FINANCIAL TIMES

شبكات التواصل الاجتماعي تربط بين حياتنا الشخصية والعملية

شبكات التواصل الاجتماعي تربط بين حياتنا الشخصية والعملية

لدي كل صباح روتين سيكون مألوفا لمعظم قراء هذه الصحيفة؛ فأنا أستيقظ ثم أنهض من سريري وبدلاً من أن أمشط شعري،أقوم بفحص بريدي الإلكتروني على البلاك بيري الذي خصصته للعمل، وبعدها أفحص حساب الياهو الخاص بي الذي غالبا ما أستخدمه لحياتي الشخصية على جهاز آيباد. لقد أصبح الإرسال البريدي التكنولوجي محفوظاً عن ظهر قلب في تسلسل الأحداث الصباحية، كتنظيف أسناني أو عمل فنجان من القهوة؛ فأنا أفتح تليفوني وأرفع الغطاء الليموني عن جهازي اللوحي دون حتى أن أدرك أنني أقوم بذلك. لكن حدث شيء أزعجني بشدة وأخرجني عن طقوسي اليومية يوم الثلاثاء الماضي، حتى كدت أسكب القهوة على رقائق إفطاري؛ لقد تعرضت لاختراق فسُرق حساب الياهو الخاص بي وأُرسل بريد إلكتروني يحمل رابطا مشبوها لعنوان موقع ما إلى كل من في قائمة الاتصال لدي. أفٍ، كم هذا مزعج وممل ومقلق، والأسوأ من ذلك أنه لا سبيل سهلا لأن أُعلم الجميع بأن حسابي ربما تعرض لفيروس حصان طروادة؛ صحيح أن ياهو لن تدعني أرسل أي رسالة أخرى إلى كل من لدي في قائمة الإتصال حتى تعرف الشركة مصدر هذا النشاط المشبوه. لكن بينما أنا أخوض في قراءة بريدي الوارد ببطء، بدأت أتساءل إذا لم تكن في الواقع خبرتي التي اكتسبتها جراء تعرضي للاختراق سيئة للغاية. حقيقةً، لقد علمني هذا الأمر كله الكثير عن الكيفية التي يتعين علينا بها فحص عملنا وكذلك التكنولوجيا التي نستخدمها لعمل ذلك. في البداية، تلقيت ردوداً لطيفة من الأصدقاء الذين لم أستطع التواصل معهم منذ وقت طويل جداً، فسألني جاري السابق عما إذا كانت الأمور تسير على نحو جيد، ووصلتني رسالة من صديق يخبرني فيها أنه تلقى مني ''فيروسا غريبا في شكل بريد إلكتروني''، وكتب لي آخر كان قد دخل على الرابط ليؤكد لي أنه غير ضار. وقد انهالت عليّ النصائح المفيدة بعد أن تواصلت مع زملائي عبر تويتر والمراسلات البريدية الإلكترونية لأحذرهم من أن هويتي ربما سُرقت، فأكد لي أحدهم أن هويتي كانت على اتصال في وقت سابق، وأجاب آخر ليهوّن عليّ أنه عندما سرق شخص ما هويته كان أول ما فكر فيه هو ''ألا يجدر بهم تصويب أهدافهم نحو شيء أعلى قليلاً؟''، وفي هذه الأثناء اقترب مني ثالث عندما وصلت للمكتب ليكشف لي بشيء من المشاركة أن الشيء نفسه قد وقع معه. وأدركت في هذا الوقت أن هناك ما هو أكثر من مجرد غزو للخصوصية ورابط مشبوه في السطو الإلكتروني الذي تعرضت له؛ أولاً، لقد سلط هذا الأمر الضوء على المدى الذي وصل إليه الخلط بين أعمالنا وحياتنا الشخصية، فأنا، كغالبية من أعرفهم، كما أستخدم حسابي ''الخاص بالعمل'' في البريد الإلكتروني الشخصي، غالباً أيضاً ما أستخدم حسابي ''الشخصي'' في أمور تخص العمل، كما أن هناك بعضا من زملاء العمل في قائمة الاتصال بين أصدقائي وعائلتي. وهذا يؤدي بنا إلى درس ثان؛ فلو أنك لا تزال شديد التمسك بفكرة أن حياتك العملية وحياتك الشخصية منفصلتان تماماً، فأنت بذلك تقاتل في معركة خاسرة منذ زمن بعيد، فبالنسبة لأي من المهنيين، ممن ترغب معظم المؤسسات في توظيفهم، وممن لديهم إما لمحة طموح أو حتى نظرة اهتمام عابرة لما يفعلونه لأجل لقمة العيش، تجد أن هناك اقترابا منذ زمن من استحالة ترك كل أمتعتك التسعة إلى خمسة في مقر العمل، إلا أن التكنولوجيا وفي مقدمتها البريد الإلكتروني والبلاك بيري والآن الفيسبوك قد أخرجت ذلك إلى النور فحسب. فبينما لا يعتقد الجميع بأن هذا أمر جيد، لكنني أعتقد ذلك إلى حد كبير، لا شك أن هناك حدودا لما أتشارك به عن حياتي الشخصية مع زملاء العمل وما أنشره من معلومات وصور على الإنترنت، إلا أن هذه الثقافة المواكبة قد جعلت توازن حياتي العملية أكثر سلاسة في معظم الأحوال، لا أقل. فعندما يترك الأب عمله ساعة يوم الإثنين ليذهب مسرعاً إلى اجتماع مدرسة طفله، فسيشهد عندها فائدة أن يبقى على اتصال مع ما يجري في المكتب، سيجعل ذلك الحياة أسهل بكثير عندما تعود لمكتبك وتجد أنك لا تحتاج إلى من يُطلعك على ما حدث في غيابك. وربما الأهم من ذلك هو الدرس الثالث؛ فالتفاعل بشكل جيد على الإنترنت يمكن أن يساعدك على التفاعل بشكل أفضل بعيداً عن الإنترنت. نشر أب زميل لي على صفحته الخاصة على تويتر يطلب المساعدة عندما قام أحد أطفاله بعمل شفرة لجهاز الآيباد الخاص بهم ولم يتمكن الطفل من تذكر الشفرة أو فكها، لم تعلمّني هذه التجربة فقط أن أجهزة آيباد يسهل استعمالها جداً لدرجة أن الطفل يكمنه إضافة شفرة – الأمر الذي أفادني لأن طفلي يقضي على جهاز الآيباد الخاص بنا وقتاً أطول مني- بل إنني عندما رأيت زميلي في اليوم التالي، أبديت له مشاركتي مخبراً إياه أنني أشعر بألمه. ليس لدي فكرة عما إذا أشعره ذلك بأي تحسن، إلا أنني متأكد من أن التعاطف مع زملائك هو أحد الأشياء التي تجعل الحياة العملية بأكملها أكثر تحملاً، بل وينبغي أن يصبح ذلك جزءاً من الروتين اليومي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES