Author

كلب الحراسة

|
تابعت عن قرب تعامل بعض المراكز الإعلامية في الأندية الأوروبية مع أي رسالة أو طلب يوجه إليهم من الزملاء في رياضة العربية، ولمست الاحترافية الكبيرة في تسهيل مهام زائريهم، والالتزام بالقواعد والسنن الراسخة في علاقاتهم مع الجميع. أتذكر أن أحد الزملاء بعث برسالة إلكتروينة إلى ناد إنجليزي، كنا قد تحدثنا في نشرة أخبار سابقة عن مشاكل بينه ومدربه تضمنت تعليقا من المسؤول الإعلامي، عندما وصلته الرسالة، لم يقل لنا لماذا فعلتم ما فعلتم؟ وأنكم ممنوعون من دخول النادي، بل لم يشر إلى شيء من هذا، وأعطى موعدا للقاء أحد نجوم الفريق، حدد فيه الزمان والمكان والمدة، وبقية التفاصيل، وقدم عرضا بتسهيل أي معوقات قد تعترض الزميل المراسل، الرجل نفسه وفي مرة أخرى، طلبنا منه مقابلة مدرب الفريق، فقدم اعتذارا مهذبا عن الوقت المقترح، وشرح الأسباب، واقترح مواعيد بديلة إذا كانت تناسب القناة والمراسل. في الأندية السعودية، لا يقدم الصورة السابقة إلا مركزان إعلاميان أو ثلاثة، ولا يفرق بعض الزملاء الموكلين بهذه المهمة بين إدارة مركز إعلامي يمكنه أن ينفذ السياسة الإعلامية في النادي، ويقدم صورة زاهية له أمام زائريه من الوسائل الإعلامية الأخرى، والتفنن في وضع العراقيل أمام المراسلين في الصحافة بفروعها التلفزيونية والورقية والإلكترونية، ومبدأه إن لم تمدحنا فأنت ضدنا. لا أعتقد أن مهمة المركز الإعلامي، يمكن اختزالها في متابعة الصحف اليومية، والبرامج الرياضية، وإعادة إرسالها على إيميلات المؤسسات الإعلامية، فهذه الأخيرة تصلها الصحف وتملك تلفزيونات، ولا تحتاج المهمة السهلة لأي مساعدة، ولا أظن أن المراكز الإعلامية تختصر عملها أيضا في متابعة مران فرق القدم, وتقديم أخبار بصيغة لم تعد الصحف اليومية تلتفت إليها، وكيف لصحيفة تحترم قراءها نشر بيان التدريبات اليومي، وهي تعلم أنه أخفى من الحدث أكثر مما أظهر، ولا أظن أن ظهور مدير المركز الإعلامي في جداول البرامج الرياضية ضمن المهام المنوطة به، فهناك فرق كبير بينه والناطق الرسمي باسم النادي. أعتقد أن أغلبية المراكز الإعلامية في أنديتنا، تسيطر عليها مدرسة الإعلام الحكومي المكتنز بالبيروقراطية، الذي يحتفظ أغلبية منتمية بعضوية دائمة في فريق النظرية الإعلامية الشهيرة السلطوية، التي انبثقت عنها وظيفة كلب الحراسة، ولا أتوقع من عاقل أن يغضب من الوصف، لأنها نظرية إعلامية تدرس في الجامعات وأقسام الإعلام، وليست من بنات أفكاري، فإن غضب غاضب فليوجه غضبه لمن وضع النظرية ومن يدرسها. خير مثال على وظيفة كلب الحراسة، المنبثقة من النظرية السلطوية في الإعلام، زميل كل ما شاهدت رقمه على شاشة هاتفي، أستذكر بسرعة كل ما قدم عن ناديه في نشرات العربية وبرامجها الرياضية، وأستعين بالزملاء غالبا، وعندما تكتمل مراجعتي السريعة أتصل به معتذرا عن عدم الرد أولا وأظهر استعدادي لسماع كل احتجاجاته عما قدم، وغالبا ما تأتيني الاحتجاجات مفتقدة أبسط أدبيات المهنة والاختلاف في الرأي، فهو بدون أن يقول، يريد أن نكون هو رأيا وفكرا وتناولا للمواضيع والقضايا، وهذا مستحيل. وفي كل مرة يختم الحديث: مهنيتكم لا يُعلى عليها، ما اضطرني لسؤاله مرة: ما هي المهنية؟ فقال: المهنية أن تمارس المهنة متمسكا بها.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها