Author

أيها الشباب.. احذروا «الدبلومات»

|
أكد وزير الخدمة المدنية أن وزارته تبذل أقصى جهدها لتوفير الوظائف لخريجي ''الدبلومات''، خصوصا الصحية منها، التي تتناسب مع مؤهلاتهم وسوق العمل. جاء ذلك عقب مشاركة معاليه في تدشين المبنى الجديد لفرع الخدمة المدنية في منطقة جازان، أمس الأول. وقال: ''إن توظيف الخريجين يحظى باهتمام الوزارة لذلك أقضي ثلث وقتي في إيجاد حل للمشكلة''. وأضاف الوزير أن الوظائف المتاحة حاليا هي للنساء فقط، وقد أحالت الخدمة المدنية بيانات الخريجين كافة إلى اللجنة المختصة لإيجاد حل عاجل لها. وطالب عدد من خريجي جامعة جازان من كليات المعلمين سابقا وخريجي الحاسب الآلي، فضلا عن عدد من خريجي الكليات الصحية ممن لم يجدوا تخصصهم في موقع ''جدارة''، بمقابلة وزير الخدمة المدنية أثناء زيارته المنطقة لإيصال شكواهم وإبداء تذمرهم لتأخر تعيينهم. وأوضح لوسائل الإعلام عدد من خريجي التخصصات الصحية أنهم التحقوا بالمعاهد الصحية بعد إعلان وزارة الصحة حاجتها إلى ''الدبلومات'' الصحية بجميع تخصصاتها، وختموا تصريحهم بقولهم: ''لقد فقدنا البوصلة التي تحدد اتجاهاتنا ولا نعلم إلى أية جهة نلجأ''. ونحن نضم أصواتنا إلى أصواتهم ونطالب بحقهم في التعيين والتوظيف واستثمار تعب الأيام وغربة السنين، فليس هناك أي مبرر يحرمهم حقهم في كسب معيشتهم، ولا ندري لماذا تختلق جهات التوظيف المبررات لتأخير تعيينهم وتبالغ في المسكنات؟ فالوزير يقول إنه يقضي ثلث وقته في إيجاد حل لهذه المشكلة، ومديرو الفروع يقولون إنهم يحتوون غضب الخريجين ويرفعون شكواهم إلى الوزارة. لا ندري لماذا لم تتخذ خطوات عملية واضحة يشارك فيها حملة ''الدبلومات'' أنفسهم حتى يعرفوا بالضبط مشكلتهم وتعرف المؤسسات الأكاديمية مستوى جودة برامجها. يقول خريجو ''الدبلومات'' الصحية إن هناك ما يقارب 52 ألف أجنبي يعملون في مستشفياتنا منذ أمد، وجميع خريجي ''الدبلومات'' الصحية من السعوديين لا يتعدون 28 ألف خريج. ليس هذا فقط، بل هناك نسبة لا يستهان بها من المتعاقدين العاملين في وزارة الصحة والقطاع الخاص الصحي ليس لديهم مؤهلات، وجزء آخر مؤهلاتهم مزورة. واعترفت وزارة الصحة بهذه الحقيقة قبل نحو أسبوعين عندما نشرت في الصحف المحلية عن بعض الاختراقات، وأن هناك أعدادا كبيرة من مزوري المؤهلات الطبية تم رصدها وأن الوزارة تخشى أن هناك أعدادا أخرى قد تسللوا منذ فترة طويلة وهم يعملون في القطاع الصحي الحكومي والخاص واكتسبوا الخبرة عن طريق المحاولة والخطأ. والسؤال الذي يفرض نفسه: كيف ترضى وزارة الصحة بأن تستقطب المزورين من غير السعوديين وترفض توظيف السعوديين بحجة عدم كفاءتهم؟ كما لا ننسى أن وزارة الصحة هي التي تسببت في تفاقم الأزمة، بل هي التي أخرجتها إلى الوجود، فهي التي تعلن عن حاجتها إلى فنيين وأخصائيين في بعض التخصصات الصحية والإدارية فتقوم المؤسسات التعليمية، ومنها مؤسسات تعليمية تتبع وزارة الصحة، بتصميم برامج تناسب حاجة الوزارة، وما إن يتخرج الطالب حتى تطالبه باجتياز اختبار هيئة التخصصات الطبية ثم يقدم ما يثبت ممارسته العمل الصحي في أحد المستشفيات، وبعد كل هذا تخبره بأنها لم تعد في حاجة إلى فنيين، بل إلى أخصائيين، فإن أراد أن يظفر بذلك فعليه أن يحصل على البكالوريس، فالدبلوم قد عفى عليه الزمن. فيقترض الخريج (صاحب الدبلوم المشؤوم) من والديه ويتسول الناس من أجل أن يحصل على درجة البكالوريس، فالجامعات الحكومية لا تقبله بحكم الانقطاع عن الدراسة لسنوات عدة أو لعدم وجود برنامج مماثل أو لعدم اعتماد الدبلوم الذي حصل عليه، فليس أمامه في هذه الحالة سوى المؤسسات التعليمية الخاصة. أما ''الدبومات'' الأخرى غير الصحية فأمرها لا يقل سوءا. يتخرج الطالب في كليات المجتمع أو كليات التقنية التي غصت بها كل منطقة ومدينة وقرية وما إن ينهي متطلبات التخرج ويحصل على المؤهل حتى يجد نفسه في العراء أسوأ مما كان عليه، فلا يستطيع أن يقدم نفسه على أنه طالب ثانوي ولا هو خريج بمؤهل جامعي يستطيع أن يفاوض على وظيفة مرموقة، فالدبلوم الذي حصل عليه أخرجه من المفاضلة وأصبح ينظر إليه على أنه عالة على نفسه وعلى أهله وعلى الدولة، بينما هو في منتصف الطريق ينظر إلى الخلف تارة وإلى الأمام تارة أخرى حتى تقطع الحسرة قلبه عندها يدرك أن مستقبله كان ضحية خطط فاشلة دفع فاتورتها هو وحده ومن هم على شاكلته. وبعد أن يبقى سنين يندب حظه يقرر أن يفعل شيئا فيقوم بتغيير تخصصه ويلتحق بالتعليم من جديد منتسباً إلى الجامعات التي تقدم مثل هذه الخدمة، ويبدأ مرحلة جديدة من حياته وقد قارب الثلاثين من عمره يلتحق بإحدى مؤسسات التعليم العالي يبقى فيها أربع إلى خمس سنوات حتى يحصل على مؤهل جامعي. وعندما يصل إلى هذا لا يدري هل يسدد الديون التي تراكمت عليه جراء الحصول على الشهادة الجامعية أم يبحث عن عمل لائق بالمؤهل الجديد؟ إلا أنه يجد الأمور أعقد مما تصور، فالحصول على عمل في مثل هذه السن صعب للغاية رغم أن لديه دبلوما في الحاسب على سبيل المثال وبكالوريس في إدارة الأعمال، لكنه يفتقد الخبرة واللغة الإنجليزية، وكتابة التقارير بلغة برايل، والسباحة عكس التيار ومن هذه الشروط التعجيزية التي تتعمد الشركات وضعها أمام طالبي العمل. إن موضوع ''الدبلومات'' هي بالفعل مشكلة وستتفاقم في السنوات القليلة المقبلة، لذا يجب على جهات التوظيف أن تأخذ الموضوع بجدية وأن تتعاون مع المؤسسات التعليمية والوزارات المعنية حتى يخرجوا أبناءنا من هذه الأزمة التي أوقعوهم فيها وقضوا على مستقبل كثير منهم. أما الشباب فأقول لهم احذروا ''الدبلومات'' فإما أن تسعى للحصول على مؤهل جامعي أو أن تبقى بالثانوية العامة.
إنشرها