Author

رسالة نصر الله للسعودية

|

ليس مهما خروج حسن نصر الله في يوم القدس، وهي المناسبة التي أرساها سيده الخميني، ليحتل دفاعه عن إيران ثلثي خطبته العصماء، كما ليس مهماً مقارنته بين ما يفعله العرب مجتمعين وبين ما تفعله إيران لقضية فلسطين، لمصلحة الأخيرة طبعا، المهم هنا هو تلك الرسالة التي أراد أن يوصلها لدول الخليج عموما، والسعودية على وجه الخصوص، بأن النظام السوري في كفة، وبقية العالم في كفة أخرى، وطالما أن هناك مَن يصرُّ على أن يكون مع الشعب السوري، فليبشر بمَن يستطيع الإضرار بهم وبمواطنيهم، فنصر الله يرفع اليد عن أفعال عشيرة المقداد، العنصر الرئيس المكون لحزب الله، ويتناسى أنه في الخطاب نفسه يهدد بـ ''تدمير إسرائيل''، لكن بالنسبة لحفلات التهديد بخطف مواطنين خليجيين من قبل آل المقداد فإن الأمور بالنسبة له ''خرجت عن السيطرة''. عجيب إذن، عشيرة تهدِّد على مرأى ومسمع العالم بخطفها مواطنين من دول محددة ومن مذهب معين، وهذه العشيرة هي العمود الفقري لحزب الله، ومع ذلك يأتي نصر الله ليقول إنه لا يمكن القيام بأي ردة فعل لهذه الأفعال الإجرامية، لاحظوا أنه لم يُدِن حتى عمليات الخطف التي حدثت من قبل مقاتليه، مكتفيا بالتشديد على أن حزبه وحركة أمل لا سيطرة لهما على ذلك. فوائد الأزمة السورية أنها كشفت أكاذيب وأباطيل استمرت طويلا. الواضح أن نصر الله يريد أن يقول لدول الخليج والسعودية، في هذه المرحلة تحديدا، وبصريح العبارة، إنه سيترجم تهديدات النظام السوري بخلق الفوضى في دول الخليج بأي طريقة كانت، ولديه أدواته التي يراهن عليها، سواء من مقاتليه المدججين بكل أنوع الأسلحة الإيرانية ويحكمون لبنان، مع الأسف، أو من عناصر أخرى ربما يدخلون على الخط فيما بعد إذا استمرت الأمور بهذا السوء لحلفائه في دمشق، الأكيد أنه سيدافع عن النظام السوري، وبالطبع نظام الملالي، إلى آخر يوم في حياته وحياة حزبه. وفي نفس سياق تحزب نصر الله ضد كل ما هو سعودي، ومواصلة الابتزاز السياسي والفرز الطائفي الذي يبدع فيه، فإن مراوغته كانت مكشوفة، وطائفيته فضحتها الأباطيل التي تتمترس خلفها، عندما زعم أن السعودية ''تمول'' قنوات تكفر الشيعة، في الوقت الذي غض النظر عن عشرات القنوات الشيعية المتطرفة التي تقذف السيدة عائشة والصحابة الكرام بشكل مستفز لمئات الملايين من المسلمين، بل لم يمر مرور الكرام على هذه القنوات وعمَّن يقف خلفها ويمولها وهو يعرفهم فردا فردا.. حزبا حزبا، ألا يجدر به، وهو الحريص علـى الظهور بمظهر المتسامح الكبير، أن يرفض كل القنوات المتطرفة أيا كان مذهبها وتوجهها ورسالتها؟! نسأل الله أن يشفي وزير خارجيتنا الأمير سعود الفيصل ويخرجه من المستشفى معافى، فعندما كان أول من انتقد حزب الله، إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز (يوليو) 2006، معتبرا أن ما قام به الحزب ''مغامرة غير محسوبة''، ووجهت السعودية بانتقادات شتى. السنون وحدها أثبتت أن الحزب، بمؤيديه ومناصريه، ما هم إلا بالونات تسيرها رياح الطائفية ومصلحة نظام ولي الفقيه لا غير، أما الكذبة الكبرى فهي أن هدف حزب الله هو تحرير القدس، فأي عاقل بعد كل ما جرى يصدق هذه الأكذوبة، إلا إذا كان طريق تحرير القدس يمر عبر إرهاب اختطاف مواطني الدول حسب مذاهبهم؟!

إنشرها