Author

العلاقة بين سوقي العقار والأسهم

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
من المهم النظر إلى العلاقة على مستويين زمنيين: المدى القصير (ويلحق به المتوسط كسنوات قليلة) وعلى المدى الطويل. أما العلاقة على المدى الطويل، فتشير دراسات عديدة سيأتي ذكر أسماء بعضها، وبصفة عامة، إلى علاقة توازنية طويلة الأمد بين السوقين، يعكسها حالة الاقتصاد وتداخل تأثير الثروة والائتمان. لكنها علاقة غير مستقرة بصورة خطية بمعنى أن الفروقات تزيد وتنقص. وأما العلاقة على المدى القصير فإن النقاشات لم تنته إلى رأي واحد، وأحد الأسباب اختلاف الظروف بين الدول. لكنه، وبصفة عامة أيضا، يتوقع وجود علاقة سلبية على المدى القصير إلى المتوسط، ولكنها علاقة غير قوية. فمثلا، صعود سوق الأسهم يؤثر سلبا في سوق العقار ولكنه تأثير غير قوي. والعكس صحيح. فمثلا، ضعف سوق الأسهم لسنوات بعد انهيار 2006، يفسر ولكن بدرجة جزئية صعود سوق العقار في الأشهر الماضية. ومن جهة النمو الاقتصادي السريع، فإنه ينعكس على سوق العقار أكثر من انعكاسه على سوق الأسهم. تطبيقيا، كانت العلاقة بين السوقين موضع بحث كثيرين في دول كثيرة. من هذه الدراسات دراسة عنوانها Impact of Stock Market Decline on the Recent Housing Boom in the United States: وهي محاولة لفهم الارتباط بين صعود سوق الإسكان وانخفاض سوق الأسهم في أمريكا خلال الفترة 1968 – 2008، أي على نحو 40 سنة. تبين مبدئيا وجود علاقة عكسية بين السوقين في عيون المستثمرين. نزول سوق الأسهم كان له أثر في توجيه الاستثمار إلى سوق الإسكان. كما تبين بصورة مبدئية وجود علاقة إحلالية على المدى القصير إلى المتوسط، وعلاقة تكاملية على المدى البعيد. في الدول الأقل تطورا اقتصاديا، يحفز سوق العقار سوق الأسهم، أما في دول متطورة اقتصاديا فقد وجد أن سوق الأسهم يحفز أيضا سوق العقار. ترتفع أسعار الأسهم بناء على توسع الفرص الاستثمارية في القطاع الخاص. وشركاته المدرجة بدرجة أكبر من أسعار العقار. ولذا تتأثر أسواق الأسهم بصورة أكبر من أسواق العقار تبعا لمناخ الاستثمار المتوقع. من المهم أن يتنبه إلى أن بيانات التجارة في العقار أقل دقة وعكسا للسوق من بيانات سوق الأسهم. هناك علاقة بين السوقين من وجه آخر. وجدت دراسات مكثفة عن وجود علاقة طردية بين عوائد الأسهم والتغير في أثمان العقار التجاري. ولذلك علاقة بالتوقعات المستقبلية للنمو الاقتصادي. يمكن أن يتحرك (السوقان) طلوعا ونزولا معا تبعا للتغير في أساسيات الاقتصاد والوضع السياسي. وتضعف هذه العلاقة عندما تكون السيطرة لأحدهما. كما لاحظ عديد من الدراسات التطبيقية (كالدراسة السابقة) أن أسعار العقار تتأثر أكثر من أسعار الأسهم بمعدل نمو الناتج المحلي، وتعطي حماية أقوى ضد التضخم على المدى البعيد. أما العلاقة بين العوائد في كلا السوقين فهي أيضا ليست قوية على المدى القصير، ولكنها قوية على المدى الطويل. ويلاحظ وجود علاقة بصور ما بين تذبذب أسعار كلا السوقين. وفي تفسير هذه العلاقة اقترحت آليتان. آلية الثروة: اكتساب ثروة من سوق الأسهم يحفز على زيادة الطلب ومنه الطلب الإسكاني. حيث الثروة أحد العوامل المؤثرة في الطلب. الآلية الثانية آلية الائتمان ارتفاع أسعار العقار وخاصة التجاري يعني تحفيز النشاط الاقتصادي وزيادة توقع الربحية في الشركات، ومن ثم تحفيز أسعار أسهم الشركات نظرا لقدرتها على الحصول على تمويل أعلى بتكلفة أقل. لكن الوضع طبعا مرتبط بعوامل أخرى داخلية وخارجية تعمل على تقوية أو إضعاف تأثير آلية الائتمان. باختصار، ازدهار سوق الأسهم يضعف نسبيا سوق العقار على المدى القصير ولكنه لا يتسبب لذاته في انهياره. وأما على المدى الطويل، فهناك علاقة توازنية تابعة لأوضاع الاقتصاد، ولكنها غير مستقرة.
إنشرها