Author

كان مشيرا أو مثيرا

|
بين أن تكون مثيرا أو مشيرا، هناك حرف واحد يعيد تشكيل المعنى. ومجتمعاتنا العربية ابتليت بالمشير الحكيم الذي تصيبه لوثة فيتحول إلى إنسان مثير. حينما تلتفت حولك تكتشف أن ثمة وجوها كان لها من التقدير والإجلال الكثير، لتفاجأ فيما بعد بها وهي تخوض في موضوعات تزيد الاحتقان ولا تتسق مع الحكمة التي يكتسبها المرء بالمعرفة والثقافة والوعي والسن. منذ أعوام بعيدة، قابلت أكاديميا رائعا، كان عائدا للتو من بعثته الدراسية في الخارج. كان واعدا. كان الحوار مع هذا الرجل جميلا وحاملا في ثناياه بشارات كثيرة لشاب في مقتبل العمر. مضت الأعمار بنا بعيدا في مسار صداقة وألفة، لكن صديقي كان يتغير. في أعقاب الربيع العربي، بدا أن الإحباط ملأ نفسه. تغير الرجل وتبدل. لم يعد ذاك الشخص المشير، صاحب الرأي الحصيف، النبيل في خصومته وفي رؤيته. أرهقت نفسي كثيرا وأنا أحاول تفسير مثل هذا الموقف. الحقيقة أنني وجدت أن اللوثة التي أصابت صاحبي لامست كثيرين. عندما تأملت قليلا اكتشفت أن هذا البعض كان يرى نفسه في موقع غير الذي هو فيه، فقرر مسايرة الموجة فأصبح يليق به أن يكون "مثير" لا "مشير". إنه هوى النفس، يسرق الإنسان من وعيه، فيتوكأ على عصا الموضوعية لمآرب أخرى.
إنشرها