Author

ولكم في رسول الله أسوة

|
ليس جديدا أن نقول إن الأسرة هي اللبنة الأولى في قيام المجتمع، وبهذا يكون الاهتمام بالأسرة هو اهتمام بالمجتمع كله. ولكن ماذا لو أن هذه الأسرة قدمت لنا أطفالا مشوهين نفسيا .. مضطربين خائفين أو عدوانيين؟ ماذا يكون شكل المجتمع ساعتها؟ إنه بالضرورة سيكون مجتمعا مهزوزا تسوده الفوضى والاضطراب. وعندما أعلن المؤتمر الأول للعنف الأسري في المملكة قبل عامين ضرورة إنشاء الهيئة العليا لرعاية الأسرة، التي يتفرع منها بشكل مباشر الاهتمام بالصغار، وأن تكون هناك برامج توعية موجهة للأب والأم في أسلوب تربيتهما لأبنائهما. إن قيام هذه الهيئة أصبح ضرورة بعد أن ارتفعت حالات العنف ضد الأطفال حتى إن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان رصدت 136 قضية عنف ضد الأطفال من إجمالي القضايا التي وردت إليها. إن ولاية الأب على أطفاله أو الأم على أطفالها ليست ولاية قسوة، إنما هي ولاية حنان، وقد كان رسولنا الكريم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وهو مثالنا الذي نحتذي به، نموذجا محبا رحيما حنونا في تعامله مع الأطفال، حتى إنه كان يطيل السجود إذ صعد الحسن أو الحسين على ظهره حتى لا يفزعهما. التعاليم الإسلامية كثيرة في تربية الأطفال والتعامل معهم، لتقديم نشء صحيح البدن والنفس، وهذه مهمة الدعاة في المساجد والجمعيات الشرعية في توعية الآباء بهذه المهمة السامية .. مهمة إعداد أجيال صالحة تفيد المجتمع. ولهذا نؤيد بشدة قيام الهيئة العليا للرعاية الأسرية التي طالب بها المؤتمر الأول للعنف الأسري في المملكة، وأظن أن قيام هذا المؤتمر لم يظهر من فراغ، إنما قام عندما تفاقمت حالات العنف ضد الأطفال في الأسرة السعودية وأصبحت ظاهرة العنف الأسري تفرض نفسها على المسؤولين في المجتمع. إن وسيلة الإيذاء في التربية أسلوب قديم عفا عليه الزمن، ونحن في القرن الحادي والعشرين، الذي أعلى من قيمة حقوق الإنسان، ولذلك أؤيد الدكتور مفلح القحطاني رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بضرورة وجود الأنظمة والتشريعات الكفيلة بضمان حماية الطفولة من العنف، وأن يكون هناك تكاتف من أجهزة الدولة من الأمن والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام لقيام وسيلة رقابية تلتزم بالإبلاغ عن أي عنف من أحد أفراد الأسرة، وفي الوقت نفسه من الضروري إصدار قانون يحمي الأطفال من العنف. أيضا من المهم ضرورة قيام المحاكم بسرعة البت في القضايا المتعلقة بالأطفال سواء الحضانة أو الزيارة أو الرؤية، وأن يكون هناك اهتمام بالغ بمن تكون له الحضانة، سواء الأب أو الأم، فيحرم منها من يثبت عليه الاعتداء على أطفاله. نحن أمام قضية خطيرة تهدد مستقبل المجتمع، وما لم نتداركها من الآن فإننا سنصطدم ـ أو يصطدم المجتمع ـ مستقبلا بمواطنين مشوهين نفسيا يصبحون حجر عثرة أمام تقدم المجتمع وأمنه. ولكم في رسول الله أسوة حسنة.
إنشرها