Author

مديونير.. وأفتخر!

|
وأين يكمن الفـخـــــر؟ للسائل، جوابك ما يلي: لأني استدنت لأشتري وسيلة نقل لم يوفرها غيري لي، لأقتني حاجتي، لأدفع إيجار مسكني، لأعلم أبنائي، لأكسو وأكتسي، وهناك استدنت.. لأعالج من أحب! إذاً، في تصوري على الأقل، حالة الـ ''مديونير'' التي يعيشها المئات من المواطنين هي في الغالب مدعاة فخر لا انتقاص. عليه، وفي المقابل، يحق لك يا صديقي المديونير أن تلتفت لأي مليونير وتسأله: أيا مليونير، ما الذي يدفعك للفخر والمباهاة بحالك؟ واتركه لتوهان عقله.. وتفتيشه في أقرب جيوبه، عن يمينه أو حتى شماله، مستجدياً خروج أي سبب يدعوه للفخر بما يشبه لو ربع سبب من أسبابك! تأكد، في كل حال، أنه لن يقول: أنا مليونير فخور لأني أركب (بنتلي) بالتقسيط، وأسكن قصراً أجتهد لسداد إيجاره، وأقتطع نسبة من صفقاتي لأعلم أبنائي في مدرسة بريطانية داخلية... إلخ! هل يصح هذا الكلام؟ هل ينطبق المعنى.. وتنسجم دلالات البيان؟! لا يمكن أن يكون المليونير فخوراً لما أنت فخور له وبه. إنه قادر فقط على المباهاة بالنتائج (أرباح مثلاً) لكنه لن يستطيع أن يباهي أحداً بالسبب! وذلك مردود لأمر بسيط، هو أنك أنت سبب مهم.. فكيف يباهيك بك؟! هو مدرك في قرارة نفسه أنك السبب.. وأنك صانع نجاحه النتائجي، ولكنك لا تفكر في هذا كثيراً، وقد يجبرك العقل النسقي السائد على تمجيد الثري وإدانة ذاتك.. لا لشيء، سوى لأنك ولدت لتعيش هذا وتتبنى هذا وتتقبل هذا.. بل وتنقله! ينسى العقل السائد أن المليونير أحوج لك من حاجتك له أو لسواه! فأنت الموظف الذي يصنعه، الإداري الذي ينظمه، العامل الذي ينتج له، والمستهلك الذي يشتري سلعته.. حتى أنك الحشد والجمهور الذي يحضر حفله إن شاء أن يحتفل! كم يشتهي هذا النافذ أن يعرف حدود غايته، وكم يشتهي أن يصنع أسرة بمساحة الحب التي تتيحها حدودك، كم يود ألا يتوه في الخيارات المنصبة من عقل الترف، وكم يتوجد لأن يصنع يوماً فيه بقايا من حديث صباح لا يعرفه.. وليتك تعلم كم يتمنى لو أجاد العطاء دون أن يحفل كثيراً بماهية وكمية النتائج! بعيداً عن أي مثالية، وتلقين.. وما قد يتراءى من مزايدة! أردت أن أسبب لك استحقاقاً يدفعك للفخر لا الانكفاء، فنصف همك، وأكثر، قادم من سيادة فكرة وسلطة مجتمع. فأنت (سعيك).. والمنجز (بقاؤك).. والفخر (مسؤوليتك)! افخر يا صديقي.. فأنت عنصر الاتزان في الدنيا.. ولو خسرك هذا الثري النافذ، كأن تهجر سلعته وتتجنب العمل لصالحه وتذهب بكل هذا لغيره.. لانتهى! وأنت، أيضاً، السبب!
إنشرها