Author

خواطر رمضانية (2)

|
يحمل شهر رمضان المبارك في أيامه ولياليه الكثير من التغيير في حياة الفرد والمجتمع. أغلب التغييرات التي نعيشها إيجابية. هناك عدد من السلبيات التي نتجت عن الإمعان في طلب الحسنات، والكسل عن التمحيص في نتائج ما نفعل أو نمارس من سلوكيات تهدف إلى الخير والفضيلة. تبرز لهذا مجموعة من الأمور التي كان الأولى أن نتكفل بعلاجها والتخلص منها. - معركة الكراسي: قبل نحو 30 عاماً لم نكن نشاهد الكراسي في المساجد. بدأت الظاهرة خلال العقدين الماضيين، واستمرت في السيطرة لدرجة أنك لا تجد مسجداً يخلو من كراسي المصلين من كبار السن أو من يعانون صعوبات صحية تمنعهم من أداء ركن الركوع أو السجود. يحاول مسؤولو المساجد أن يوجدوا تنظيماً للكراسي وتحديد صفوف معينة لمن يستخدمونها حتى لا يؤثروا في صلاة الآخرين. إلا أن هناك من يسحب الكرسي ويضعه حيث يشاء غير مبال بأثر ذلك في استقامة الصفوف أو راحة المصلين، وهذا ليس من خلق الإسلام، فالمسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه. أكثر ما تضايق هذه السلوكيات المصلين في صلاة التراويح والقيام. - صراخ الأطفال: يصل المصلون أعلى درجات الخشوع والمتابعة أثناء صلاة الليل. يقطع صراخ الأطفال وبكاؤهم، بل ولعبهم ومناداة بعضهم بعضاً بصوت مزعج على المصلين خشوعهم. يأتي الأب أو الأم بأطفالهم للمسجد وكأنهم ذاهبون إلى الملاهي. يركض الأطفال ويلعبون وأولياء أمورهم في أول الصفوف، ويعتقد هؤلاء أنهم يعوِّدون أبناءهم على أداء الصلاة والحضور للمسجد. هم في الواقع يعلمونهم امتهان قيمة المسجد الدينية والأدبية، وكلنا يعرف حديث المصطفي - صلى الله عليه وسلم - عندما منع أن يسأل الرجل عن دابته التائهة في المسجد وقال: ''إن هذا المساجد لم تبن لهذا''. المساجد لم تبن للبيع والتجارة ولم تبن للحديث الاجتماعي وبالتأكيد لم تبن ليسرح فيها الأطفال ويمرحوا. - التسول داخل المساجد: يأتي ضمن الفقرة السابقة منع التسول، لكنني أفردته لأمر أساسي، فما نشاهده اليوم من جرأة السائلين في المساجد، ووقوفهم وحديثهم بصوت جهوري عن أمر يخجل المرء - في العادة - أن يبوح به، كالحاجة من مرض أو حكم شرعي أو عدم جدة، وسكوت أئمة المساجد عن ذلك أمر خطير يسيء إلى الدين والقيم التي زرعها في نفوس المسلمين. يؤسفني أن أرى المسلمين يتسولون في كل دول العالم، وهو أمر نسأل عنه كلنا. فبعد أن عجز عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - عن إيجاد من يصرف عليهم زكاة البلاد، نجد الصورة المؤسفة التي تسيء أول ما تسيء إلى الدين الإسلامي، فلنحارب التسول كل حسب قدرته والتزامه الشرعي أو الوظيفي من الإمام إلى الجار والصديق وموظف الشؤون الاجتماعية ورجل الأمن. - الوقوف المؤذي: يأتي المصلي مبكراً ويختار موقفا مريحا لسيارته يمكنه من الدخول والخروج بسهولة، لكنه يخرج من المسجد فيجد الشارع قد تحول إلى موقف كبير غير منظم. سيارات في اليمين وسيارات في الشمال وسيارات في الوسط، كل يوقف سيارته حسب مزاجه بغض النظر عن أذيته لغيره من المسلمين. الغريب أن أكثر من يوقفون سياراتهم في الشارع تنزل عليهم السكينة والهدوء ويخرجون من المسجد آخر الناس، لا يعلمون أنه قد تصيبهم دعوة من مسلم آذوه. الإسلام دين النظام واحترام الآخرين، وهؤلاء لا يمثلونه. - مبيعات رمضانية: تخرج من المسجد بعد صلاة العصر فتجد البائعين من كل الأعمار يعرضون بضائع مختلفة. تجد أنواع الخبز والمعجنات والتمور والفاكهة والخضراوات. تعلمت منذ زمن ألا أتسوق بعد عصر رمضان لأنني أشتري كل ما أرى. تستمر المبيعات خلال الليل، لوحة جمالية من المواد والمناداة على الزبائن بطرق تذكرنا بالماضي. الجميل أن أغلب من يبيعون في هذه الساحات هم سعوديون ويستحقون التشجيع فعلاً. والأجمل أن تسهم البلديات في تنظيم ''البسطات''، ودعم هذه الأعمال الصغيرة. - دجاج إيران: بدأت أزمة الدجاج في إيران قبل رمضان وتعاظمت خلاله حتى سارت المظاهرات التي تطالب بالدجاج، ذكرني هذا بمظاهرة ممثلي فيلم ''الإرهاب والكباب''. دولة تحاول أن تصنع القنبلة النووية، وتناكف كل جيرانها، بل وتهددهم صراحة، ينطبق عليها المثل الشعبي ''من برا خلاخل والبلا من داخل''. يشكو الناس الفقر في إيران والدولة تصرف رواتب حزب الله، وتدعم بالمال والجاه أحزاب العراق الشيعية وإرهابيي البحرين واليمن بالمليارات. يا لها من مهزلة! الغريب أن الكثير من الملالي يجمعون الأخماس من الفقراء الذين لا يجدون الطعام. لهذا أقترح على الولي الفقيه أن يصدر أمره بصرف الخمس الخاص بهذا العام لشراء المواد الغذائية لفقراء إيران قبل أن يثور عليه الشعب ويصبح جزءاً من منطقة الربيع العربي. وإلى لقاء في خواطر أخرى.
إنشرها