Author

لا تفضحونا..

|
ولعت بالشعر وحفظت الكثير منه في سنوات دراستي الأولى، كان البيت أو القصيدة التي تعجبني ترسخ في ذهني بسرعة ولا أحتاج وقتا كبيرا لحفظها، استمر حبي للشعر وتراجعت قدرتي على الحفظ السريع حتى خرجت ثورة الهواتف الذكية وأصبحت خير معين للحفظ والاستذكار. وعندما شكوت مصابي إلى أستاذي في الجامعة، قال ''للذاكرة البشرية قدرة على الاستيعاب فامسح بعضا مما فيها واترك حيزا للجديد ولا تخشى على ما حفظته في صغرك سيبقى ما بقيت الذكرى لأنه بذور مغروسة في تربة غير سبخة ستظل أشجارها صامدة أمام الزمن وتقلباته. أسوق هذا للرئيس المقبل للاتحاد السعودي الجديد المنتظر، وأقول انتبه سيدي الرئيس لقطاعات الناشئين والشباب، انتبه ورسخ في ذاكرتهم ما تريد استعادته في الموقف الصعب كما كنا يوم ملبورن العصيب. في قطاعات الفئات السنية الكثير من الأخطاء ترسخ في ذهنية النشء ولا ينفع التعديل بعد الكبر، ولا مسح ما في الذاكرة فالأصل ثابت وفرعه في السماء، يؤثر ويكون شخصية الناشئ ويشكلها. لا ألوم الأندية غير المخصصة على الاهتمام بالفرق الكبيرة وتجاهل الناشئين فالرئيس، أي رئيس ناد يأتي أربعة أعوام يريد أن يكتب اسمه في سجل البطولات ويوجه ميزانياته في هذا الاتجاه ولن يصفق الجمهور لو صفق لعمله في القطاعات الدنيا كما يفعل أمام بطولة هامشية للكبار. هي مسألة أوليات، وكل إنسان له الحق في ترتيب أولياته، لكن اللوم الأكبر يقع على اتحاد اللعبة نفسه، هل يعرف مسيرو كرة القدم في البلاد ماذا يدور في هذه القطاعات العمرية وكيف تدار ومن هم العاملون فيها وما هي مؤهلاتهم العلمية ولماذا جاؤوا إلى هذا المكان. أغلبهم وأنا أعرف أكثرهم، مشجعون متحمسون لأنديتهم يغذون التعصب في النشء ولا يملكون وعيا كافيا يسمح بتأسيس ناشئ على مبادئ الاحتراف، مؤهلات جلهم لا كلهم تختصر في القرب من الرئيس أو القدرة على تسديد فواتير سيارات الأجرة التي تحضر بعض اللاعبين، دون العودة للرئيس ما يبعد الإزعاج عن السيد الأول في النادي ويفرغه لمهمته وهدفه الخاص. هنا ولأجل مستقبل ننتظره لنا ولهم، أطالب الرئيس الجديد بسن قوانين لا تسمح إلا للمؤهلين بالعمل في هذا القطاع. احذر سيدي الرئيس المنتظر ففي قطاعات الشباب والناشئين ما لو انكشف وبان لأصبح فضيحة بجلاجل تتعدى حدود المجتمع الرياضي إلى المجتمع الكبير، احذر سيدي الرئيس فهذه قاعدتنا والقاعدة أساس البنيان إن صمدت صمد، وإن تهاوت فالبنيان إلى الانهيار أسرع من قطع الدومينو. ولأن وصف الداء أسهل من الدواء والصراخ لا يحتاج خططا، فأقول والله المستعان وعليه التكلان، يا رئيس اتحادنا المنتظر وكما فصل الاتحاد القاري إداريا لعبة كرة القدم في الأندية عن بقية الألعاب، افعل في إدارات الفئات السنية، وأجبر الأندية بالقانون الصارم على تخصيص ميزانيات خاصة لها، ضع شروطا ملزمة خاصة بالعاملين فيها كتلك التي يشترطها اتحاد القارة في المدربين، ألزم الأندية بمصادقة الاتحاد على أي عقد يوقع مع مدرب، شجع العاملين على النجاح والتنافس بوضع جوائز للإدارات الناجحة في هذه القطاعات وللاعب الأفضل واللاعب المثالي في الموسم والمدرب الأنجح واخلق جوا من التنافس الحقيقي وفق معايير واضحة لا تتغير بتغير البشر والمواقع والألوان. اضرب بالقانون سيدي الرئيس، فالقانون باق وكلنا راحلون وستبقى الفروع في الأرض شاخصة وشخوصها في السماء متغيرة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها