Author

وزارة التعليم العالي: إنَّا نَعتَـذِر!

|
لو قِيلَ لك إنَّ 90 في المائة من الصحف السعودية تطابقت تغطيتها عن موضوع مُحدَّد، فهل ستُجادِل في أنَّ هذه الصحف أضاعَت الهَدَف؟ وماذا لو قِيلَ لك إنَّ صحيفة رسمية لأكبر جامعة سعودية كَتَبَت عن الموضوع نفسه وبالاستنتاج نفسه، فهل ستستمر في جِدالك؟! حَسَناً، فلو فَعلت، فسَيُقال عنك إنَّك تبحث عن نقاش بيزنطي! ولكن هذا هو موضوع هذا المقال، لعلَّنا نرفع الحصار عن بيزنطة! توارد خواطر أم تضليل؟! لا يخفى على المتابعين لأخبار الوسط الأكاديمي ارتفاع وتيرة الحماس بالثناء والتمجيد بإدارة جامعة الملك سعود منذ خمس سنوات بطريقة لم يعهدها الإعلام السعودي المكتوب من قبل، بل وتصدي ''المتطوعين والمحتسبين'' لكل من يكتب غير المديح والثناء ''لإنجازات'' الجامعة في عهدها العثماني (مع الاحتفاظ بحقوق الملكية الفكرية لإطلاق هذا اللقب لعبد الرحمن السدحان)، وذلك ''تَطوُّعَاً واحتسابا'' للأجر والمثوبة! وقد حاول كثير من هؤلاء ''المتطوعين والمحتسبين'' استخدام أقوى سلاح ''اجتماعي'' للتقليل من مصداقية هذه الكتابات التي تنظر ''لنصف الكأس الفارغ''، ذلكم هو سلاح المواقف الشخصية من مدير الجامعة''. #2# وقد أخَذَت موجة ''التطوع والاحتساب'' دفاعاً عن إدارة جامعة الملك سعود مساراً تصاعدياً عندما نَشَرَت مجلة ''ساينس'' تقريرها الأول في 9 ديسمبر 2011 عن ممارسات جامعتي الملك عبد العزيز والملك سعود في شراء السمعة الأكاديمية والقفز على التصنيفات العالمية. فقد انطلق هؤلاء مُدافعين ومُنافحين عن الجامعة وإدارتها وإنجازاتها خلال ''العهد العثماني''، حتى عَجِزنا عن متابعتها ومعرفة كُتَّابها الذين تَنَوعوا مَنصِباً وخلفيَّةً ثقافية وموقعاً جُغرافياً، من جَرَّاح القلب إلى أكاديميين يكتبون عمودا صحفيا يوميا أو أسبوعيا، ومروراً بكُتَّاب النخوة السعودية. وقد كان هناك عامل مُشترك بين كتابات هؤلاء ''المتطوعين والمحتسبين'' هو عدم الخوض في النقاط التي أثارها تقرير مجلة ''ساينس''، والتركيز على الدفاع ''بأسلحة'' القرن الماضي من سلاح ''الأبعاد السياسية والدينية لمجلة ''ساينس'' إلى سلاح ''كاتب التقرير عميل لإيران''، ومروراً بسلاح ''الحَسَد لإنجازاتنا الوطنية واستهدافنا من قبل ''الهنود''! واستمرَّ ''متطوعو ومحتسبو'' جامعة الملك سعود بالإطلالة شبه الأسبوعية على قُرَّاء الصُحُف السعودية منذ 9/12/2011، وذلك اقتداءً بالآية الكريمة (وذَكِّر فإنَّ الذِكرى تنفع المؤمنين)، وكذلك عملاً بمبدأ ''الذاكرة العربية لا تَتَذَكَّر إلاَّ آخر شيء قَرَأته''. ثُمَّ جَاءَ جامعة الملك سعود ما كانت تنتظره لتأتي بما لم تأت به الأوائل، عندما نشـرت مجلة ''ساينس'' في عدد 2 مارس 2012 بعض التعليقات التي كَتَبَها مُحتسبو