FINANCIAL TIMES

مجزرة الحولة تثير مخاوف من حرب طائفية سورية شاملة

مجزرة الحولة تثير مخاوف من حرب طائفية سورية شاملة

يعتبر مقتل أكثر من 90 شخصاً في مدينة الحولة، ثلثهم تقريبا من الأطفال، نقطة تحول قاتمة في الاضطرابات التي تجتاح سورية منذ 15 شهراً. ما حدث في الحولة لم يكن سابقة، إذ حدثت قبلها مذابح عديدة. ففي أوائل شهر شباط (فبراير) الماضي قتل عشرات الأشخاص عندما قصف النظام في إحدى الليالي معقلاً للمعارضة في مدينة حمص الواقعة في وسط البلد. وفي أواخر الشهر نفسه تحدثت تقارير عن العثور على عشرات الجثث في ضواحي حمص. وقتل عشرات آخرون في بلدة كرم الزيتون المجاورة. لكن وفقاً لفواز جرجس، مدير مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، مقتل هذا العدد الكبير من الأطفال في منطقة لا تُعرف بوجود قوي للثوار المسلحين بشكل خاص فيها كمدينة حمص، يعتبر لحظة ''فاصلة''. وقال: ''إن ما تخبرني به حادثة الحولة هو أن الصراع خرج بالفعل عن السيطرة. رائحة الحرب الأهلية تشتم فيه''. وأضاف محلل آخر ''ما يخيف في الأمر هو تطرف العنف. لم نرَ شيئاً من هذا القبيل حتى في العراق''. ومع تداول مقاطع الفيديو التي تم بثها على موقع يوتيوب لجثث أطفال ملطخة بالدماء قيل إنهم قتلوا في الحولة، تتنامى المخاوف من احتمال أن يؤدي العنف إلى القيام بهجمات ثأرية. وبينما ينفي النظام مسؤوليته عن المجزرة- ومن غير الواضح ما إذا كان هناك مدنيون مسلحون يعملون إلى جانب الجيش السوري- ألقى كثير من النشطاء باللائمة على الميليشيات المسلحة المؤيدة للحكومة التي تعرف بالشبيحة، في بعض عمليات القتل على الأقل. وينتمي الشبيحة إلى الأقلية العلوية التي يستند إليها النظام. وكان هذا الاسم المشتق من كلمة أشباح باللغة العربية، يشير في الأصل إلى عصابة تعمل في التهريب في مدينة اللاذقية الساحلية، لكنه يستخدم الآن للإشارة إلى القوات غير النظامية التي تقاتل مع النظام. وتنتشر الطوائف العلوية والسنية بالقرب من بعضها في وسط سورية حيث تقع مدينة الحولة. ومنذ بدأت الاحتجاجات قبل 15 شهراً حاول النظام أن يجمع الدعم من الأقليات ومن المعتدلين من أبناء الطبقة المتوسطة عبر تصوير الانتفاضة المطالبة بالديمقراطية بأنها عمل يقوده متطرفون سنة يتسمون بالعنف. ويقول نشطاء إن النظام تعمد إشعال التوترات الطائفية، وشجع على عسكرة الطائفة العلوية كي يعزز روايته. ورغم أن بعض الجماعات المسلحة تعرف نفسها بأسماء دينية سنية، وكانت هناك تقارير عن عمليات عنف ثأرية بين الطائفتين السنية والعلوية في وسط سورية، عملت المعارضة بكل ما لديها لاحتواء الطائفية– مع وجود بعض من يصرون حتى الآن على أن بإمكانهم إبقاءها تحت السيطرة. ووفقا لأحد الناشطين في مدينة حماة الواقعة في وسط سورية: ''الشعب السوري يعيش معاً منذ آلاف السنين ولن يحقق النظام تلك الأمنية (اندلاع صراع طائفي) مهما حاول''. لكن بعض المحللين يخشون أن مجزرة بحجم مجزرة الحولة تظهر أن الصراع في سورية تجاوز نقطة اللاعودة. وبحسب جوشوا لانديس، وهو خبير في الشأن السوري في جامعة أوكلاهوما: ''استراتيجية النظام تقوم على زرع الخوف في قلوب الناس. والمجزرة دلالة على انزلاق سورية البطيء نحو القسوة والوحشية''. وكما قال جرجس من كلية لندن للاقتصاد: ''إننا نتذكر الحرب الأهلية اللبنانية من خلال مختلف المجازر التي ارتكبت فيها. وعلى النحو نفسه، لسوء الحظ، سوف يتم تذكر الحولة كجزء من سلسلة المجازر العديدة والكبيرة التي تم ارتكابها. عندما يبدأ الفساد الأخلاقي تصبح المجازر آلات وأدوات تستخدمها مختلف الفصائل لبث الرعب في معسكرات الطرف الآخر''. وعمدت الحكومات الغربية على حث قوات المعارضة السورية على بذل جهود أكبر لاستمالة الطائفة العلوية التي تشكل نحو ثلث عدد السكان في سورية، وتشغل المناصب العليا في الجيش وفي أجهزة الأمن والمخابرات. لكن محللين يقولون إن العلويين على قناعة الآن بأن وجودهم يعتمد على وجود النظام.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES