Author

البديلات المستثنيات.. و«ظلم ذوي القربى»

|
قد لا توجد قضية تشغل الرأي العام السعودي كقضية البطالة، لكن البطالة أفعى برؤوس عدة، إذا قطعت رأسا منها نما لها رأس جديد، وبعض رؤوسها يقتات على القرارات والتفسيرات الوزارية واللجان الثلاثية، التي لا يصدر عنها قرار، بل هي مثلنا تنتظر القرار ممن كان يسعه اتخاذه بلا لجان ولا تفسيرات. وقياسا على المثل الشعبي الشهير ''عاطل دهر ولا عاطل شهر''، الذي ينطبق بنصه هذا على المعلمات البديلات وهن يمثلن بطالة حقيقية وليست اختيارية. وهي قضية بنات الوطن المؤهلات اللاتي عملن فعلا - وبعضهن لسنوات - في سلك التعليم الحكومي ولهن تجربة تربوية عريضة خرجن منها بخفي حنين، بل مع الخفين دَيْن وفي أحيان كثيرة أطفال ومساكن بالإيجار، لا يجدن ريح الراتب الشهري ولا حتى استفدن من خبراتهن غير انتظار الأخبار عن معلمة وضعت مولودا يفتح الله مع ولادتها باب رزق سده قرار وزاري باستثنائهن من قرار التثبيت لمن هن على رأس العمل، هي قضية ظلم ذوي القربي وقصة قديمة متجددة تجددها القرارات غير المدروسة بعناية، بل مسلسل من الأحزان لم نصل بعد إلى حلقاته الأخيرة ونخشى أن تكون ميلودراما إجبارية ويجب علينا أن نشهد نهايتها الحزينة رضينا بذلك أم أبينا ولا مجال هنا للإعلان أو فاصل ولن نعود. عندما جاء قرار خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بتثبيت كل من هو على رأس العمل استبشرنا خيرا، ذلك أنه قطع رأسا من رؤوس الأفعى وحل جزءا كبيرا من أزمة البطالة بين الشباب لكنه في موضوع البديلات قد أخذ بعدا آخر، والقرار فُسر لصالح البديلات اللاتي على رأس العمل فقط، بينما بقيت البديلات ممن هن خارج العملية التعليمية مستثنيات منه، وواسينا بالحظ العاثر وبدموع الأفلام الهندية من خرجن من العمل قبل هذا القرار لو بأيام معدودات، وبهذا ظهرت مع مشكلة البديلات التي لن تنتهي مشكلة أخرى اسمها البديلات المستثنيات، وكان رأس أفعى البطالة بينهن قد نما من جديد. وللحل جاءتنا وزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية ومعها وزارة المالية بلجنة ثلاثية، وبقي موضوع البديلات بينهم كالقدر على الثلاثة الأثافي والنار كشمعة بعيدة عنه، وإذا أردت أن تعطل قرارا فانتدب له لجنة من عدة وزارات، ولكن أخيرا وبعد سنوات من الجدل رفعت اللجنة أخيرا بتثبيت من عملن بديلات منذ عام 1429هـ حتى 1432هـ، وبرغم أن هناك من عملت قبل هذا التاريخ، ولها لدى التربية والتعليم سابقة خير وقربى ومنذ عام 1418هـ، إلا أن هذا الرأي بتثبيتهن جميعا، الذي جاءت به الخدمة المدنية لم يجد أذنا صاغية عند التربية والتعليم ولا وزارة المالية لتبقى القضية معلقة حتى لو حسمت بالقرار المقترح في عام 1429هـ. ليت شعري لو أن القرار أجبر المدارس الأهلية على تعيين هؤلاء البديلات وبالرواتب نفسها، على أن تقوم الدولة بزيادة دعم تلك المدارس في مقابل تلك الوظائف، أو لو أن ''التربية والتعلي''م تتبنى دراسة ودعم وتطوير مدراس أهلية خاصة تتولى هؤلاء البديلات الإشراف الإداري عليها بينما تدر عوائدها عليهن وعلى غيرهن من الخريجات، وتصبح هذه المدارس مصدرا لا ينضب للمدارس الحكومية لتعويض النقص عند طلب المعلمات إجازات أمومة، سواء في القطاعين العام أو الخاص، لو أننا نظرنا لهن كثروة وطنية متجددة يجب تنميتها ولسن مجرد مشكلة نود الخلاص منها أو تعطيلها. لو أن هناك حلولا ابتكارية ومستديمة للمشكلة بدلا من الدوران حول الرحى ''فلا الرحى دار ولا سلمنا الدوخة''. وما دام أن ثلاث وزارات أخفقت في التعامل مع هذا الملف، الذي يعد من صلب عملها ومهامها، فإن الأمل معقود - بعد الله - على خادم الحرمين الشريفين وولي العهد في ألا يحل عيد الأضحى المبارك إلا وقد حلت فرحة بنات الوطن بعد كل هذه المعاناة القاسية بالحصول على الوظيفة كحق مشروع لكل مواطنة ومواطن.
إنشرها