تولى قيادة جهود جبارة أحبطت مخططات إجرامية في المشاعر

حين تحاكي شخصية الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله - ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، يتراءى إلى ذهنك مقدرة هذا الرجل على استلهام الفكر وبلورة خطة نجاح الحج لأكثر من 40 عاماً مضت.. وحين تدلف ببصرك أيضاً نحو السكون والهدوء الذي يعتري مظهره رحمه الله، يتأكد لك أن في شخصيته اختزل وانطوى العالمُ الأكبر، وسقطت أمام عينيه مخططات الإجرام التي استهدفت ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة أو الحرم المكي الشريف.

التأهب العسكري
منذ نحو 40 عاما مضت يقف الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - في يوم مشهود ليعلن من المشاعر المقدسة اكتمال استعدادات المملكة لخدمة ضيوف الرحمن، تلك الاستعدادات الأمنية الهادفة صوب تعزيز الأمن والطمأنينة لأعظم وأضخم تظاهرة في العالم أجمع, ألا وهي موسم الحج، حيث لم يغب الأمير نايف طوال العقود الماضية عن هذه المناسبة، حرصا منه على الوقوف عند حدود التأهب العسكري، مانحا بهذه الجولة التفقدية كتلة من الحماس والتفاني في نفوس كل رجال الأمن المشاركين في تنفيذ خطط الحج الذين يربو عددهم على 100 ألف رجل أمن.

الحس الأمني
الأمير نايف رجلٌ يميزه عن غيره جدلية الفكرة، وإثراء النقد، مستمعٌ جيد، يفكر في المشكلة بعمق، فيرد برؤيةٍ ثاقبة الابتكار، ويؤكد مجدداً أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، حيث حرص الأمير نايف على تنمية رجل الأمن مهاريا بما يضمن أداءه مهام عمله على أكمل وجه, ليكون رجل الأمن السعودي في العصر الحديث، ممتلكا كل مقومات الحس الأمني التي تمكنه من الإلمام بتفاصيل مهارات الدفاع والقتال والمواجهة تحت أي ظروف ومع أي فئة تستهدف المساس بالأمن.

الحج والحجيج
ومن المشهود عن الأمير نايف حرصه على مصلحة الحج والحجيج، حيث أكد خلال ترؤسه اجتماع لجنة الحج العليا أواخر الشهر الماضي وقبل مغادرته - رحمه الله - في رحلته العلاجية المبرمجة مسبقاً، على جميع حاضري الاجتماع، مضاعفة الجهد واستكمال الاستعدادات والتجهيزات كافة لاستقبال موسم حج هذا العام بجاهزية عالية، والاستفادة في سبيل تحقيق ذلك من نجاحات مواسم الحج السابقة، وما تمت ملاحظته على تنفيذ خطط الأجهزة الحكومية والأهلية المشاركة في موسم حج العام الماضي.

الخدمات والتسهيلات
انتقل إلى رحمة الله تعالى الأمير نايف وهو يتطلع إلى إحداث نقلة نوعية في مستوى الخدمات والتسهيلات التي ستقدم خلال موسم حج هذا العام في ظل ما يحظى به موسم الحج من دعم ورعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وحرصه - رعاه الله - على تمكين حجاج بيت الله الحرام والزوار والمعتمرين من أداء شعائرهم بكل يسر وسهولة وأمن واطمئنان وفي أجواء مفعمة بالسكينة والإيمان منذ وصولهم إلى الأماكن المقدسة وحتى انتهائهم من أداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام وعودتهم إلى أوطانهم سالمين غانمين بإذن الله تعالى.

