Author

السياحة في المملكة هل هي جاذبة لغير المواطن؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
في هذه الفترة من العام يشد الناس رحالهم للسفر سواء داخل المملكة بغرض العبادة لمكة المكرمة والمدينة المنورة أو السفر لبعض المناطق مثل منطقة عسير والمنطقة الشرقية وجدة وغيرها من المدن، وهناك من يقصد دولا مختلفة حول العالم في أوروبا وأمريكا الشمالية وتركيا وماليزيا ودول شرق آسيا وغيرها من دول العالم. هذه الفترة من العام يجد فيها المواطن فرصة لقضاء إجازة ماتعة بعائلته لتغيير روتين الحياة اليومي طوال أيام السنة. يتحدث كثير من المواطنين عن مسألة ضعف الخدمات السياحية في المملكة التي تجعل منها وجهة مثالية للمواطن تغنيه عن السفر خارج المملكة، وتقدم له أشكالا من الترفيه الماتع له ولأسرته، وبما أن المواطن على استعداد لتخصيص مبلغ جيد للاستمتاع به مع أسرته في السياحة، فإنه في الوقت نفسه يتطلع إلى قيمة تعادل أو تفوق ما يصرفه خلال هذه الرحلة. كما نعلم أن كثيرا من المواطنين أصبح لديه قناعة بأن صناعة السياحة في المملكة ضعيفة جدا، فعند المقارنة بدول أخرى حول العالم فإن خيار السياحة في المملكة ليس الخيار الأمثل، نظرا للبون الشاسع - في رأي البعض - بين السياحة في المملكة وخارجها من جهة تحقيق المتعة والترفيه للأسر السعودية، وذلك بسبب ضعف التنظيم والبنية التحتية للسياحة في المملكة، وضعف ثقافة بعض المستثمرين في هذا القطاع، ومع ذلك فإنه يوجد كثير من الأسر في المملكة تفضل السياحة الداخلية، وتجد أن المدن السياحية تزدحم ويصل إشغال الشقق والفنادق نسبا عالية، خصوصا المناطق الباردة في المملكة مثل منطقة عسير والطائف، إضافة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهناك عدد لا بأس به من السياح في مناطق مثل المنطقة الشرقية وجدة، وبعض هؤلاء السياح يرتادون هذه المناطق بشكل سنوي ويستمتعون فيها، رغم ما تحدثنا عنه من القصور في الاستثمار في القطاع السياحي. هناك قضية مهمة، هي أنه عند الحديث عن السياحة في المملكة فإن الخطاب الخاص بالسياحة موجه بشكل رئيس للمواطن، وهذا في واقع الحال استراتيجية قد تكون خاطئة، إذ إن المواطنين في أي بلد يتطلعون إلى أن يكون وجهة سياحية، ليسوا هدفا رئيسا، ولو أننا نظرنا إلى أمثلة من دول العالم لوجدنا واقعا مختلفا، فعلى سبيل المثال في أوروبا، التي تعد الوجهة الأميز في السياحة عالميا، نجد أن كثيرا من مواطنيها يفضلون السفر إلى دول أخرى حول العالم، وتستغرب أحيانا عندما تجدهم يقصدون دولا لا تتمتع بأجواء جيدة، حيث إن أجواءها حارة أو فيها رطوبة عالية غير مريحة مثل دبي، الأردن، مصر، المغرب، ومناطق شرق آسيا، وبعضهم يغامر ليذهب إلى بعض الدول في إفريقيا التي تعتبر غير آمنة، ومنهم من يذهب إلى دول مثل اليمن حتى في أوج أزمة بعض هذه البلدان السياسية. لكن عندما تذهب سائحا في أوروبا تجد كثيرا من السياح من مختلف دول العالم، وبالتالي لو افترضنا أن المملكة جهزت مناطقها السياحية بصورة كبيرة، وأصبح لديها بنية تحتية للسياحة الداخلية، فمن المؤكد أن كثيرا من المواطنين سيبقى يفضل السياحة الخارجية، وهذا سلوك عام يوجد في دول أخرى. ولذلك من المهم لتعزيز الاستثمار في السياحة الاهتمام أكثر بالسائح الأجنبي، خصوصا أننا نجد أن المملكة تتميز بتنوع ثقافتها، وأجوائها ويوجد فيها الحرمان الشريفان مهوى أفئدة المسلمين الذين يمثلون حاليا بين خمس أو ربع العالم، وبدأ كثير من دول العالم الإسلامي يشهد ازدهارا اقتصاديا مثل بعض الدول في شرق آسيا، خصوصا ماليزيا وتركيا. وهذا عنصر إيجابي يحفز على الاستثمار أكثر في السياحة في المملكة. هناك أمر مهم تتمتع به المملكة، وهو أن الجو العام والنظام في المملكة وطبيعة المجتمع محافظ وكريم وحسن المعاشرة مع الشعوب الأخرى، وهذا قد يوجد بيئة متميزة عن دول أخرى في السياحة، ففي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن خدمات مثل وجود بارات أو أماكن للترفيه المحرم قد يكون جانب القصور في السياحة الداخلية، سنجد أن واقع رغبة بعض السياح مختلفة تماما، وهذا قد يمثل ميزة للمملكة. لذلك من المهم أن تكون هناك استراتيجية لجذب السائح الأجنبي، وقد يكون ذلك من خلال برامج سياحية يكون جزءا منها العمرة وزيارة الحرمين. وأن تكون هناك دعاية وتسهيلات في الحصول على التأشيرة للدخول إلى المملكة في الفترات السياحية المعروفة عالميا. الخلاصة أن التعويل على جذب السائح المواطن قد لا يكون مجديا ولا يضيف كثيرا من جهة زيادة أعدادهم في المملكة، نظرا لرغبة كثير من الناس في التغيير وزيارة دول غير بلدهم للسياحة، ولذلك من المهم أن تكون هناك استراتيجية لجذب السياح من غير المواطنين من خلال استراتيجية وإعلانات وبرامج سياحية مرتبة جيدا تستهدف الأجانب.
إنشرها