ومُتطوعو ومُحبو الجامعة على تقريرها الأول في المجلة، حيث تعاملت الجامعة وماكينتها الإعلامية مع رد مجلة ''ساينس'' بطريقة أبعد ما تكون عن الصِدق والنزاهة والأمانة الإعلامية. فمنذ الثالث من شهر مارس الحالي ومُحتسبو ومُتطوعو جامعة الملك سعود من كُتَّاب الأعمدة الصحفية إلى المحررين بكُبرَيات الصحف السعودية وهم يُمطِروننا بتغطية صحفية عن رَدِّ مجلة ''ساينس'' بأنَّه ''اعتذار'' من المجلة وهيئتها التحريرية لجامعتي الملك عبد العزيز والملك سعود على رؤوس الأشهاد لتقريرها الذي نشرته في 9/12/2011. وحتى يتأكَّد القارئ الفاضل من حقيقة هذه الفزعة الإعلامية الخطيرة، إليك عناوين تغطية رد مجلة ''ساينس'' في إحدى عشرة صحيفة سعودية: (1) مجلة الـ ''ساينس'' تُؤكِّد سلامة موقف جامعة الملك سعود وسياستها البحثية وتعاونها الدولي. (2) ''ساينس'' الأمريكية تتراجع عن اتهام جامعة سعود بشراء تَقَدُّمها العالمي. (3) الـ ''ساينس'' تُؤكِّد سلامة التعاون البحثي لجامعة الملك سعود. (4) مجلة الـ ''ساينس'' تُؤكِّد سلامة موقف الجامعة وسياستها البحثية. (صحيفة جامعة الملك سعود ''رسالة الجامعة'') (5) مجلة أمريكية تُؤكِّد سلامة موقف جامعة سعودية. (6) مجلة ''ساينس'' تُؤكِّد سلامة نهج جامعة الملك سعود. (7) الـ ''ساينس'' تُؤكِّد على سلامة موقف جامعة الملك سعود وسياستها البحثية. (8) ''الملك سعود'': تعليقات ''ساينس'' اعتذار للجامعات. (9) مجلة ''ساينس'' العلمية تعتذر لجامعة الملك عبد العزيز عن تقرير ''شراء الذمم''. (10) مجلة ''ساينس'' تعتذر لجامعة الملك عبد العزيز. (11) مجلة ''ساينس'' تعتذر لجامعة الملك عبد العزيز عن مقالتها التشهيرية. والأسئلة المُحيِّرة هي: هل يُعقَل أن تُخطئ جميع الصحف السعودية، التي كتبت عن الموضوع، في ترجمة ستة أسطر هي كامل مُقدِّمة رَد مجلة ''ساينس''؟! وكيف تمَّ هذا التطابق شبه التام في التزييف والتدليس على القارئ؟! أم أنَّ هناك جهة مستفيدة من هذا ''الخطأ الجماعي'' في الترجمة والتزييف والتدليس؟! تحريف 6 أسطر! إنَّ ما نَشَرَته جامعة الملك سعود في صحيفتها ''رسالة الجامعة'' عن رد مجلة ''ساينس'' في 2/3/2012 على التعليقات التي وصلتها على تقريرها السابق في 9/12/2011، ليس جريرة غير مسبوقة في تزييف وتَدليس على شخص أو جهة بذاتها فحسب، بل تطاول غير مسبوق في تزييف الحقائق والتَدليس الممجوج على الوطن بأكمله، حيث لم يأت في رد مجلة ''ساينس'' كلمة واحدة مما كتبته الجامعة في تغطيتها الصحفية عن هذا الرَّد، بدءاً من العنوان وانتهاء بالاستنتاج الكاذب جُملَةً وتفصيلاً بأنَّ مجلة ''ساينس'' تؤكِّد سلامة موقف الجامعة في سياستها البحثية. فكُل ما جَاءَ على لسان مُحرري زاوية الرسائل LETTERS بمجلة ''ساينس'' (كولين نورمان وجينيفر سيليز) هي ستة أسطر بالتمام والكمال تقول ترجمتها التالي (صورة الأصل مُرفَقَة): (نشكر القراء على أكثر من 120 تعليقا على تقرير المجلة ''جامعات سعودية تدفع النقد مقابل البريستيج الأكاديمي'' بقلم يوديت باتاشارجي في 9/12/2011. تُغطي هذه التعليقات آراء مختلفة، بعضها أوردناه في الرسائل التالية، عن قضايا حسَّاسة لمستقبل العلوم في السعودية والمنطقة. ونَحُث القُرَّاء على الاطلاع على هذه التعليقات في موقع المجلة على الإنترنت). ثم أتبَعَت مجلة ''ساينس'' هذه المُقَدِّمة بأربعة تعليقات (خطابات)، اثنان رسميان: الأول من مساعد وكيل جامعة الملك سعود (د/ عبد العزيز الخضيري)، والثاني من وكيل جامعة الملك عبد العزيز (د/ عدنان زاهد)، والتعليق الثالث للدكتور الألماني يو بيكر المتعاون مع جامعة الملك سعود على برنامج العلماء المتميزين، والرابع من الدكتور جورج ميللي من جامعة ليدين بهولندا. وهنا نتساءل: هل يمكن اعتبار ما جاء في خطابات وكلاء الجامعتين والدكتور الألماني اعتذارا من مجلة ''ساينس''، أم أنه دفاع مُتَوَقَّع من المُتَّهَم؟! ولمـاذا لم تُتَرجِم أي صحيفة سعودية ما جاء في رسالة الدكتور الهولندي جورج ميللي الذي رَفَضَ عَرض جامعة الملك عبد العزيز؟! وبالتالي كيف زيَّفت وحرَّفت صحيفة جامعة الملك سعود ''رسالة الجامعة'' هذه الستة أسطر التي تُقدِّم لأربعة تعليقات وَصَلَت موقع مجلة ''ساينس'' ضمن 120 تعليقاً على تقريرها، مُدَعيَةً أنَّ المجلة (تؤكِّد سلامة موقف الجامعة في سياستها البحثية)؟! وهل ''سياسة'' البحث العلمي هي القضية التي أقامت الدنيا ولم تُقعِدها عند إدارة جامعة الملك سعود؟! أم هي تُهمَة شراء الأبحاث المنشورة في مجلات الـ ISI من خلال البرامج المختلفة التي أشارت إليها مجلة ''ساينس''؟! وكيف تجرؤ صحيفة جامعة تُفاخِر بأنها الأولى على العالم العربي والإسلامي في التزييف وتَقويل مجلة علمية عالمية رصينة ما لم تَقُله؟! هل تزييف الحقائق والتحريف في صحيفة الجامعة يعتبر من برامج (توعوية وتثقيفية عن حماية النزاهة والأمانة ومكافحة الفساد) التي دعا رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إلى تضمينها في مناهج التعليم الجامعي عند زيارته لجامعة الملك سعود الأسبوع الماضي؟! مـاذا تقول مجلة ''ساينس''؟! لم يصدق كثير من الأكاديميين أعينهم عندما قرأوا التحريف والتدليس الذي كَتَبَته صحيفة ''رسالة الجامعة'' والصحف الأخرى عن رَد مجلة ''ساينس'' إضافة إلى كتابات ''متطوعي ومحتسبي'' جامعة الملك سعود، على الرغم من المقال التحليلي الرائع للدكتور حمزة المزيني عن رد مجلة ''ساينس'' في صحيفة ''الشرق'' بعنوان (تضليل المُطبِّلين) في 15/3/2012. وبالتالي استلزم الأمر أنْ نتأكَّد ونَقَطع الشك باليقين، فنسأل صاحب الشأن في حقيقة ولُب القضية الجدلية: هل حقاً ''اعتذرت'' مجلة ''ساينس'' لجامعتي الملك سعود والملك عبد العزيز أم لا؟ وبحثاً عن الحقيقة من مصادرها للتأكّد من الدليل والبيِّنة بمهنية بعيدة عن الاجتهاد، أرسلت رسالة إلى رئيس تحرير الأخبار العلمية Science News التي نُشِرَ فيها المقال الأول والرَد، في مجلة ''ساينس'' كولن نورمان، وهو المحرر الثاني (مع السيدة جينيفر سيليز) الذي كَتَبَ مُقدِّمة الرد المُكوَّن من ستة أسطر، حيث وَجَّهت إليه ثلاثة أسئلة: (1) هل اعتَذَرَت مجلة ''ساينس'' من جامعتي الملك عبد العزيز والملك سعود عن تقريرها في 9/12/2011؟ (2) هل غيَّرَت مجلة ''ساينس'' من وجهة نظرها بشأن ممارسات جامعة الملك سعود البحثية في برنامج زمالة عالم متميز؟ (3) هل مَنَعَت مجلة ''ساينس'' المحرر يوديجيت باتاشارجي من الرد والتعقيب على خطاب جامعة الملك سعود لمجلة ''ساينس''؟ وما سياسة مجلة ''ساينس'' في تعاملها مع التعليقات التي تَصِلها على التقارير التي تكتبها؟ وقد وصل رَد رئيس زاوية الأخبار العلمية السيد كولن نورمان (صورته مرفقة)، الذي جاء فيه التالي: (1) مجلة ''ساينس'' لـم تعتذر في ردها المنشور في 2 مارس 2012 لجامعتي الملك عبد العزيز والملك سعود.. إنَّ نَشرَنا للتعليقات الأربعة لا يُمثِّل بأي صورة اعتذارا. وقد اطلعت على مقال في صحيفة سعودية تصدر باللغة الانجليزية يدَّعي أنَّ مجلة ''ساينس'' اعتذرت، وقد أرسلت رسالتين بالإيميل لرئيس تحرير الصحيفة ولكنه لم يَرُد. ولسوء الحظ، يبدو أنَّ بعض وسائل الإعلام السعودية قد حرَّفَت بشكل فاضح موقف مجلة ''ساينس''. (2) مجلة ''ساينس'' لم تتخذ موقفاً بشأن أخلاقيات وممارسات جامعة الملك سعود في البحوث.. وظيفتنا كصحفيين هي تقديم الحقائق بأقصى قدر ممكن من العدل، وليس أخذ موقف. (3) لا توجد فترة انتظار ثلاثة أشهر لنشر التعليقات التي تصل المجلة.. المجلة تُعطي كُتَّابَها الفرصة للرد عندما تستلم المجلة تعليقات تتحدى حقائق أو وجهات نظر في مقال نَشَرَته مجلة ''ساينس''. وفي هذا الموضوع، فإنَّ خطابات جامعتي الملك عبد العزيز والملك سعود لم تعترض على الحقائق التي أوردناها في تقريرنا الأول، وكل ما ورد في الخطابين هو شرح للبرامج الدولية في الجامعتين. إذا لم تَســتَحي.. وليت الأمر توقف عند تزييف إدارة جامعة الملك سعود عَبرَ صحيفتها الرسمية (رسالة الجامعة)، أو تدليس الصحف السعودية التي كَتَبَت عن رَد مجلة ''ساينس''، ولكنه تعداه إلى تزييف الحقائق وتَحَدٍ واستغفال بعقول القُرَّاء، قام ويقوم به ـــ مع الأسف زملاء ـــ أكاديميون من ''محتسبي ومتطوعي'' الدفاع عن إدارة الجامعة عبر مقالاتهم الصحفية في الصحف السعودية. حيث بدأ هذا التزييف والاستغفال، بل والاستفزاز والتحدي أكاديمي إعلامي كبير هو المُشرِف على الإدارة والتحرير في صحيفة ''رسالة الجامعة'' في جامعة الملك سعود ورئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال والمشرف على كرسي صحيفة ''الجزيرة'' للصحافة الدولية في جامعة الملك سعود الدكتور علي بن شويل القرني الذي كَتَبَ ''بتاريخ 10/3/2012 تحت عنوان (بعد اعتذار الـ ''ساينس''.. من الذي سيعتذر لجامعة الملك سعود؟)