Author

ما الذي يحتاجه مِنّا الراحلون؟

|
- أهلا بكم في ''مقتطفات الجمعة'' رقم 442. *** - حافز الجمعة: لنجمع كل أحزاننا ونجعل منها وقودا للانطلاق الى تحديات أكبر لبناء أمتنا، وليس تجميعها لتكون سدا يمنع الانطلاق. *** - كان الأسبوع الماضي سيلا من المشاعر الحزينة والمترقبة بعد وفاة الأمير نايف بن عبد العزيز - يرحمه الله - كان الراحلُ يملأ ليس مكانا واحدا في غاية الأهمية والحساسية، بل يملأ أماكن متعددة في غاية الأهمية والحساسية، رحيلُه ترك فراغا كبيرا تعود أن يأخذ حجمَ الأمير نايف ويعمل بحدود رأيه، ويتشكل بإدارته الشخصية.. رغم أهمية هذه الفراغات يجب أن تُملأ، ويجب أن نؤمن بأنها ستملأ بشكل أكثر مما كانت عليه لأن طبيعة الحياة تكمن في الحركة المتطورة، فالسكون والثبات شيءٌ كالموت.. وانقشعت غيمة الترقب بأمرٍ متوقع بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد مع الاحتفاظ بوزارة الدفاع، الذي سنجد فيه رجلا صاحب معرفة مدنية تساعد وقت إدارة الأزمات متى - لا قدّر الله - اشتعل صراع. ولديه إمكانيةٌ ردعيّة تُحقِّق التحكم كي لا يشتعل صراع. *** - تزاحمت المحطات والصحف لاستضافة متحدثين، والمتحدثون يعيدون رواية أعمال يعرفها السعوديون عن الأمير نايف - يرحمه الله - وبعضهم يذهب به الحزن والمبالغة بالكلام والوصف فيشط.. كنت أقول لمن يستدعوني بارك الله بهم وبنواياهم: ''ألا تتركون الناسَ لممارسة حزنهم؟! فذاك حقُّهم''. من حق الناس أن يحزنوا ذاك الحزن الذي يجعل القلوبَ تضمر الدعاءَ، وتنطلق الألسن للجهر بالدعاء. أفضل ما يحتاج إليه منا راحلٌ حبيبٌ هو الدعاءُ. للأمير نايف - يرحمه الله - أعمالٌ هي تتحدث عنه، وأرى أن كثرة الكلام والمقابلات قد تجعل الناس لا يتابعون المكرر أو يلهيهم عن الأوجب وهو الدعاء. أمي قالت لي لما استشرتها: ''يا بني لا أقوى ولا أنفع من الدعاء الصادق، ويكفيه أن الحرمَ فاض عن آخره في الصلاة عليه'' أمي تقول: ''من يريد أكثر من هذا؟'' لذا.. رأيتُ الدعاءَ أوجب. *** - الراحلُ الشاب ''حمد'' ابن الكاتب المعروف ''تركي الحمد'' أعرفه من يفاعته، وكان يلفتني بصلاحه وتقواه، وجاءني على ''التويتر'' من أستاذه يقول: ''كان من أفضل تلاميذي وأكثرهم صلاحا'' أبناء الدكتور تركي الحمد أبناءٌ صالحون حرصت والدتهم الفاضلة - يرحمها الله - على دراستهم الدينية بالحلقات والمدارس، إن تركي الحمد بـ ''خصوصيته'' الأبوية ببلدٍ كبلدنا كان يمكنه لو أراد أن يمنع تربية كهذه. أعرف شخصيا أن الأب حرص على متابعة أبنائه بمدارسهم ذات الطابع الديني، وإن لم تخني الذاكرة فهي مدارس نور الإسلام في مدينة الدمام. ''حمد'' - يغفر اللهُ له - كان قد توج اجتهادَه بشهادة الماجستير بعد حضوري من واشنطن، يعتب بحب لأني لم أزرهم بكندا، وتواعدنا على اللقاء، ولم يأتِ.. رحل لمكان أسمى. اللهم ارحم عبدك ''حمد التركي''، واغفر له، وضمه بإذنك ومشيئتك مع والدته في رياض الجنان، وصبّر أباه وإخوته ورسخ ثباتهم وإيمانهم.. آمين. *** - علوم: منذ مدة كان بودي أن أتحدث بالقليل مما أعرف عن المادة الكونية المظلمة والطاقة المظلمة وهما من أكبر أسرار الكون، وسكت عنها كثيرون لمدة بعد النظريات الرياضية الفلكية المسماة ''اللانهائية'' التي ترنم عليها الدهريون المؤمنون بالوجود من ذاته.. تثبت حركات جاذبية مرصودة بين المجموعات الصغيرة في الكون كمجموعتنا ثم المجرات والسدم التي لا يعرف لها رقمٌ حتى الآن (دلالة على خلق عظيم) أن هناك تراتبا هندسيا محسوبا وإن كان غامضا بأن الكواكب لا تفلت من مداراتها. كواكبنا الزميلة لا تفلت من الحساب الدقيق موضعا وزمانا حول الشمس وحول الكوكب، وحول تجاذب الكواكب لبعضها، وكذلك زيليونات المجرات والسُدُم. هناك قماشة كونية أمثلها بأن تأخذ بالونة وتضع عليها نقاطا ثم تنفخ البالون وستجد أن النقاط تتباعد عن بعضها ليس بفعلها وإنما بفعل تمدد المادة أو النسيج، وهذا سدد ضربة موجعة للانهائيين، فما يتسع يعني أنه بدأ أقل، وسينتهي أقل حتى يندثر.. العلماء لا يعرفون كيف هذا التوسع بالدقة، ولنعد للبالون: هل الطاقة هي التي باعدت بين الأجرام الكونية أي النفخ ذاته؟ أم هو ذات النسيج المتمدد؟ عملية عصية حتى الآن لذا يرسل الأوروبيون مسبارا لاكتشاف الكون الآخر، والأكبر.. الكون المظلم. *** - والمهم: بإذن الله، حبيبنا الذي نحزن لفقده بحياة فانيةٍ نراها، هناك آخرون يبتهجون لانضمامه إليهم بحياةٍ خالدةٍ لا نراها. في أمان الله..
إنشرها