أسعار النفط المرتفعة وغاز الطبقات الصخرية يسيطران على قمة باريس
سيطر سعر النفط المرتفع في العالم، والنفط والغاز الصخري واستخراجه والتنقيب عنه، على أعمال قمة النفط الـ13 التي عقدت في باريس أمس، وشارك فيها عدد من وزراء النفط في الدول المصدرة ومنظمة الطاقة العالمية والمعهد الفرنسي للنفط، إضافة إلى عشرات الشركات الغنية بالصناعات النفطية ومشتقاتها.
وافتتح القمة وزير الطاقة الفرنسي إيريك بيسون الذي شدد على وجود كميات كبيرة من النفط في العالم وقال "إننا لسنا في فجر عالم بلا نفط، ولكن في عالم يستهلك النفط بطريقة أفضل، وإن التعاون بين الدول المصدرة والمستهلكة والشركات النفطية هو أحد المفاتيح الرئيسية بالنسبة إلى مواجهة أسعار النفط.
وتحدث الوزير الفرنسي أيضاً عن كميات الغاز والنفط الدفينة في الطبقات الصخرية ورفْض المدافعين عن البيئة استخراجها. وقال: إن تطور التقنيات الحديثة التي يمكن أن تسمح باحترام البيئة قد تمكن من استخراج النفط والغاز من الطبقات الصخرية.
وتحدثت المديرة العامة للوكالة الدولية للطاقة ماريا فان دير هوفن مركزة على عدم استقرار أسعار النفط المرتفعة للغاية والمقلقة، وذلك بالرغم من العرض الكبير الموجود في الأسواق. مشيرة إلى الانعكاسات السيئة لهذا الارتفاع على النمو الاقتصادي في العالم.
وتطرقت فان دير هوفن إلى ضرورة الاستثمارات في القطاع النفطي خاصة في الشرق الأوسط. وأكدت أن المنظمة تدعم الجهود المبذولة لتنظيم أفضل للسوق النفطية للحد من المضاربات الناجمة عن عدم الاستقرار في أكثر من منطقة في العالم. ودعت إلى الاستعداد لمفاجآت جديدة في المستقبل القريب.
الأمين العام لمنظمة أوبك عبد الله البدري أشار بدوره إلى حالة الاضطرابات التي تعيشها السوق النفطية، والتي شهدها العالم السنة الماضية، من الثورات العربية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط إلى الهزة الأرضية التي ضربت اليابان والأزمة التي تلتها. وصولاً هذا العام إلى عدم الاستقرار الاقتصادي في العالم، أزمة اليورو، والتطورات في السودان، وما يحدث في سورية، واليمن، وعدم الاستقرار في شمال إفريقيا، كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع أسعار النفط.
وقال البدري إن هدف أوبك هو العودة بأسعار النفط إلى ما كانت عليه قبل الربيع العربي، لأن أوبك تلتزم بالاستقرار لأن النمو الاقتصادي غير المستقر ينعكس في حال تحوله إلى ركود على الدول المصدرة للنفط وعلى أسعار النفط.
وأضاف أمين عام أوبك أن الدول المصدرة للنفط غير مرتاحة بسبب بقاء الأسعار مرتفعة وزيادة الإنتاج، لأن بقاء الأسعار على هذه المعدلات سيؤدي إلى التأثير السلبي على الطلب.
ولكن الوضع الجيوسياسي في المنطقة يطرح مشكلة كبيرة بالنسبة إلى ارتفاع أسعار النفط بالرغم من أن أوبك تطرح أكثر من أربعة ملايين إضافية في السوق. وسبب الارتفاع الكبير في الأسعار هو المضاربات وتغطية المخاطر.
كلود مانديل الأمين العام لمعهد النفط الفرنسي أيد ما قاله الأمين العام لأوبك، وقال: إن العرض الكبير بكميات النفط والأسعار المرتفعة للغاية يخلقان وضعاً جديداً في السوق شهدناه في عام 2008. وهو وضع حساس للغاية، يمكن أن يؤثر سلباً على الطلب وعلى النمو الاقتصادي في العالم. كما أنه أشار إلى أهمية الاكتشافات الجديدة للنفط خارج منطقة الأوبك في أمريكا الشمالية والجنوبية، مضيفاً أن هذه المسألة تطرح تحديات للأوبك.
