراق نفسه لهذه الإمدادات. أما الإمدادات التي تلقاها الأسد من فنزويلا، فلم تستند أساساً إلى بُعدٍ استراتيجي. كانت ولا تزال ''فشة خلق'' أكثر منها خطة متكاملة ومستدامة، تضاف إلى ذلك المصاعب اللوجستية الكبرى، لا سيما في ظل شبه الحصار البحري الذي تفرضه الدول الكبرى على الأسد، ضمن نطاق عقوباتها عليه. لقد فشل سفاح سورية (حتى الآن) في عقد صفقات التفافية بقيم عالية في هذا المجال مع عدد من الشركات الأوروبية والآسيوية، خصوصاً بعدما تلقت تحذيرات متجددة من حكومات الدول الفارضة للعقوبات من أنها ستلقى هي نفسها عقوبات (وربما أحكام قضائية) لن تقوى على مواجهتها لفترة طويلة، إذا ما ساعدت الأسد على استراتيجية الاحتيال. ولذلك كان لا مناص من لجوء هذا الأخير إلى روسيا، التي أثبتت منذ اندلاع الثورة الشعبية في كل أنحاء سورية أنها لا تحتاج حتى إلى جهود ''المهدي النفطي الروسي''. فالذي وقف إلى جانب الأسد قبل أن تصل الحالة إلى مرحلة الاستعانة بـ ''المهادي''، والذي منع كل شكل من أشكال المبادرات لوقف قتل الشعب السوري، والذي يقاتل من أجل تكريس حكم الأقلية (بل والعائلة) في سورية إلى الأبد، والذي يبرر قتل المدنيين بطائراته المقاتلة وبارجاته الحربية وغيرها، والذي ضرب ما أمكن له من مسببات الانفراج الدولي من أجل حماية رقبة الأسد؛ لا يحتاج إلى ''بركات'' أي ''مهدي'' كان. ومع ذلك.. ليكن ''الخير'' خيرين، أو ثلاثة أو أربعة. لكل ''مهدي'' دوره في حرب وحشية حقيقية على شعب أعزل. لكن مصيبة سفاح سورية ومعه بوتين وخامنئي، أنهم لن يعثروا على ''مهدي'' يضمن لهم الانتصار في هذه الحرب. ورغم وحشية الحرب، فقد أوصلتهم ''المهادي'' إلى أوهام نصر توازي وهم عودة ''المهدي'' نفسه، الذي يقود – حسب خامنئي - الحرب الأخيرة.
إنشرها