، مؤكِّداً أنَّ مجلة ''ساينس'' ''اعتذرت''، بل ينادي ويتحدى قائلاً: (لا زلتُ أنتظر من احتفل بمقال مجلة الـ ''ساينس'' قبل أسابيع عندما هاجمت الجامعات السعودية، وبعد أنْ عَلِمَ بما ذَكَرَته هذه المجلة في الأسبوع الماضي من سلامة وتوافُقيِّة ما تقوم به جامعة الملك سعود من ممارسات أكاديمية مع ما تقوم به جامعات عالمية. ما زلت أنتظر بشوق: متى سيعود هؤلاء إلى الاعتذار من مؤسسات التعليم العالي في بلادنا.. وخاصة من جامعة الملك سعود؟). في حين كَتَبَ الدكتور عبد العزيز الجار الله من جامعة شقراء بتاريخ 7/3/2012 مُبالِغاً في تزييف الحقائق على مجلة ''ساينس'' بأنها ''اعتذرت''، ومُمعِناً في استغفال القارئ السعودي قائلاً: (تَلَقَّفَ بعض الزملاء تقرير باتاشارجي الذي نُشِرَ إعلامياً بأكثر من لغة واعتبروه وثيقة، لكنهم التزموا الصمت عندما تراجعت مجلة الـ ''ساينس'' في عدد 2 مارس 2012 الذي أنصَفَ جامعة الملك سعود ورَدَّ لها الاعتبار واعتَذَرَ بطريقة أكاديمية وإعلامية مرموقة من الجامعتين، الملك سعود والملك عبد العزيز، ومن المنهجية التي تتبعها الجامعات السعودية، وسَكَتَ الزملاء عن التعليق، وهذه ظاهرة سلبية ليست قصراً على التعليم العالي وإنما في مجالات عدة وهي أنْ تسود الروح السلبية والتقليل من النجاحات). ثم يختتم الدكتور أحمد الفراج من معهد اللغة العربية في جامعة الملك سعود مسرحية تزييف الحقائق والتَطَوُّع والاحتساب للمدافعين عن إدارة جامعة الملك سعود بمقالين، الأوَّل بتاريخ 10/3/2012 يستخف بل ويستغفل القارئ حينما ''اخترع'' ممارسة جديدة لسياسة مجلة ''ساينس'' التحريرية قائلاً: (اللافت في الأمر هو أنَّ العادة جَرَت على أنْ يُعطَى مُحرِّر التقرير الأصلي الفرصة للتعقيب على الردود التي تَرِد إلى المطبوعة بعد نَشر التقارير، خصوصاً المهمة منها، وفي هذه الحالة لم تُعطِ مجلة الـ ''ساينس'' العريقة الفرصة للمُحرِّر باتاشارجي ـــ الذي كَتَبَ التقرير الأصلي عن شراء الجامعات السعودية للسمعة ـــ للرد والتعقيب)، ثم يختم مقاله الثاني في 12/3/2012 بتكرار ''مَطالِب مُتَطوعي ومُحتَسبي'' الجامعة قائلاً: (وهنا نتمنى من الزملاء الأعزاء الذين روجوا للتقرير الذي اتهم الجامعة قبل عدة أشهر أنْ يقولوا شيئاً، ونحن هنا لا نُطالبهم بالاعتذار، الذي هو من شيم الكبار، وإنما فقط نطلب منهم أنْ يقولوا كلمتهم الآن بعد