وخلص إلى القول: إن الاضطراب في أسعار النفط وعدم اليقين الاقتصادي والسياسي عوامل تخلق تحديات جديدة.
محمد الهاملي وزير الطاقة في الإمارات العربية المتحدة تطرق مطولاً إلى التغييرات الحاصلة في الولايات المتحدة لجهة استخراج النفط والغاز غير التقليديين. وقال إن إنتاج الولايات المتحدة من النفط ارتفع من تسعة ملايين برميل إلى 12 مليون برميل وسيصل إلى 20 مليون في السنوات القادمة، وهذا يعني أن الطلب الأمريكي على النفط سينخفض، من دون أن يعني ذلك أن الطلب الأمريكي على الطاقة سينخفض.
وشدد وزير الطاقة الإماراتي على أن استخراج الولايات المتحدة للغاز والنفط من الطبقات الصخرية لا يقلق مصدري النفط في منطقة الشرق الأوسط، لأن الطلب على النفط سيتصاعد من الآن وحتى عام 2035 في آسيا باستثناء اليابان. وتطرق إلى مسألة الغاز الصخري في الشرق الأوسط وقال إن الدول الخليجية تستخدم التقدم التقني لاستخراج النفط والغاز وهي كلفة مرتفعة للغاية. وخلص إلى القول: إن الإمارات العربية المتحدة تستثمر المليارات في القطاع النفطي وهي تواصل الاستثمار. وتستثمر في الطاقة النوية. وزير الطاقة والصناعة القطري محمد بن صالح السادة قال إن الطلب العالمي سيزداد على النفط بنسبة 72 في المائة خاصة في الدول الناشئة من عام 2008 وحتى عام 2035. ففي الصين وحدها سيبلغ عدد السيارات 600 مليون سيارة.
وطمأن دول منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية بأن قطر ستبقى حليفتها للرد على الطلب العالمي وعلى التحديات في الاستثمارات. علي حاشد مساعد وزير الطاقة والمناجم الجزائري يوسف يوسفي ألقى كلمة الوزير وشدد على صعوبة التوقعات في أسواق النفط على المدى البعيد نظرا لتداخل عوامل عدة، منها النمو السكاني في العالم، سياسة الدول المستهلكة للنفط، النمو الاقتصادي وتطور التكنولوجيا.
وأكد في هذا المجال أهمية التكنولوجيا الحديثة التي ستسمح بتحقيق نجاحات جديدة كالتي سمحت باستخراج المزيد من النفط وزيادة إنتاج الآبار التي بدأت تنضب. رئيس مجموعة توتال الفرنسية كرستوفر دو مارجيري قال من ناحيته إن البترول سيبقى المصدر الرئيسي للطاقة حتى عام 2050، مشيرا إلى أن الشركات النفطية الكبرى تسعى إلى الاستثمار وإلى إقامة شراكة مع دول مثل الصين أو دول الشرق الأوسط لاستخراج الغاز والنفط من الطبقات الصخرية وقال إنه يجب زيادة 40 مليون برميل إضافي في عام 2020 بسبب بدء الآبار النفطية في النضوب وكل سنة يجب أن تعثر على 5 في المائة من الإنتاج الإضافي.
أما مارك وليامز من مجموعة شل فقد أشار إلى التحديات الجديدة بالنسبة إلى العرض والطلب على المدى الطويل. وقال إن طلب الصين على النفط سيتضاعف مرة ونصف في عام 2030 وإن الطلب على الغاز المسيل سيزيد بنسبة 25 في المائة للفترة ذاتها، بينما سيتراجع الطلب الأمريكي. وحول احتياجات العالم من النفط بعد عام 2050، قال يجب أن نجد بلدا مثل السعودية كل ثلاث سنوات.
وتطرق إلى الحاجة إلى الاستثمارات الهائلة في القطاع النفطي، وقال إننا في حاجة إلى استثمار ثلاثة ملايين دولار كل دقيقة من الآن حتى 25 سنة، أي إلى 38 ألف مليار دولار لتمويل البنى التحتية المتعلقة باستخراج وتمويل النفط. كما أنه أشار إلى أن استثمار دول الشرق الأوسط بالمصافي النفطية سيؤدي إلى تراجع مصافي التكرير في أوروبا.