Author

«أرامكو» والأراضي المحجوزة

|
في تقرير نشرته صحيفة ''الاقتصادية'' بتاريخ 7/6/1433هـ الموافق 28/4/2012، أرجع بعض المتعاملين في القطاع العقاري أزمة الأراضي السكنية في المنطقة الشرقية إلى الأراضي التي تحتجزها بعض الجهات الحكومية وشركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) التي قدروها بنحو 140 مليون متر مربع. وطالب هؤلاء المتعاملون بفك حجز نحو 50 مليون متر مربع كمرحلة ابتدائية لتلبية الطلب المتزايد على الأراضي السكنية، وبالتالي الشروع في حل أزمة السكن. وزعم بعض هؤلاء المتعاملين أن محجوزات شركة ''أرامكو'' السعودية أسهمت بشكل كبير وملموس في توقف التمدد العمراني في المنطقة الشرقية، حيث تتحكم الشركة حسب تقديرهم في أكثر من 50 مليون متر مربع في مواقع مهيأة لأراض سكنية بين الأحساء وبقيق والدمام والجبيل. وأشار بعضهم إلى أن وزارة البترول والثروة المعدنية وغيرها من الجهات الحكومية لم تستجب لمطالبات العقاريين بشأن فك بعض هذه المحجوزات. وفي تصريح نشرته بعض الصحف المحلية بتاريخ 3/8/1433هـ الموافق 23/6/2012 أكد المهندس خالد الفالح رئيس شركة ''أرامكو'' السعودية أن محجوزات ''أرامكو'' من الأراضي تعد جميعها مناطق مهمة وحيوية لإنتاج النفط السعودي وأن تلك المحجوزات توجد فيها خطوط وآبار نفط وتحوي مواد قابلة للاشتعال ومواد خطرة جدا منها غاز كبريتات الهيدروجين الموجود في الأنابيب تحت المحجوزات، مؤكداً أن المحجوزات أيضاً تضم احتياطياً نفطياً كبيراً. وأضاف: هناك كميات من الاحتياط النفطي والغاز تحت حقل الدمام الممتد عبر (الدمام - الظهران - الخبر) وحقل القطيف الممتد (من سيهات إلى شمال الجعيمة)، وأن تلك الاحتياطات مهمة ويمكن أن تضيع إذا لم تستطع الشركة حمايتها للأجيال المقبلة، إلى جانب حقل الجبيل البري وهو أكبر حقل، وأن استغلال هذه الاحتياطيات مسؤولية الشركة والحكومة. وبين أنه إذا تخلت الشركة عن محجوزات لجهات حكومية وأفراد فإن ذلك يعني هدر هذه الاحتياطيات المهمة من النفط والغاز والتي هي أساساً ثروة وطنية للأجيال المقبلة. وأن شركة أرامكو لا يمكن أن تضحي بهذه المحجوزات على حساب مستقبل الاقتصاد الوطني والأجيال المقبلة. هنا لنا وقفة للتعليق فنقول إن هذا الموضوع تحكمه اعتبارات قانونية مهمة يمكن إيجازها على النحو التالي: أولاً: ملكية الدولة لجميع الثروات الطبيعية بما فيها الثروات النفطية والمعدنية، حيث قررت المادة (14) من النظام الأساسي للحكم على ما يلي: (جميع الثروات التي أودعها الله في باطن الأرض، أو في ظاهرها، أو في المياه الإقليمية، أو في النطاق البري والبحري الذي يمتد إليه اختصاص الدولة، وجميع موارد تلك الثروات، ملك للدولة، وفقاً لما يبينه النظام. ويبين النظام وسائل استغلال هذه الثروات، وحمايتها، وتنميتها لما فيه مصلحة الدولة وأمنها واقتصادها). ثانياً: إن شركة ''أرامكو'' السعودية تقوم بالبحث والتنقيب واستخراج وتسويق وبيع النفط والغاز وإقامة المصافي وغير ذلك من الأعمال المتصلة باستثمار هذه الثروات الطبيعية بموجب اتفاقية امتياز مبرمة مع الدولة. وبموجب هذه الاتفاقية يكون لشركة ''أرامكو'' حق الانتفاع من الأراضي المحجوزة الداخلة ضمن نطاق امتيازها طالما أنها تحتوي على ثروات نفطية وغازية أو أنها لازمة لتنفيذ أعمالها ومشروعاتها. وسواء ظلت ملكية هذه الأراضي للدولة أو انتقلت ملكيتها إلى الأفراد بالمنحة أو البيع لأن انتقال الملكية إذا حدث لا يكون كاملاً بل ناقصاً لأنه ينحصر في نقل ملكية الرقبة فقط ولا يشمل انتقال ملكية المنفعة التي تظل لشركة ''أرامكو'' حتى تتخلى عنها إذا قدرت أنها لم تعد لازمة لأعمالها ومشروعاتها. ثالثاً: حتى ولو سلمنا جدلاً بصحة الرأي القائل إن من شأن محجوزات ''أرامكو'' المساهمة في عدم القدرة على مواجهة الطلب المتزايد على الأراضي السكنية فإن الضرر الناشئ عن استمرار حجز هذه الأراضي يعد ضرراً خفيفاً بالقياس إلى الضرر الفادح والخطير الذي سيلحق بالاقتصاد الوطني إذا تخلت ''أرامكو'' عن هذه المحجوزات دون مسوغ اقتصادي أو فني، والقاعدة الشرعية تقضي بأن (الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف). أخيراً أقول: ''أيها العقاريون لا تمدوا أعينكم إلى محجوزات ''أرامكو'' فإنها خط أحمر''.
إنشرها