Author

ياسر والهضبة

|
مع مدربه الروماني الشهير أولاريو كوزمين، لقي ياسر القحطاني ترحيبا حارا في فريقه الإماراتي الجديد، يوازي ما حصل عندما أتى إلى الهلال قادما من القادسية بعد مفاوضات لا ينساها التاريخ الرياضي. في الجمعة الفائتة كنت في العين الإماراتية، لم أذهب إلى ستاد القطارة، لكني تابعت المباراة الكبيرة للعين أمام بني ياس في مكان عام في المدينة الصغيرة وسط حشد من مشجعي البنفسجي. لفتني وسرني صغار يلبسون قميص العين ممهورا بالرقم تسعة واسم ياسر، ويضعون أقنعة على وجوههم تماثل وجه القناص السعودي، يتفاعلون مع لاعبنا عندما يأتي المعلق على ذكره أو تظهره الكاميرا. موسم شارف على النهاية والقناص يركض بقميص العين في ملاعب الإمارات، يلقى التصفيق والتشجيع، لم تهتف المدرجات ضده، ولم تردد عبارات المدرجات السعودية ضده. موسم وقدم ياسر تلامس خط النهاية، فماذا بعد يا ياسر؟ ها أنت غيرت الأجواء، وها أنت غيرت القميص، والإدارة، والزملاء، وحتى المدرجات، فهل عاد القناص كما كان في 2007 أو حتى لامس شيئا من تلك الصورة البهية التي لبس فيها تاج آسيا؟ مع العين سجل ياسر أهدافا أقل من أصابع اليد في 11 مباراة، وصنع مثلها أو يزيد بقليل، أصيب مرتين وغاب عن بعض المباريات، وفي كأس الاتصالات لعب ست مباريات سجل فيها خمسة أهداف، وتلقى ثلاث بطاقات صفراء، لمسته أمام المرمى أقل من السابق بكثير، مرونة جسمه أقل، انطلاقاته أبطأ، مفاجآته للمنافس التي تميزه غابت، رغم أن كل شيء يشكو منه تغير وتبدل، كل الوجوه التي كانت تحيط به، بدءا من مبنى الهلال والجيران والحي والسكان جميعا، وماذا بعد يا ياسر؟ هل ستعود للهلال كما أنت أو كما كنت؟ أم تبقى في العين كما أنت؟ أم نقول كان هناك قناص لا يرحم الشباك، اختر أنت فما زلت أثق بأنك الوحيد القادر على الإجابة. في الهلال يقول الأمير نواف بن سعد: لم يخاطبنا الإماراتيون للتجديد لياسر، وسيعود لأزرقه ويخضع للتقييم كبقية اللاعبين. والتقييم هنا إشارة واضحة من الرجل الثاني هيكليا في الأزرق أن في الأجواء شيئا ما. في العين سألت مسؤولين وقالوا: الأمر عائد للمدرب المرتبط بعقد مع الفريق لمدة موسمين، لدى ياسر يبدو المستقبل مشوشا، أظن - والظن بعضه إثم وليس كله – أن ياسر يريد أن يبقى وينتظر قرارا في النادي البنفسجي، أما جماهير العين فيحبون ياسر حبا جما ويريدون منه المزيد كما يفعل الغاني جيان. على الضفة الأخرى جماهير الهلال تريد عودة ياسر ولا تتحدث عن مستواه فقد فطرها حبا، وآلمها بعده. ولأنه ياسر أقول: كن صاحب قرارك يا قناص، كن أنت المقيّم لتجربتك؟ لا تنظر لما قلته أنا، ولا ما قاله نواف بن سعد، ولا حتى ما يقوله لك كوزمين، اجلس إلى نفسك جلسة صفاء وتأمل، واسأل نفسك وضع خيارات لإجاباتك، واختر أقل الإجابات حبا لنفسك، اسأل نفسك: كيف كنت في 2007؟ كيف أنت الآن؟ لماذا؟ ولماذا خرجت من الهلال وأنت رمزه الميداني حاليا؟ ولماذا لم تعد تسجل كما كنت؟ ولماذا يحبونك وأنت لا تفعل شيئا؟ ولماذا أنت هنا في العين؟ وهل تتدرب كما كنت مع فاندرليم أيام كنت تبحث عن الطريق إلى حلمك؟ لا تستمع لأحد يا ياسر، ولكن كن صادق النفس مع النفس، ومع محبيك الصادقين واستفد من تجارب السابقين. في نهائيات آسيا 1988 كان محيسن الجمعان يمر بهبوط في مستواه مقارنة بمحيسن 1984 في سنغافورة، فقد معه مكانه في المنتخب لصالح سعد مبارك، ويومها قال المعلق الكويتي الكبير خالد الحربان: أنت في سفح الهضبة الآن يا محيسن، اصعد إلى القمة أو عد إلى البداية. في تصفيات كأس العالم 1990 كان محيسن يعبر السفح إلى القمة وفي سنغافورة نفسها التي شهدت ولادة نجوميته. عد يا ياسر لياسر، بقميص العين أو الهلال لا يهم، المهم أن تعود، وكل شيء بيدك.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها