Author

ما لِهؤلاء لا يفقهون قولا؟

|
ما إن تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله السلطة إلا قام بدعم وإطلاق تنمية شاملة معتمدا على الله - سبحانه وتعالى - ثم على الرجال المخلصين في هذا الوطن. وأول ما ركز عليه هو بناء الإنسان المتعلم المخلص المنتج، فأمر بترسيخ القواعد اللازمة لتطوير التعليم في جميع مراحله، والتوسع في إنشاء المدارس والمعاهد والكليات والجامعات في جميع أنحاء الوطن دون استثناء ليحقق العدل المطلوب لكل مواطن أينما كان موقعه. وأمر بابتعاث عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات للحصول على الشهادات العالمية حسب رغبتهم وحسب متطلبات التنمية. فلو نظرنا إلى النهضة الأولى وعدد المبتعثين في ذلك الوقت وأثرهم في بناء هذه المملكة، فكيف بعشرات الآلاف من المبتعثين اليوم؟ لذلك سنتوقع نهضة شاملة كبرى مبنية على سواعد المتخصصين من رجال ونساء هذا الوطن. آلاف الملايين تصرف سنويا على التدريب والتأهيل، وأسس المدن الاقتصادية، وأمر ببناء خطوط السكك الحديدية لربط أنحاء المملكة وما سينتج عنها من نمو مناطق نائية ستساعد على التوطين والتقليل من الهجرة المحلية طلبا للعمل، وكذلك التوسع في تخصيص الأراضي الصناعية وإنشاء وتوسعة المدن الصناعية في جميع أنحاء المملكة، ما سيوفر فرص عمل للجميع في مناطقهم، وهاهي المشاريع التعدينية تنتشر في جميع أنحاء الوطن وبدأت نتائجها تظهر في الاقتصاد الوطني. وقام بدعم الجهاز القضائي وكرم القضاة، وقام بأكبر توسعة للحرمين الشريفين والمسعى. هذه المقالة ليست في سرد ما قام أو يقوم به خادم الحرمين الشريفين، فالكل يعرفها، لكن المهم: ما دور رجل الأعمال والمواطن فيها؟ قامت الدولة بإنشاء هيئة الغذاء والدواء ويرأسها ولي العهد حتى تكون لها يد عليا في اتخاذ القرارات، وتقوم الهيئة بعمل جبار، لكن أرى هناك محاربة لها من كثير من الجهات. فأولا يجب أن تكون الصيدليات تابعة للهيئة وليس لوزارة الصحة، فالأخيرة يكفيها متابعة وتحسين ومراقبة وبناء المستشفيات العامة ومراقبة المستشفيات الخاصة والأمور الطبية ولديها ما يكفيها، ولا يصح إلا الصحيح. ونرى من بعض المنتفعين محاربة الهيئة التي تحاول أن تحسن من مستوى الغذاء بمواصفاته ليكون صالحا للاستخدام البشري، لكن من تعود على الانفلات لا يريد أي انضباط وإن ادعى أنه معه. وضعت الهيئة أخيرا شروطا لنقل وتخزين اللحوم بأنواعها سواءً المستوردة أو المحلية، لكن نرى الصحف مملوءة بالاعتراضات، وأن ذلك سيرفع أسعار اللحوم وأنه من المستحيل تطبيق ذلك وإلا ستكون هناك كارثة. نريد أن نكون مثل الدول المتقدمة بحيث نطمئن لغذائنا ودوائنا، وهذا من حقنا كمواطنين، لذلك فإنني أشد كمواطن على يد هيئة الغذاء والدواء وعليها عدم التهاون في تطبيق أي تنظيم يرفع من مستوى وجودة الغذاء الذي نأكله، وعليها أن تنسق أكثر مع أصحاب المصالح وتحدد زمنا كافيا للنقلة النوعية. وعلى الأمانات أيضا أن تستمر وتتوسع في مراقبة المطاعم والمصانع في تحسين مواقع تجهيز الطعام والعاملين فيها، ولا يهمنا إذا أقفلت نصف المطاعم والبوفيهات، فهذا من حقنا. وهناك من يحارب تطوير أنظمة التعليم، ولا يعلمون أنهم يعتدون على حق المواطن وأبنائه في الحصول على تعليم مطور ينافس الدول المتقدمة دون الإخلال بشرعنا الذي تربينا عليه. وهناك من يحارب وزير العمل لحضه على ترك خططه في تشغيل النساء، ويحاولون أن يخترعوا معوقات حتى تفشل خطط الدولة التي نحن في أمس الحاجة إليها. ولقد قرأت أخيرا أن لجنة شركات النقل في إحدى الغرف تريد أن تشتكي وزير العمل لعدم تجاوبه مع مشاكلهم في تطبيق السعودة. المطلوب منهم 10 في المائة موظفون مواطنون وهم ينظرون إلى أرباحهم فقط وتهديدنا بأن نصف الشركات ستقفل .. ما هذه الأعذار المرفوضة؟ أي شركة أو مؤسسة عامة أو خاصة لا تستطيع أن توظف وتدرب وتهيئ 10 في المائة من عمالها مواطنين خير لها أن تخرج من السوق. ألا يمكن أن ندرب سائقين أو سائقي رافعات شوكية أو شيولات أو غيرها أو صيانتها؟ كل الأعذار مرفوضة وعليهم بالتوظيف والتدريب بشرط تطبيق ذلك على الجميع وعدم استثناء أي شركة. إنني أشد على يد وزير العمل وأطلب منه عدم التهاون في تطبيق أنظمة السعودة مهما كانت النتائج أو الاعتراض، ففي النهاية الوطن هو الرابح. ولا ننسى وزير التجارة والصناعة وهو يجاهد في جميع الاتجاهات ليرفع من مستوى خدمة وزارته وتسهيل المعاملات وتخفيف العبء على المراجعين ومحاربة الغش التجاري بوضع الاتفاقيات والخطط اللازمة لتعيين وتدريب مفتشين شرفاء يقومون بواجبهم حتى خارج الدوام وتطبيقه النظام في حصول المُبلّغ عن غش تجاري على نسبة 20 في المائة من قيمة البضاعة المصادرة وكذلك محاربة التستر بالتشهير والمتابعة والعمل على تعديل نظامه والعديد من أنظمة وزارته، وستظهر النتائج سريعا بإذن الله. ومع ذلك نرى بعض الصحف تجعل من الحبة قبة وكأنه لم يقدم شيئا للوطن، وهذا أسلوب محبط وغير عادل. هذا الوزير لا يمر أسبوع إلا يأتي بجديد، وآخر أعماله التوجه لفرض نظام للتقسيط والتمويل التأجيري يقوم على حساب النسب الحقيقية للفوائد، وبهذا سيخفض التكلفة على المتعاملين بهما ويحد من استغلال كما لا ننسى تطبيقه نظام صناديق الضمان للمشاريع العقارية، فكثير من العقاريين يبيعون الوحدات على الخريطة ويجمعون الأقساط ويتصرفون بها ويستثمروها دون متابعة، وبتحديد حساب ضمان لكل مشروع أصبح المواطن والمقيم المستثمر آمنا على أمواله إلى أن يتسلم شقته أو فيلته. وأتمنى الإسراع في تعديل وتشديد وتقوية أنظمة التستر بما فيها تقديم المكافآت الجزيلة للمبلغين وحمايتهم وتسفير المتعاملين بالتستر من غير المواطنين وحرمان المواطن المتستر من أي نشاط أو سجل تجاري أو صناعي أو إنشائي أو مقاولات ومصادرة أموال التستر. كل هذه التغييرات وتوظيف السعوديين لن يكون بغير تكلفة على الجميع. نعم قد ترتفع أسعار اللحوم أو المنتجات وغيرها، لكن هذه الزيادات ستكون معقولة ومدروسة ولن يجعل التضخم حياة المواطن والمقيم جحيما، ورواتب العمالة السعودية ستصرف في الوطن وأن التضخم دائما موجود مثل بقية الدول سواء بسعودة أو من دونها. وأتذكر عندما اتحدت ألمانيا الغربية والشرقية اضطرت الحكومة الألمانية إلى أن ترفع ضريبة الدخل من 45 إلى 60 في المائة فسألت المهندس الألماني أليس 60 في المائة نسبة عالية! واندهشت من رده لأنه قال الحكومة تحتاج إلى أن تعيد البنية التحتية المعدومة في ألمانيا الشرقية وكذلك تدريب وتأهيل الألمان هناك ليكونوا منتجين، لذلك فإن ذلك ليس بكثير في سبيل تطوير ألمانيا. أليس نحن أولى بتطوير وطننا وتحمل جزء من المسؤولية مع الدولة في أعمالنا وأرزاقنا، خصوصا أنه لا ضرائب علينا.
إنشرها