Author

دعوة حكيمة لسماحة المفتي

|
الدعوة التي دعا إليها سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ دعوة تستحق الاهتمام، ليس هذا فقط، ولكن يجب تفعيل هذه الدعوة ووضعها موضع التنفيذ وبسرعة. الدعوة أطلقها سماحة المفتي من خلال جريدة "عكاظ" في عددها الصادر بتاريخ 15 أيار (مايو) هذا العام، الدعوة ببساطة تطالب بالتشهير بالفاسدين والمرتشين. وهي دعوة حكيمة، فالفاسد لص أو مرتش أو تاجر مخدرات أو لاعب بأقوات الشعب أو أي فاسد أيا كانت صفته عندما يشهر به في ساحة عامة، ينقلها التلفزيون بالصوت والصورة إلى أنحاء المملكة، يصبح عبرة لمن تسول له نفسه أن يقع في براثن الفساد. فيكون رادعا حقيقيا لكل المواطنين صغرت مراكزهم أو كبرت. إن من تسول له نفسه الضعيفة أن يسقط فسوف يتراجع خوفا من التشهير به، فيصبح منبوذا بين المواطنين كل من يراه يشير إليه مرددا هذا هو اللص أو المرتشي أو تاجر المخدرات. وهي لحظة يمكن أن يهون أمامها أي مكسب حرام، فما معنى أن يتم القبض على فاسد ويقدم للمحاكمة. وينال عقابه فصلا من وظيفة أو حتى الحكم عليه بالسجن، إن من يعرفون هذا الفاسد قلة من المواطنين، وهو ما قد يدفعه إلى العودة إلى ممارسة فساده، لكن عندما يتعرض للتشهير، فإن ذلك إن لم يدفعه إلى التوبة فإنه سوف يفكر ألف مرة قبل أن يفكر في العودة إلى فساده. ويؤكد سماحة المفتي على الرشوة بالذات، صحيح أن الرشوة أصبحت داء في معظم المجتمعات الإنسانية، سواء منها المجتمعات الفقيرة أو حتى المجتمعات الغنية، لكنها تصبح في المجتمع المسلم لا تظل جريمة فقط. ولكنها تصبح كارثة لأنها تهدد نظام المجتمع وأمنه، وتقف حائلا بين حصول المواطن على حقه وبين ضياع هذا الحق، خصوصا إذا كان لا يقدم على الرشوة ترفعا عن ارتكاب هذه المعصية، أو كان لا يملك ما يدفعه، وفي مجتمع المملكة المسلم يجب أن تكون الحرب ضد الرشوة حربا لا هوادة فيها، والحديث الشريف يقول: "الراشي والمرتشي في النار"، وورد في الأثر: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، والسلطان هو الإدارات المسؤولة عن مكافحة الفساد. ولا تتوقف دعوة سماحة المفتي عند حد التشهير بالفاسدين وإنما تتعداها إلى أهمية الإشادة بالنزيهين الذين يربؤون بأنفسهم عن الوقوع في مثل هذا الخُلق المشين، بل وإثباتهم لأنهم ارتفعوا بأخلاقهم عن السقوط في براثن الفساد، فذلك تشجيع للآخرين على رفض الفساد والوقوف ضده ومحاربته. دعوة سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ دعوة حكيمة تدعو إلى سلامة المجتمع السعودي وهذا لن يتحقق إلا بوجود أجهزة الرقابة السليمة وتشديد العقوبة على المفسدين والتشهير بهم، حتى يتبرأ المجتمع من شرورهم.
إنشرها