إخلاء مشعر منى
وكان جدول الاجتماع الأخير للأمير نايف - رحمه الله - يتضمن بحث عدد من الموضوعات ذات الصلة بشؤون الحج وتمكين الحجاج من الاستفادة من الخدمات والتسهيلات التي وفرتها لهم حكومة خادم الحرمين الشريفين وجند لتقديمها بمستويات عالية من الجودة والأداء آلاف الكوادر البشرية المؤهلة للقيام بهذه الرسالة السامية.
ومن أهم تلك الموضوعات التي بحثها الاجتماع ما يتعلق بإخلاء مشعر منى من موقع الدوائر الحكومية التي لا تقدم خدمات أساسية مباشرة في الحج، وذلك لإيجاد مساحات إضافية تزيد من الطاقة الاستيعابية لإسكان الحجاج بهذا المشعر، كما تم بحث مقترح تنفيذ المسار الشمالي لقطار المشاعر بهدف نقل أعداد أكبر من الحجاج بين المشاعر المقدسة في زمن قياسي وتنويع وسائل التنقل بين المشاعر.
مسؤولية خدمة الحج
لن يستطيع أحد أن ينكر جهود الأمير نايف كمهندس للحج وزارع لثقافة خدمة الحجاج شرف لنا، معتمدا بعد عون الله على سواعد أبناء البلد في العديد من المجالات والتخصصات وخاصة جنوده من منسوبي وزارة الداخلية. وكما قال رحمه الله في أحد مواسم الحج: ''إن المملكة العربية السعودية تتولى أكبر مسؤولية في العالم وهي مسؤولية خدمة الحج والحجاج في كل عام وخدمة الملايين من ضيوف الرحمن من جميع دول العالم''.

أمن الحج
كان الأمير نايف - رحمه الله - يؤمن بأن خدمة الحجاج واجب شرفنا الله به، لذا نرى الجهد الكبير الذي يبذله في سبيل أمن الحجاج والمعتمرين والزائرين والحفاظ على سلامتهم والسهر على رعايتهم وتيسير السبل لهم ليؤدوا شعائرهم في أمن ويسر واطمئنان.
من هذا المنطلق يمكن القول: إن ما تقوم به الأجهزة الأمنية في كل عام يمثل منجزا عالميا بكل المقاييس, فمن عام إلى آخر يخرج الحج في ثوب النجاح القشيب ويؤدي المسلمون نسكهم في أمان وهدوء.

العرقية والطائفية
لقد جعل الفقيد - رحمه الله - العمل الأمني في المملكة يسير وفق منهجية مدروسة ومحكمة رسمها وخططها بإتقان وإحكام، كيف لا؟ وهو الذي أيقن أن الحج موسم عبادة وتراحم وليس مجالا للمزايدات والتحزبات السياسية والعرقية والطائفية, فجاء الحسم من الأمير نايف مع كل زيارة ليكون سيد الموقف عندما يعلن سياسة حكومة المملكة الداخلية في التعامل مع الحدث إن وقع قائلا: ''نحن لا بد أن نستعد ونفترض حدوث أي شيء وألا نفاجأ، فالاستعدادات كاملة من رجال الأمن، ونرجو أن تحترم هذه المناسبة الإسلامية الكبيرة، وألا يحدث ما يعكر صفو الحج, ولكننا بالاعتماد على الله وقدراتنا الأمنية قادرون على أن نواجه أي أمر مهما كان حجمه، ولن نسمح لمن كان بتعكير صفو هذه الشعيرة العظيمة أو استغلالها لمصالح أخرى''.

حج منخفض التكلفة
حج منخفض التكلفة .. هذا البرنامج الذي وجه به الفقيد هو أحد البرامج من ضمن حزمة برامج وجه بها لخدمة حجاج الداخل من المواطنين والمقيمين، يعتمد إلزام الشركات والمؤسسات المشاركة بأسعار محددة، إذ إن هذا البرنامج جاء انطلاقاً من توجيهات الأمير نايف القاضية بمتابعة خدمات حجاج الداخل وضرورة رفع المعاناة عن كاهل المواطنين والمقيمين وتيسير حج هذه الفئة من الحجاج ولوضع الخطط اللازمة لدرء الارتفاع الذي طرأ على أسعار خدمات حجاج الداخل وجعل هذه الخدمة في متناول الجميع.

كرسي إسكان الحجاج
الكثير والكثير من البرامج التي أمر بها الفقيد - رحمه الله - ومنها تأسيس كرسي باسمه لدراسة إسكان الحجاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وسيكون ممولاً من قبل مؤسسات أرباب الطوائف وبإشراف علمي من قبل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج التابع لجامعة أم القرى.