Author

عمر والمعلمة في البحرين

|
عمر طالب غض يدرس في المرحلة الابتدائية في إحدى المدارس في البحرين، المدرسة التي يدرس فيها ليست مدرسة صغيرة أو معزولة، بل هي مدرسة كبيرة يدرس فيها عدد كبير من الطلاب ذكرت الصحف البحرينية أن عدد طلابها من البنين والبنات 4500 طالب وطالبة، وفي ظني أنها من المدارس الشاملة التي تُدرس المراحل الدراسية ''ابتدائي ومتوسط وثانوي''. مدارس النور العالمية التي تخدم طلاباً من 45 جنسية في البحرين. الطالب الصغير اعتاد أن تجبره معلمته على تقبيل رجلها كل صباح وعلى مرأى من زملائه الطلاب، وعلى مدى فترة زمنية طويلة. استوقفني الخبر الذي أثار الرأي العام البحريني، ووصل إلى مرحلة مناقشته من قبل مجلس النواب في دولة البحرين. وهذا غير مستغرب بل هذا هو عين الصواب، وهذا ما يجب أن يحدث، إذ إن الأمر خطير حين تحول المحاضن التربوية إلى مكان لنفث الأحقاد والتشفي، والإهانة والإذلال. ما من شك أن كل من يقرأ أو يسمع بهذا الخبر سيضع نفسه في موضع عمر ويتساءل ما الشعور الذي يشعر به الطالب عمر في كل صباح حين يخرج من بيته متجهاً إلى المدرسة، وهو يعلم أن وراءه مهمة لا بد له من القيام بها أمام زملائه، وأقرانه ألا وهي تقبيل رجل معلمته التي يفترض أن تعلمه مكارم الأخلاق، وجميل القيم وأسماها بجانب المعارف، والمهارات الحياتية؟ أعتقد أن الشعور سيكون شعور الألم والعذاب، الشعور بالإهانة، والإذلال، ومن ثم ومع الوقت سيتشكل مفهوم ذات سلبي لدى عمر، إذ سيشعر بالدونية، والمهانة، واحتقار الذات، بدلاً من شعور العزة والكرامة، والثقة بالنفس. لا تستغرب أن تتشكل لدى الطالب عمر اتجاهات سلبية نحو المدرسة، ونحو العملية التعليمية بكاملها، طالما أنه يجبر على هذه الممارسة التي لا يعلمها وحتى لو علمها لا يدرك أسبابها ومغزاها. النتيجة الحتمية التي سينتهي إليها الطالب عمر هي تدمير نفسي، وتشويش ذهني تمتد آثاره إلى فشل ليس في المدرسة، والتعليم، لا سمح الله، بل قد يمتد هذا الأثر على الحياة بشكل عام، إضافة إلى اتجاهات سلبية نحو من مارس معه هذه الممارسة المشينة التي لا يقرها دين، ولا عقل، ولا أي نظام مهما كان تخلفه ورداءته. ترى لماذا قامت المعلمة بهذه الممارسة مع الطالب عمر دون غيره من الطلاب؟! وهل للاسم الذي قد يدل على الطائفة، أو المذهب دور في ذلك، أم أن الأمر هو بسبب ظروف شخصية تخص المعلمة؟ وإن كان ذلك، فما هذه الأمور الشخصية؟ من المؤكد أن مثل هذه الممارسة ليست عرضية خاصة أنها استمرت لسنوات، ولذا فهي ذات علاقة بمشاعر، وطريقة تفكير، وربما معتقدات تؤمن بها المعلمة، وترى أن مثل هذه الممارسة تتناغم مع هذه المعتقدات. الحالة النفسية تتمثل في مشاعر عداء، وكراهية تحملها المعلمة نحو عمر الذي تقوم بتدريسه، لا لأنه ارتكب خطأ في حقها لأنه صغير، ولا يمكنه القيام بذلك، لكن عمر رمز يمثل، وينتمي لفئة تكن المعلمة لها العداء، والكراهية، ولذا قامت المعلمة بإسقاط مشاعرها العدائية نحو المكون الأكبر من خلال الطالب الصغير عمر الذي لا حول له ولا قوة ولا يمكنه الدفاع عن نفسه أمام معلمة أكبر منه. الحالة النفسية هذه ليست مجرد مشاعر عابرة لكنها عميقة، ومتجذرة ما جعل المعلمة تفرض على الطفل تقبيل قدمها، بل إن هذه الممارسة ممارسة سادية مريضة تجد المعلمة فيها، ومن خلالها التخلص من مشاعرها العدائية، وفيها إراحة للذات المريضة التي ظهرت من خلال إجبار الطفل على هذا الفعل. علمت أن المدرسة فصلت المعلمة لكن الفصل لا يكفي، في ظني أن الأمر لخطورته يستوجب محاكمة وإنزال عقوبات صارمة في حق مرتكب هذا السلوك لأن استغلال المدرسة، التي يفترض أن تكون بيئة تربوية سليمة خالية من الأوباء النفسية والاجتماعية التي لا يقتصر أثرها على الطفل عمر رغم خطورة ذلك، بل يمتد إلى المجتمع الذي يتأذى، ويتألم أن يرى إحدى المنتسبات للحقل التربوي زوراً وبهتاناً تهين الرموز الدينية من خلال طفل صغير لمجرد أن اسمه عمر.
إنشرها