Author

معالي الوزير.. لماذا يأتيكم رمضان دائماً مفاجئاً؟

|
معالي وزير التجارة، كالعادة كل عام يأتي الشهر المبارك مفاجئاً. يمسك بعض التجار الذين يعتبرون رمضان موسماً للتربح السريع بآلاتهم الحاسبة لامتصاص أكبر قدر من أرصدة المواطنين والوافدين في هذه المناسبة ''السعيدة''. أما البعض الآخر ممن درجوا على التربح والتكسب واستغلال حاجة المستهلك إلى المواد الغذائية، خاصة اللحوم والسكر والأرز والحليب، فليس لديهم علم باختفاء المواد الغذائية من السوق، وكأن مفردتي ''التخزين'' و''التجفيف'' غريبة عليهم، بينما هم في حقيقة الأمر يستهدفون استنزاف آخر ريال في جيوب المستهلكين. لا بد أنه قد نما لعلمكم معالي الوزير أن بعض التجار استعجلوا الوقت فسبقوا مفتشي الوزارة إلى الأسواق وسارعوا برفع الأسعار بنسب متفاوتة استعداداً لرفعها بقدر ما يستطيعون كما اعتادوا عليه قبل حلول الشهر الكريم في كل عام. أشك أن معاليكم تقومون بشراء ''مقاضي رمضان'' بأنفسكم، لذلك كلي عشم أن يتسع صدركم لسرد بعض الحقائق الواقعية. في مكة وسكاكا بدأت بوادر ارتفاع أسعار المواد التموينية واختفاء بعض السلع تظهر في الأسواق مع اقتراب شهر رمضان وسأخص بالذكر الدقيق. بائعو الجملة يحملون صوامع الغلال ومطاحن الدقيق في مكة والجوف سبب تأخير تحميل الدقيق، ربما لأن رمضان جاء مفاجئاً. لكنك معالي الوزير إذا جلت في مصانع الدقيق فستجد كميات كبيرة متوافرة في المخازن والمستودعات. بل لدي معلومات أن مستودعات مطاحن الجوف تخزن أكثر من 180 ألف كيس من الدقيق ولا يوجد أي عجز في الإنتاج أو المبيعات. للمعلومية معالي الوزير كيس الدقيق الأبيض السعودي زنة خمسة كيلو جرامات سجل سعراً راوح بين ثلاثة وأربعة ريالات في الأحساء وتبوك وأبها، فيما ارتفع إلى ستة ريالات في بريدة والدمام ومكة المكرمة. نعلم تماماً أن بعض الارتفاعات في الأسعار تعود إلى المستورد الحصري الذي يغالي في السلعة، لكن إلى متى ''يفاجئ'' شهر رمضان المبارك وزارتكم الموقرة والهيئات الرسمية الأخرى المعنية بالتفتيش على الأسواق ومراقبة المعروض من السلع والأسعار؟ إلى متى السكوت عن التخفيضات الوهمية في بعض المتاجر المغرية بإعلاناتها الورقية الملونة كل شهر رمضان لتصريف السلع في أرفف المحال التجارية بعضها منتهية الصلاحية؟ أما التمور – الطبق الرسمي والمفضل للسعوديين في رمضان - فهي يا معالي الوزير حالة استثنائية، لأن بعض تجار التمور – كما فعلوا العام الماضي - يحذرون من تأخر موسم الرطب هذا العام. يعني سيكون رمضان شبه خالٍ من التمور؟ طيب ماذا عن رطب المدينة؟ ماذا عن رطب الخرج و''سكري'' القصيم و''خلاص'' الأحساء؟ هل اكتشفت وزارتكم الموقرة للتو أن استهلاك التمور في رمضان يتجاوز 25 في المائة من حجم إنتاجها السنوي؟ لا أعتقد أن الجهات الرقابية المعنية مهتمة كثيراً بالأمر، فمسؤولو الوزارة - أعانهم الله - لم يحركوا ساكناً عندما تم بيع كيس الأرز زنة 40 كيلو جراما (ماركة) أبو كاس هذا الأسبوع في الرياض بـ 203 ريالات وفي الدوادمي بـ 222 ريالاً. كذلك لم يتحرك المسؤول عندما سجل كيس سكر الأسرة وزن 50 كيلو جراما في الدمام 144 ريالاً وفي الطائف 185 ريالاً. من المعروف أنه لا سلطة لوزارتكم على الإعلام، لكن النهم الإعلاني غير المسبوق لا يتماشى مطلقاً مع هذه الأسعار في غياب تام وضعف أداء المراقبين الذين لا يهتمون كثيرا بمراقبة الأسواق أو مراجعة قوائم الأسعار. أما الخضراوات فهي حكاية أخرى. يبرر التجار ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة – التي تباع على مدار السنة - إلى ما يقارب من 60 في المائة في شهر رمضان لزيادة تكلفة النقل والتبريد للمحافظة عليها. المستهلك يريد من وزارة التجارة تفعيل الهيئات الرقابية للإشراف على الأسواق من المزارع والموزع مرورا بالتاجر. من غير المعقول أو المقبول أن تزداد الأسعار كما كان الأمر في رمضان العام الماضي بين 40 و70 في المائة لأغلبية الأصناف. من غير المقبول معالي الوزير تبرير بعض أصحاب محال الجملة ارتفاع أسعار بعض المواد التموينية في شهر رمضان - الذي جاء مفاجئاً - بزيادة الطلب وقلة العرض لهذه المواد، أو بسبب صعوبة نقلها من المصدر إلى الأسواق أو لارتفاع أجور الشحن. بما أن المواد الغذائية متوافرة والعروض الإعلانية كثيفة .. فلماذا المغالاة والمزايدة؟ لماذا يظل المستهلك رهينا لبريق الإعلانات المغرية ويدفع لذلك ثمناً باهظاً؟ أعلنتم يا معالي الوزير عن قرب انتهاء الوزارة من رصد أسعار السلع الاستهلاكية الرمضانية منعا لأي تلاعب في أسعارها من تجار التجزئة مع وعدكم بتطبيق أقصى العقوبات على المغالين. نريد أن نقرأ بياناً منكم شخصياً - قبل أن يفاجئكم رمضان - تحذرون فيه التجار من التلاعب بالأسعار أو انتهاز فرصة زيادة الاستهلاك خلال الشهر الفضيل. ليس هذا فحسب، نريد من الوزارة فرض عقوبات صارمة ضد أي تلاعب أو إخلال بقائمة الأسعار المحددة للوزارة والتشهير وفرض غرامات مالية وإغلاق محال المتلاعبين بالأسعار تطبيقا للأوامر السامية بهذا الخصوص. يترقب المواطن أفعالاً وليس أقوالاً تماماً كالإجراء الذي اتخذته وزارة التجارة العام الماضي بإرغام أكبر شركتين لمنتجات الألبان على العودة عن قرارهما برفع الأسعار. ختاماً أسمح لي معالي الوزير أن أنوه بتجربة أبو ظبي من حيث ضبط الأسعار وتوفير السلال الرمضانية للسلع. تجري وزارة التجارة الإماراتية جولة من الاجتماعات التنسيقية على مستوى إمارات الدولة قبل حلول الشهر الكريم بفترة طويلة بهدف الوقوف على آخر الاستعدادات والمبادرات التي تعدها منافذ البيع لتقديم كل السلع الاستهلاكية خلال شهر رمضان وبأسعار في متناول الجميع. كل هذا ورمضان يهل علينا جميعاً ضيفاً عزيزاً كريماً وليس مهاجماً مفاجئاً مباغتاً.
إنشرها