أنْ اتَّضَحَت الصورة بشكلٍ كامل لا لَبسَ فيه، وإنَّا لمُنتَظِرون). ســَـنَعتَذِر؟! من الظُلم إهمال جهاد ''محتسبي ومتطوعي'' الدفاع عن إدارة جامعة الملك سعود ومُطالباتهم باعتذار جميع من هَلَّلَ وبَاَركَ واحتَفَلَ بتقرير مجلة ''ساينس'' الذي فَضَحَ الممارسات البحثية لجامعتي الملك عبد العزيز والملك سعود، وذلك بعد استماتتهم في الاستخفاف بعقول المواطنين والمسؤولين بهدف إقناع الرأي العام بأنَّ مجلة ''ساينس'' ''نَدِمَت واعتَذَرَت لجامعة الملك سعود وأكَّدَت سلامة سياستها البحثية''. حَسَنَاً. يُريد هؤلاء الأكاديميون ''الأُمَنَاء'' أنْ نَعتَذِر، فليَكُنْ. وباسمي ونيابةً عن كُل مَنْ هَلَّلَ وبَاَركَ واحتفل بتقرير مجلة ''ساينس'' الأوَّل أقول: ـــ نعم سـَنَعتَذِر، ولكن ليس لجامعة الملك سعود، بل للوطن بجميع مكوناته وأفراده. ـــ نعتذَِر ونقول يؤسفنا ويؤلمنا أنَّ أقدَم وأكبر جامعة في مملكتنا الغالية تغير الحقائق بهذا الشكل. ـــ ونأسف ونعتَذِر لِكُل فَرد على أرض هذه الجزيرة الغالية أنَّ بعض الأكاديميين يستخفون بعقولنا ويستغفلوننا ليُسوِّقوا علينا وعلى العالم هذا التدليس على أنَّه حقيقة ناصعة البياض. ـــ وأخيراً وليس آخراً، نعتذر لجميع قُرَّاء الصحف السعودية التي لم توضح لهم الحقائق كما هي وقَوَّلَت مجلة ''ساينس'' ما لم تَقُلْ. سؤال المليون؟! من وجهة نظر كل شخص أمين وصادق مع نفسه وقبل ذلك مُحِب لوَطَنه، فـإنَّ ما قامت به جامعة الملك سعود على صفحات صحيفتها الرسمية ''رسالة الجامعة'' بتزييف الحقائق والتدليس على الوطن والمواطن أخطر بكثير مما قامت به خلال السنوات الخمس الماضية من شِراء الأبحاث عَبر التعاون مع أكاديميين في جامعات أجنبية للقفز على سلالم التصنيفات العالمية، أو استيراد سيارة جيب مرسيدس تَعرَّضت لعملية تشويه في الشكل لتقديمها على أنَّها سيارة غزال من صُنع الجامعة في الدرعية. أقول كُل ذلك التزييف لا يُساوي شيئاً عند هذا التزييف والتدليس وتحريف رَد مجلة ''ساينس'' على أنَّه ''تراجُع من المجلة وتأكيداً منها على سلامة البحث العلمي في جامعة الملك سعود''. والخطورة في هذه الجريرة غير المسبوقة من الاستغفال والاستخفاف، أنها تأتي في زمن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتداعيات الربيع العربي، وبالتالي فهي جريرة خطيرة جداً تستَخِف وتستَغفِل كل مواطن ومسؤول، ناهيك عن تشويهها سمعة الجامعات والصحافة السعودية أمام أنظار العالم أجمع. ختاماً، فإنَّ سؤال المليون الذي يبحث عن إجابة في هذا المقام هو: أينَ وزارة التعليم العالي ووزيرها من هذه القضية الخطيرة أكاديمياً وسياسياً وإعلامياً؟ لـماذا ؟ لأنَّ وزير التعليم العالي هو رئيس مجلس جامعة الملك سعود، وهو أيضاً رئيس مجلس كل جامعة حكومية.
إنشرها