Author

توطين الوظائف ذات الرواتب المرتفعة

|
مواصلة لما كتب في المقال السابق الذي كان بعنوان ''البطالة تبدأ من التعليم'' وللردود والتعليقات التي وصلتني أحببت أن أواصل الكتابة في الموضوع نفسه لما له من أهمية بالغة على الاقتصاد الوطني والمجتمع أجمع. من التعليقات التي وصلت: هل الوظائف التى لدينا تحتاج إلى خريجي جامعات؟ استفسار يحتاج إلى التفكير. لو أخذنا على سبيل المثل موظفي وموظفات خدمة العملاء أو الصرافين في البنوك، هل هذه الوظيفة تحتاج إلى مهارات وعلم خريج جامعي من تخصصات علمية؟ الجواب لا، والسبب أن عملهم يقتصر على فتح حساب أو تحويل مبلغ أو بيع منتج من منتجات البنك، وهذه الأمور سهله لا تحتاج إلى أكثر من دورة في مدة لا تتجاوز سنة بالكثير، ويكون هذا الموظف قد فهم جميع العمليات البنكية التي تخص الأفراد .. فلماذا لا يوظف خريجو المرحلة الثانوية في هذه الوظائف بعد أن يتم تدريبهم لمدة سنة؟ ويبدأ الشاب أو الشابة مشوار الحياة في عمر مبكر18 أو 19 سنة وبهذا نحل كثيرا من المشكلات الاجتماعية ومنها تأخر الزواج. ومن وجد في نفسه قدرة وطموحا يستطيع أن يواصل الدراسة بنظام الدوام الجزئي أو التعلم عن بُعد، ويجب على الكيانات الاقتصادية أن تحترم هذه الشهادات، خصوصاً إذا كانت من جامعات ذات تصنيفات متقدمة. أما حملة الشهادات فيكونون في الوظائف التي تحتاج إلى ذلك، بهذا نكون قد استفدنا فعلاً من المبالغ التي تصرفها الحكومة على التعليم العالي. ودليل أن هذه التجربة ناجحة ولا تحتاج إلى هذا العدد الكبير من الخريجين، في شركة أرامكو السعودية الأغلبية العظمى من موظفي هذه الشركة العملاقة هم تحت ما يسمى –3 to 10- وهذه درجات وظيفية لمن لا يحمل الشهادة الجامعية، لكن بتدريب متقن ورواتب مجزية تتناسب مع متطلبات الحياة استطاع أبناء هذا الوطن تشغيل أكبر المصافي في العالم. أستغرب من مؤسسة التعليم الفني والمهني في المملكة كأن من وضع المناهج والتخصصات في هذه المعاهد لا يعيش معنا، المملكة دولة نفطية، وهي من أكبر الدول المصدرة للنفط، وكذلك من أكبر الدول المنتجة للصناعات البتروكيماوية، ولسنا دولة تصدر السيارات ولا توجد لدينا مصانع للسيارات، لكن لدينا مصاف للبترول وحقولا نفطية لا أفهم سبب تركيز المؤسسة على تخصص ميكانيكا السيارات مثلاً، وأستغرب أكثر أن الدراسة في معاهد وكليات المؤسسة باللغة العربية، كان من الأفضل أن تقوم هذه المؤسسة بالتدريب على التخصصات البترولية والصناعية لأن هذه التخصصات تضمن حياة كريمة للمواطن السعودي، ولا أعتقد أن تخصص السيارات مثلاً سيوفر للشاب السعودي حياة كريمة يستطيع من خلالها أن يحصل على مسكن. وهنا نشكر وزير العمل على الجهد الذي يقوم به في محاولة توطين الوظائف ورفع عدد المواطنين داخل الشركات أو الكيانات الاقتصادية في هذا الوطن الغالي، لكن نتمنى أن يكون التوطين على سلم الرواتب وليس فقط عددا في الشركات، أو كما يسمى اليوم توطين وظائف رجال الأمن، يجب أن يكون التوطين في الوظائف ذات الرواتب المرتفعة. أقول لمعالي وزير العمل وللجهات ذات العلاقة: اليوم ومن قبل أكثر من 75 سنة ونحن نستقطب الأجانب ليساعدونا على استخراج النفط، وأغلبهم يأتي بما يسمى خبيرا أو مستشارا.. وهل تعلم أن هذا الخبير لا يملك أكثر من شهادة ثانوية وخبرة في المجال ويحصل على راتب يومي قدره 900 دولار؟ نعم راتب يومي وليس شهريا، وهذا الراتب يعادل راتب رجل أمن مدة شهر كامل، بعملية رياضية بسيطة يكون راتب هذا الأجنبي 607500 ريال في السنة، وكما لا يخفى عليكم أن طبيعة عمل موظفي الحقول شهر عمل وشهر إجازة، ولا أعتقد أن طبيعة هذا العمل يعجز أن يقوم بها الشاب السعودي لو تم تدريبه تدريب جيدا وأعطي الفرصة. ولا أعتقد أن تدريب السعوديين في هذا المجال يتطلب الكثير. كبرى شركات البترول موجودة داخل هذا الوطن الغالي، كل ما نحتاج إليه هو التنسيق بين المؤسسة العامة للتدريب ووزارة العمل وهذه الشركات حتى تقوم بتدريب الشباب بدعم من ميزانية مؤسسة التدريب الفني والمهني وإشراف وزارة العمل. مقترح آخر: لماذا لا تكون لدينا هئية للتدريب والتوظيف ويكون مجلس إدارة هذه الهيئة مكونا من أكبر خمس شركات في المملكة ووزير العمل ومحافظ المؤسسة العامة للتدريب الفني والمهني، ويكون هدف هذه الهيئة إحلال الوظائف ذات الرواتب الجيدة والمرتفعة التي يشغلها أجانب بسعوديين مدربين أكفاء لهذه المناصب، وبهذا نضمن للمواطن عيشا كريما في هذا البلد الغالي ونوقف تصدير الأموال إلى الخارج.
إنشرها