Author

السلوك الحضاري البيئي بين «التطوير» و«التكريم»

|
المتابع لنهج وتوجه التخطيط الاستراتيجي للمنظومة الحكومية المعنية بحماية البيئة والموارد الطبيعية من الملوثات والمخاطر البيئية والصحية في المجتمع السعودي ''الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة''، يلاحظ تصاعدا وتسارعا إيجابيا في الجهود والأنشطة ذات العلاقة بالبرامج والمشاريع التي كان يتمناها وينتظرها الصالح العام في مجال سلامة ونظافة البيئة البحرية المتمثلة في الشواطئ الساحلية وكذلك الرصد والتعامل مع نسبة ونوعية الملوثات المتطايرة في الهواء، إضافة إلى حماية ونظافة التربة والماء من خلال استخدام التقنيات العلمية والخبرات المؤهلة في هذا الخصوص. كما أن لتوجه ''التثقيف والإعلام البيئي'' نصيبا من هذا التسارع يتناغم مع الرغبة الجادة في تأسيس وتهيئة الثقافة والمفهوم والتطبيقات المطلوبة من الفرد والمجتمع في المشاركة والمحافظة على سلامة البيئة والموارد الطبيعية، حيث كان لطبيعة الأنشطة الإعلامية والثقافية وتحديدا في السنة الأخيرة دور ملاحظ في تميز وتيرة الإنتاج العملي والقبول في هذا الخصوص وكذلك تأصيل وتفعيل الجمع بين ''الإدراك'' و''المشاركة'' لمختلف الشرائح العمرية في المجتمع. ولعل ''المبادرة'' التي تحسب لصالح التطوير والنهضة بالتطبيقات العملية والتثقيف البيئي والمتمثلة في دعوة الإعلاميين والكتاب والباحثين والمختصين للتجمع والمشاركة تحت سقف ''مسابقة إعلامية ثقافية'' تسمح بهامش جيد لتشجيع الإبداع والدعم المعنوي بالإضافة إلى توافر الشعور بالمسؤولية وتظافر الجهود بين المنظومة والفرد والمجتمع هي في واقع الحال تلقي بظلالها على توافر الخبرات والمقترحات والطرح الجاد في سلة مهنية وعلمية وإعلامية واحدة تخدم الصالح العام بدلا من أن يسن البعض ''قلمه'' تارة ويسن ''لسانه'' تارة أخرى في بعض المنتديات أو الندوات عن الأفكار والبرامج والملاحظات المقترحة. فما أجمل النقد عندما يكون هدفه المساهمة في التشخيص والحلول، والأجمل عندما يجد هذا النقد ''الصدى'' المطلوب في عرف وقيم التخطيط الاستراتيجي من خلال توافر معطيات ''التنمية الشاملة'' وكذلك المستدامة بالتناغم مع رؤية واشتراطات ''الاستدامة البيئية'' كواقع يمزج بين النماء وتحقق المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية وتوافر الصحة البيئية للمواطن والمقيم على أرض هذا الوطن في معادلة مدخلاتها ومخرجاتها (الإنتاجية، النماء، التطوير، والصحة العامة). ''السلوك الحضاري البيئي'' مصطلح يتشدق به ويردده المجتمع الغربي في طرحهم لدور التربية والسلوك البشري في التعامل مع علم وتوجه وتطبيقات المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية ويفتخر الكثير منهم في أطروحاتهم وأبحاثهم على توافر هذا التطبيق العملي لواقع هذا المصطلح في المساهمة والمشاركة في حماية وصون البيئة والطبيعة من الملوثات، وفي المقابل يشهد التاريخ القديم على أن ''العالم الإسلامي'' وضع اللبنات الأولى لهذا السلوك الحضاري فهو ''إسلامي'' بالفطرة والتربية والتوجيه من واقع التشريع والتعاليم التي كانت تجسد دور الفرد قبل المجتمع بالارتقاء في سلوكياته وتعامله مع المحافظة على الموارد الطبيعية المتوافرة، فقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أول من حمى الحدود الطبيعية ''المحميات'' في المدينة المنورة بعد أن منع قطع الأشجار وكذلك منع قتل الحيوانات والصيد الجائر، كما حذر المولى عز وجل في كتابه الكريم من الفساد البيئي في الأرض وجعلها غير صالحة لحياة الإنسان (كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين). دعوة من الأعماق تقترحها وتثمنها شريحة الإعلاميين والباحثين وكذلك المختصين في مجال وتوجه وتطبيقات ''الصحة البيئية'' من المنظومات والهيئات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بهذا التوجه الحيوي الذي ما زال ينشد الدعم والتشجيع والمساهمة في إثراء الطرح والتواصل مع مختلف النخب البحثية والإعلامية والمختصة في المملكة، حيث إن ثقافة وتطبيقات علم الصحة البيئية بحاجة إلى تفاعل أكثر جدية يتزامن مع أهمية توافر الصحة والاستقرار والأمان للفرد والمجتمع من المخاطر الصحية للملوثات البيئية. الكلمة الطيبة ''حسنة''، التقدير والتكريم ''لفتة''، أما الوفاء فهو يعبر عن ''وقفة تجسد الألفة والمحبة'' بين الجميع: إن كان يجمعنا حب لغرته فليت أنا بقدر الحب نقتسم
إنشرها