Author

حل مشكلة «المتكاملة» .. حتى لا نبكي على اللبن المسكوب

|
عضو اللجنة المالية والاقتصادية ـ مجلس الشورى
ما مشكلة ''المتكاملة'' ببساطة؟ هي وجود أكثر من مليون مساهم لا يستطيعون التصرف في أسهمهم بأي شكل. وقد تم الإيقاف لأن أصول الشركة لم تعد تبرر التداول، رأسمال الشركة مليار وهي تملك الآن 8.9 في المائة منه فقط، ولذلك علقت هيئة السوق المالية التداول على السهم ''على أن أصول الشركة لا تبرر التداول على أسهمها رغم أن الهيئة استندت في قرارها إلى تحفظ المراجع، وهو تحفظ لا يتسبب في تعليق التداول بأي حال''.. هذا التعليق يأتي على غرار تعليق مماثل لشركة عذيب عندما وصلت الخسائر المتراكمة إلى ما قارب 95 في المائة من رأسمال الشركة، وسهم شركة بيشة مع اختلاف أن الشركة لم تقدم تقارير مالية مقبولة. لكن التأمل في حالة ''المتكاملة'' يختلف عن حالة عذيب وبيشة وقبلا شركة مواشي مكيرش، ذلك أن تلك الشركات واجهت خسائر متراكمة تآكل معها رأس المال فعليا ولم يعد هناك مجال للإصلاح أو توقعه إلا من خلال خفض رأس المال ومن ثم رفعه من جديد باكتتاب حقوق أولوية، وهو ما نجح فعلا مع ''عذيب'' و''مواشي مكيرش'' حتى الآن، وعادت هاتان الشركتان للتداول. لكن في ''المتكاملة'' نجد رأس المال موجودا. هو في شكل ضمانات لم تسيل، لكنه موجود فعلا، فلم يتآكل كما هي الحال في غيره. الضمانات التي قدمها المؤسسون قوية جدا بلا شك وبناء عليها تم إطلاق الاكتتاب، وهيئة السوق المالية تعلم أن هناك ضمانات بحصة المؤسسين بمبلغ 101 مليون وهي واضحة في نشرة الإصدار التي اعتمدتها الهيئة، وسؤالي هو: ما الذي تغير في قناعات هيئة السوق المالية التي على أساسها تم إطلاق الاكتتاب وعلى أساسها أيضا تم تعليق التداول؟ هل لدى هيئة السوق معلومات لا نعرفها؟ لقد جاء في نشرة الإصدار التي على أساسها اكتتب المساهمون ''أنه قد تم الحصول على ضمان بنكي رقم MD0711948003 من أحد البنوك المحلية غير مشروط وغير قابل للإلغاء بمبلغ وقدره خمسة ملايين ريال سعودي قيمة الترخيص المطلوب، كما تم الحصول على ضمان بنكي رقم MD0714048003 من أحد البنوك المحلية غير مشروط وغير قابل للإلغاء بمبلغ 1,009,638,952 ريالا، الذي يعتبر مقدمات عينية ونقدية من المؤسسين لما ستملكه الشركة من ترخيص لاستخدام ترددات ولبناء شبكات وبنية تحتية للاتصالات الثابتة''، وبغض النظر عن التناقض الذي ورد في النشرة حول استخدام حصيلة الاكتتاب، إلا أن النص السابق كان واضحا جدا، واكتتب المكتتبون على أساس قراءة هذه النشرة وبناء على معلوماتها. ثم تم إدراج السهم للتداول وفقا لهذه الشروط جميعا وعلى أساس أن هيئة الاتصالات ستقوم بتسييل الضمانات، وقامت شركة تداول بإدراج السهم في حزيران (يونيو) 2011، أي أن السهم استمر في التداول رغم أن الضمانات لم تسيل بعد. وافتتح السهم بسعر 26 ريالا ثم عاد إلى سعر الاكتتاب لعدة أشهر واستمر التداول حتى بلغ أعلى سعر له عند 45.5 في آذار (مارس) 2012، أي أن التداول كان نشطا رغم معرفة المتداولين للضمانات. ضمانات رأس المال موجودة، وهي غير مشروطة وملزمة للبنك وباسم هيئة الاتصالات، بل هناك زيادة في الضمانات ستستخدم لتمويل الشركة، إذاً ما دواعي تعليق التداول؟ وإذا كانت هناك مشكلة مع البنك فإن هناك شركات كثيرة لديها مشكلات مع البنوك ومع جهات عدة وهناك شركات بلغت خسائرها أكثر من 70 في المائة من رأسمالها ولم تعلق. تقوم المتاجرة في سوق الأسهم - في جزء منها - على فكرة التشاؤم والتفاؤل، ولولا هذه القاعدة لما كانت هناك مخاطر وعوائد. المتشائمون يبيعون والمتفائلون يشترون وهو سبب تراجع السوق الآن. لندع السوق تحكم على قدرة الشركة على تسييل الضمانات لكن لا تأتي هيئة السوق وتفرض تشاؤمها على السوق وتمنع حق البيع والشراء بحجة حماية المتداولين الذين فشلت في حمايتهم قبل الاكتتاب. الشركة لديها سيولة تفوق 100 مليون ريال الآن، وهناك شركات تتداول في السوق وهي لا تملك نصف هذا المبلغ. الحل في نظري هو إعادة الشركة للتداول ومن ثم ترك السوق تقرر بينما تضمن هيئة السوق المالية تدفقا وافيا وصحيحا للمعلومات عن وضع الضمانات، وإذا كانت هناك قضايا مرفوعة أم لا ونتائجها. لقد جربنا تعليق التداول حتى إصلاح الوضع مع ''بيشة'' وها هي تنهي عامها السادس من التعليق ولم يشكل ذلك إلا فرصة لمزيد من المماطلة من جانب جميع الأطراف ذات العلاقة. تعليق السهم سيمكن البنك وهيئة الاتصالات والمؤسسين من إطالة أمد النقاش وثم النقاش وإعادة ما تم مناقشته وتبقى الشركة معلقة. إن قلق هيئة السوق المالية يأتي لحماية السوق من المضاربين، وهو قلق مبرر، (لكنها حتى الآن لم تحمها، بدليل الارتفاعات الأخيرة في شركات خاسرة أكثر من نصف رأسمالها بينما هناك شركات تعلن توزيع الأرباح ولم تتحرك بنصف نسبة ارتفاع سهم الخاسرة). إن سبب ظهور هذه المشكلات - في نظري - هو عدم وجود سوق ثانوية للتداول على الأسهم التي تواجه مشكلات مثل أسهم: ''المتكاملة'' و''ثمار'' و''بيشة'' وعدد من الشركات الأخرى. لو كان هناك سوق ثانوية بشروط تداول مختلفة كأن تكون المقاصة بعد يوم أو يومين أو حتى ثلاثة. شروط تضمن لنا عدم استغلال السهم للمضاربة الفادحة، وفي مقابل ذلك لا نمنع من يريد المتاجرة في السهم بالبيع والشراء وهو يعرف أن المخاطر هنا أعلى من الشركات في السوق النظامية. لو تم إنشاء هذه السوق فإن السوق النظامية التي تمثل أفضل مستويات للاستثمار ستكون بمنأى عن المضاربات والمغامرات في هذه الشركات وستكون هيئة السوق المالية في موقف أفضل تجاه المستثمرين من جميع الفئات.
إنشرها