الواسطة والعنصرية ... إلى متى ؟

الواسطة والعنصرية ... إلى متى ؟

الواسطة والعنصرية تمثلان واسطة العقد الفريد في الفساد ، والفرادة في كونهما تأخذان أشكال متعددة وتحت غطاء أسماء كثيرة منها على سبيل المثال الشفاعة الحسنة ، الفزعة .. الخ . الواسطة والعنصرية تشكلان مجتمعتين الرأس النووي لصاروخ الفساد والذي تتسع مساحة تدميره لتشمل مجتمع بأكمله ودولة بأكملها دون إطلاق رصاصة واحدة. فبكل بساطة عندما تريد فئة متنفذة في أي بقعة في العالم أن تدك الحصون الأخلاقية لأي مجتمع ، فكل ما عليها هو استخدام ابرز أدواتها الهجومية وعلى رأسها الواسطة والعنصرية لجعل تلك القيم الأخلاقية تذوب وتتلاشى لتنتج مجتمعاً متفككاً على مختلف الأصعدة اجتماعياً ، رياضياً ، اقتصادياً ، سياسياً ، دينياً. دعونا نأخذ طرفي معادلة الفساد تلك وننظر لهما عن كثب ومدى الأثر الناتج عنهما ، ولنبدأ بالواسطة بسبب انتشارها الكبير في المجتمع لدرجة أن الكثيرين أصبحوا يبحثون عنها مع عدم الحاجة لها ولأتفه الأسباب. تُعرف الواسطة في جانبها الايجابي بأنها مساعدة الآخرين في قضاء حوائجهم ، ومن خلال هذا المفهوم لا تشكل الواسطة خطراً في حد ذاتها ، فديننا الإسلامي يحثنا على مساعدة الناس بكل وسيلة ممكنة ، ولكن الضابط هو عدم الإضرار بالآخرين ، إذن متى ما كانت تلك الشفاعة الحسنة مضبوطة بضوابط أخلاقية ومعايير نظامية حققت هدفها الايجابي وهو المساعدة. أما عندما تتحول تلك الشفاعة الحسنة إلى مجرد غطاء يزين وجه وأسلوب الفساد ، ليجعل منه أمراً مقبولاً ومحبباً لدى أفراد المجتمع ويجعل الجميع يلهث وراءه معتقدين بأنهم بذلك يسلكون الطريق الأقصر والأفضل لانجاز أعمالهم . بينما الواقع يؤكد على أن ذلك السلوك السلبي يعتبر من اكبر وأسوء الأخطار التي تقض مضاجع الأمم ، خصوصاً إذا تزامن مع ذلك الدوافع السلبية لدى تلك النوعية من الأشخاص من أجل إعاقة وتدمير مسيرة تقدم المجتمع ، فعندما يتم نزع الفرص ممن يستحقها وتقديمها على طبق من ذهب لمن لا يستحقها فالمتضرر الحقيقي والوحيد هو الوطن ، فالأركان والأبعاد التي ترتكز عليها الدول تصبح في مهب الريح لأن من يقوم بتأديتها يفتقر إلى المقومات الرئيسية للكفاءة فهو ببساطة شديدة صنيعة الشفاعة الحسنة تلك. أما الطرف الآخر لمعادلة الفساد ، والوجه الأكثر بشاعة هي العنصرية ، وبشاعتها تعود إلى أن من يمارس ذلك الدور يمارسه عن قصد وليس جهلاً بها. فعندما يكون الدافع للواسطة هو العنصرية تصبح المصيبة أعظم ، ولكن ما هي العنصرية في حد ذاتها؟ أنها تفضيل طرف معين على أطراف أخرى من وجهة نظر وإدراك الشخص ، وتتعدد أشكال العنصرية فمنها على سبيل المثال العنصرية القبلية، العنصرية بين الحاضرة والبادية ، العنصرية المناطقية ، الإقليمية ، الدينية وغيرها من أشكال العنصرية . فكم عاني الكثيرين من ضياع الفرص والسبب ناتج عن عنصرية وضيق أفق بعض المسئولين عن تلك الأنشطة سواء في القطاع العام أو الخاص . فقد أصبحت نظرتهم وأهدافهم الشخصية تعلو فوق أهداف المجتمع ، مما جعلنا ندور في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها إلا بحل سحري خارق للعادة. إن المجتمعات المتحضرة تجاوزت تلك العقبات بمراحل لأنهم ينظرون من زاوية المصلحة العامة لأوطانهم ومجتمعاتهم ، بينما نحن لازلنا نقبع في ركب المؤخرة ونجتر عنصريتنا وواسطتنا معنا أينما رحلنا فلا تطور وصلنا ولا ارض قطعنا . فإلى متى والواسطة والعنصرية تنخر كالسوس في عظام مجتمعنا؟ إلى متى ونحن ننظر إلى من يهدم مقدراتنا ومنجزاتنا ونصفق له ونحذو حذوه ؟ سؤال بحجم الفساد الذي يطل علينا في صباح كل يوم وفي الكثير من أخبارنا الصحفية. فعلى سبيل المثال في المجال الرياضي نجد التعصب الرياضي في بعض وسائل الأعلام الرياضية تجاوز كل الحدود ، وساهم في تراجع الكرة السعودية إلى مراتب متأخرة ، فنجد بعض الإعلاميين يصبون جام غضبهم على لاعب معين بسبب انتمائه لأحد الأندية الرياضية التي لاينتمون إليها فأين المصداقية وأين العدالة من ذلك. اما آن لنا أن نعيش في مجتمع واحد متماسك دينياً واجتماعيا يربطه مصير واحد وهدف واحد وهو أن تكون المملكة العربية السعودية دولة حضارية متقدمة في كل النواحي والمجالات ، وتسابق الزمن لإعلاء راية التوحيد بدلاً من شق الصفوف وتفرقة الكلمة وإعاقة التنمية والوحدة الوطنية بدعوى الجاهلية.
إنشرها

أضف تعليق