Author

دور التقدم التكنولوجي في إدامة إمدادات الطاقة

|
لقد تمكنت الصناعة البترولية في السنوات الأخيرة من الوصول إلى كميات هائلة من النفط والغاز من المكامن التي كانت تعتبر في السابق غير مجدية من الناحية الاقتصادية أو كانت تمثل تحديا من الناحية التقنية. إن ارتفاع أسعار النفط قد ساعد بالتأكيد من الناحية الاقتصادية، لكن الأسعار لا تغير من مواصفات الموارد الهيدروكاربونية وتعقيد المكامن، هذا يعني أن صناعة النفط والغاز قد قامت بتركيز جهودها على تطوير أجيال جديدة من النماذج وتقنيات الاستخراج اللازمة للتغلب على هذه التحديات التقنية. على مر السنين، قامت شركات النفط وشركات الخدمات النفطية بتطوير مجموعة متميزة وكبيرة من المعدات والتقنيات الجديدة التي تم استخدامها في استكشاف وتقييم وإنتاج المكامن المعقدة وكذلك في تطوير عمليات الإدارة والمعالجة. أبرز عشر تقنيات للحقول النفطية هي: عمليات جس الآبار أثناء عمليات الحفر، معدات الإكمال الذكية، استخدام أجهزة الكمبيوتر، إدارة العمليات عن بعد، المعدات البحرية بأنواعها، عمليات المسح الجيوفيزيائي المتطورة، الحفارات، النمذجة المكمنية، تقنيات زيادة استخلاص النفط بأنواعها، ومنصات الحفر. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك العديد من التطورات التكنولوجية الأخرى التي دعمت التوسع في استغلال الموارد الهيدروكاربونية، مثل التقدم في مجال الحفر الأفقي والحفر المتعدد الطبقات، عمليات المسح الثلاثية والرباعية الأبعاد 3-D and 4-D، وعمليات التكسير الهيدروليكي الحديثة، جميع هذه التقنيات لعبت دورا كبيرا في العديد من الاكتشافات الكبيرة في مناطق المياه العميقة والحقول تحت طبقات الملح Pre-Salt reservoirs وكذلك في تطوير الموارد النفطية والغازية غير التقليدية مثل السجيل الغازي وطبقات الرمال النفطية المتراصة. كما كان لاستخدام تقنيات المعلومات (IT) في صناعة النفط والغاز الأثر الكبير في تحقيق نتائج إيجابية كبيرة في تحسين استخلاص النفط والغاز وكذلك في استغلال حقول ومكامن هيدروكاربونية أكثر صعوبة. على مدى السنوات الخمس الماضية، تم التركيز أكثر على تطوير تقنيات المعلومات وغيرها من التقنيات المتقدمة مثل استخدام الهندسة الحيوية في تحسين استخلاص موارد النفط والغاز. على مدى السنوات 12 الماضية ارتفع إنفاق الصناعة البترولية الاستخراجية بمعدل 11 في المائة سنويا، في حين أن إنتاج النفط والغاز نما بمعدل 1.7 في المائة فقط سنويا، تحت هذه الظروف على الصناعة البترولية وقبل كل شيء العمل على خفض هيكل التكاليف. في الحقول البرية on-shore، كان تركيز الصناعة في الآونة الأخيرة على الموارد النفطية والغازية غير التقليدية مثل السجيل الغازي وطبقات الرمال النفطية المتراصة. في الولايات المتحدة، التي تعد الرائدة في مجال السجيل الغازي، الشركات كانت في السابق تقوم عادة بتطوير حقول السجيل الغازي باستخدام تصميم موحد للبئر وطريقة إكمال موحدة لجميع أنحاء المساحة المخصصة لها للحفر، من دون الاهتمام كثيرا للاختلافات الدقيقة في تكوينات المكامن الأعمق. لكن شركات الخدمات الهندسية عملت على تطوير برامج النمذجة المكمنية والتقنيات ذات الصلة لتوفير إمكانات جديدة لتطوير المكامن غير التقليدية، ما سمح للشركات بتحسين أداء الآبار الفردية بدلا من الاعتماد على النموذج الموحد لتصميم وإكمال الآبار، هذا ساعد بدوره على تحسين إنتاجية الآبار وخفض التكاليف. نظرا لكون الصخور المنخفضة المسامية (الحقول غير التقليدية) تمنع المواد الهيدروكاربونية من التحرك بحرية كما هو الحال في الحقول التقليدية، لذلك فإن كل بئر ضمن تكوينات السجيل الغازي أو النفطي تنتج إلى حد ما من مكمن منفصل واحد. للتغلب على هذه المعضلة طورت شركات الخدمات الهندسية قدرات نمذجة جديدة مكنتها من إعطاء صورة ثلاثية الأبعاد أكثر اكتمالا لمكامن السجيل المعقدة، ما سمح للشركات بحفر الآبار في أماكن أكثر ملاءمة ضمن الحقل. وتتطلع شركات الخدمات الهندسية أيضا إلى استخدام هذه المعلومات للسماح بتحديد الوضع الأفضل لمراحل التكسير الهيدروليكي على طول حفرة البئر، بدلا من الاعتماد على الأبعاد الافتراضية الموحدة المستخدمة في الوقت الحاضر، حيث تعتبر عملية الإكمال هذه أساسية وحاسمة في تطوير مكامن السجيل. في الحقول البحرية off-shore، انتقلت الشركات إلى مياه عميقة جدا وتتعامل أيضا مع تراكيب جيولوجية أكثر تعقيدا، على سبيل المثال حقول المياه العميقة تحت طبقات الملح Pre-Salt reservoirs. لكون آبار المياه العميقة تكلف أكثر من 100 مليون دولار، فإن أي تقنية يمكن أن تحسن من اختيار موقع البئر ستسعى إليها الشركات بقوة، ما جعل من تطوير تقنية المسح والتصوير الزلزالي واحدة من أولى أولويات الشركات البترولية. على سبيل المثال، تقنية الجيل الجديد من اللافتات الزلزالية seismic streamers التي تم تطويرها، لها أجهزة استشعار متعددة العناصر تساعد على تهيئة صورة كاملة ثلاثية الأبعاد للطبقات تحت سطح الأرض، قبل أن يتم تطوير هذه التقنية كان الأمر يتطلب استخدام عدد من اللافتات الزلزالية الباهظة للحصول على نفس النتيجة. الطريقة التي تطورت بها الصناعة الاستخراجية دفعت بحدودها التقنية إلى آفاق جديدة وربما أفضل مثال على ذلك هو مكامن المياه العميقة جدا تحت طبقات الملح التي يجري الآن التقصي عنها أيضا في المياه الضحلة في خليج المكسيك والمياه العميقة غرب إفريقيا بعد البرازيل، حيث الضغوط ودرجات الحرارة العالية دفعت الشركات إلى الاستعانة بشركات الخدمات الهندسية للحصول على الاكتشافات التقنية الجديدة. واحدة من هذه التقنيات هي نظام التحسس في الوقت الحقيقي Real-time sensor خلال بطانة البئر الذي يستخدم العديد من أجهزة الاستشعار المجهزة بسلسلة من الألياف البصرية لمراقبة الأوضاع في حفرة البئر التي تقوم بتنبيه المشغل إلى أي تشوه في بطانة البئر، وهي حالة يمكن أن تؤدي إلى فقدان كامل للبئر إن لم تتم معالجتها بسرعة.
إنشرها