فتح دمشق في رمضان

فتح دمشق في رمضان

كان الناس إلى عهد قريب يستقبلونه استقبال الفاتحين, وكانوا ينتظرون قدومه بقلوب متلهفة وبأرواح ظمأ. فهو شهر نسمو فيه للمعالي والانجازات , وفيه أيضا تهذيب للعادات والشهوات المتأصلة في النفوس البشرية . إنه شهر تُهزم فيه شهوة الجسد لتنتصر نشوة الروح. وقد كانوا في أزمنة مضت يستعدون لقدومه بأشهر, فهو عندهم حبيب قد طال انتظاره إنه شهر رمضان. ولكن على النقيض من ذلك فهم اليوم أصبحوا يستعدون له بالمسلسلات والبرامج المسلية !, كأنه شهر للعروض والتنافس بين المحطات الفضائية , وإذا لم نتفطن لذلك فربما يأتي يوم يجعلون جوائز اوسكار لأفضل ممثل وممثلة لمسلسلات شهر رمضان ! . ومن المتناقضات الأخرى هو ذلك الزحام المخيف على المطاعم و الأسواق الغذائية فيعتقد الذي يرانا من بعيد أننا لا نأكل إلا في رمضان !. فأصبح يُعرف بشهر البطون , حتى صار ذلك شعار وعذر لبعض الناس في النوم والخمول والتخمة المفرطة. بينما الأصل في شهر رمضان أنه شهر تدريب للجسم وتطهير لنفس , فهو محطة في السنة لشحن الهمم والعزائم ليس فقط للعبادات بل حتى لتهذيب العلاقات , وإنجازات المعاملات!. كل هذه المتناقضات و المشاهد الخاطئة عن رمضان تكونت عبر مفاهيم وسلوكيات متراكمة. وللأسف أننا استسغناه و تسهلنا بها .ولكن لو تأملنا قليلا في تاريخنا العبق لوجدناه مليء بصور الانجازات وخصوصا في رمضان . وأعظم انجاز على مر العصور البشرية هو ذلك الانجاز الروحي بنزول كتاب تقشعر منه الأبدان , وتهتز منه الأرواح , فقد قال عنه سبحانه وتعالى "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ". ومن الانجازات المبهرة هي تلك التي حدثت في اليوم السابع عشر من رمضان , من السنة الثانية للهجرة فقد وقعت المعركة الكبرى والأهم على الإطلاق , إنها معركة بين الحق والباطل , والتي تمثل الصراع الدائم بين الخير والشر, إنها معركة الأرواح قبل الأجساد , هي معركة البدر المضيء في تاريخ الإسلام . وبعدها بست سنوات أنجاز آخر لا يقل أهمية وعظمة عن الذي قبله, ففي الثامن من رمضان كانت معركة فتح الفتوح , وبداية النهضة الحضارية للعالم أجمع , تلك هي معركة فتح مكة بل هي فتح للقلوب والعقول بعد قرون من الجهل والظلام. وتستمر البطولات المشرقة في شهر رمضان من عمّورية إلى عين جالوت مرورا بفتح القسطنطينية , وحتى العاشر من رمضان من عام 1393للهجرة حيث تحطمت أسطورة خط بارليف الذي لا يقهر. وإن شاء الله سيكون فتح دمشق والشام في شهر رمضان المبارك . لنحاول أن نبدأ ببناء صورة ذهنية وعملية لهذا الشهر على إنه شهر انجازات على المستوى الشخصي والأسري والاجتماعي وتلك هي اللبنة الأساسية للمجتمع . أعاده الله عليكم بالبركات والانجازات.
إنشرها

أضف تعليق