FINANCIAL TIMES

لندن يجب أن تخيف متداولي المعلومات الداخلية

لندن يجب أن تخيف متداولي المعلومات الداخلية

لندن يجب أن تخيف متداولي المعلومات الداخلية

إنهم يأخذون فرض القانون على محمل الجد في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي. وقد جعلوا من غوردون غيكو تحذيراً لمديري صناديق التحوط لعدم التداول بناءً على معلومات داخلية، ويتنصتون على هواتف المشتبه بهم. مقارنة بذلك، يواجه مديرو صناديق التحوط في ماي فير (مقر صناديق التحوط في لندن)، وجنيف، حيث انتقل فيليب جابر بعد تغريمه بمبلغ 750 ألف جنيه إسترليني بسبب سوء استخدام السوق أثناء عمله في صندوق التحوط، ''جي إل جي''، عام 2006، الأمور بسهولة تامة. وتواجه الأقلية الصغيرة التي تنتهك القوانين فرصة أقل بكثير للإمساك بها، أو الذهاب إلى السجن حين يتم الإمساك بها. تختار البنوك المشروعة المراكز المالية وفقاً لعوامل الولاء الوطني والضرائب والقوانين التنظيمية. ولكن المتداول بناءً على معلومات داخلية سوف يستقر بشكل منطقي خارج نيويورك أو غرينِيتش بولاية كونيكتيكت الأمريكية. ولدى صناديق التحوط خبرة جيدة في المخاطر والمكافآت، وتعتبر مخاطر مخالفة القوانين الآن أكبر في الولايات المتحدة منها في أوروبا. #2# يجسد مشهد مايكل دوغلاس وهو يمثل دوره في فيلم ''وول ستريت'' في شريط فيديو خاص بمكتب التحقيقات الفيدرالي، والذي يهدف إلى تثبيط التداول بناءً على معلومات داخلية، اختلافاً رمزياً. والأهم من ذلك هو الأساليب التي يستخدمها مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة العدل، وهيئة الأوراق المالية والبورصات – والنتائج التي تم تحقيقها. ومنذ عام 2009، قامت السلطات في نيويورك بمقاضاة 66 شخصاً بتهم التداول بناءً على معلومات داخلية، وصدرت إدانات، أو اعترافات بالذنب في 57 قضية منها. من شأن ذلك أن يخيف الناس، بينما لا يقلق مرتكبو الأخطاء في المملكة المتحدة، وأماكن أخرى، كثيراً بسبب ذلك، على الرغم من جهود هيئة الخدمات المالية لزيادة تحقيقاتها الجنائية. ولا يزال بمقدور السلطات القضائية الأخرى أن تتعلم من الولايات المتحدة حول كيفية محاربة جرائم الموظفين، وكيفية تخويف المتداولين بناءً على معلومات داخلية. أكبر تغيير حصل في الولايات المتحدة – أمر مستحيل في ظل القوانين الحالية في المملكة المتحدة – هو استخدام التنصت على الهواتف للحصول على إدانات في المحكمة. وساهم ذلك بالقبض على مجموعة من مديري صناديق التحوط، بمن فيهم راج راجاراتنام، مؤسس ''جاليون جروب''، الذي يقضي الآن عقوبة بالسجن لمدة 11 عاماً بسبب تهم التداول بناءً على معلومات داخلية، والاحتيال بالأوراق المالية. يقول كريستوفر غارسيا، الشريك لدى ''ويل، جوتشال آند مانجيس''، شركة المحاماة الأمريكية، والرئيس السابق لفريق عمل مكافحة الاحتيال في الأوراق المالية في مكتب المدعي العام الأمريكي في مانهاتن: ''لقد غيّر ذلك قوانين اللعبة، لأن من الصعب للغاية التحقيق في قضايا مهنيي صناديق التحوط بواسطة الوسائل التقليدية''. يتم في العادة تسجيل المكالمات في قاعات التداول في البنوك، ولكن قدرة مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهيئة الأوراق المالية والبورصات على التنصت على مكالمات الهواتف الجوالة، والمؤتمرات التي تتم عبر الهواتف، تجعل من الممكن تتبع الأحوال المضبوطة التي يتم بواسطتها تمرير المعلومات الداخلية بشكل غير رسمي. وبدون عمليات التنصت، فسوف يعتمدون على الوثائق والأدلة الظرفية. من المعروف أن من الصعب إثبات الجرم فيما يتعلق بالتداول بناءً على معلومات داخلية، لأنه يتعين على المحققين أن يربطوا المعلومات السرية التي يتم تمريرها بعمليات تداول الأوراق المالية، وإثبات أن المخالف كان يعمل بشكل غير قانوني. وفي صندوق التحوط، حيث يقوم المهنيون باستمرار بتداول أحجام ضخمة من الأوراق المالية، ولديهم في العادة ملفات مكثفة من الأبحاث والتحليلات تدعم كل قرار، فإن ذلك أمر صعب على وجه الخصوص. على الرغم من ذلك، من المهم القيام بذلك. وجادل بعض الباحثين بالقول إن التداول بناء على معلومات داخلية ينبغي أن يصبح قانونياً، لأنه يمثل وسيلة للحصول على جميع المعلومات المتاحة بشأن أي ورقة مالية في الأسواق بالسرعة الممكنة. ولكن القبول بذلك سيكون بمثابة القبول بأن بإمكان طبقة مميزة من خبراء المال استغلال مراكزهم الداخلية لجني الملايين – وهي نتيجة يشمئز منها معظم الناس. بالنظر إلى حجم المعلومات التي لدى المتداولين، والسهولة التي يمكنهم بها الاستفادة منها بشكل غير قانوني، تمثل خطوة التغيير في قدرة السلطات على القبض على المجرمين، وفرض عقوبات عليهم بالسجن إلى فترات طويلة (بدلاً من فرض غرامة مدنية يمكنهم ببساطة شطبها كتكلفة لإنجاز العمل)، خطوة أساسية. كان الأمر يسير على نحو أبطأ في لندن، حيث يعمل العديد من صناديق التحوط هناك، ناهيك عنها في جنيف. وحصلت هيئة الخدمات المالية على صلاحيات المقاضاة عام 2001، غير أنه كانت أول إدانة لها بسبب التداول بناء على معلومات داخلية عام 2009، بعد أن اعتمدت على الحصول على تعويضات مدنية، مثل قضيتها عام 2006 ضد ''جابر''، و''جي إل جي''، والغرامة الأخيرة البالغ قيمتها 7.2 مليون جنيه إسترليني التي تم فرضها على ديفيد إينهورن، وصندوقه، ''جرين لايت كابيتال''. يشكل عدم وجود الإرادة لأخذ قضايا معقدة وصعبة أحد أسباب تأخر هيئة الخدمات المالية. ويقول كارلوس كونسيكاو، الشريك لدى شركة كليفورد تشانس، والرئيس السابق لإنفاذ البيع الشامل في هيئة الخدمات المالية: ''إن الكم الهائل من الجهد الذي يرافق التحقيقات، والملاحقة القضائية، يجعله قانوناً من الصعب تطبيقه''. تواجه هيئة الخدمات المالية كذلك عوائق أعلى من الولايات المتحدة. وسوف يكون دليل التنصت الذي برهن على أنه مهم في قضية ''جليون جروب''، وفي تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي، ''التحوط المثالي''، بشأن إساءة صناديق التحوط لاستخدام المعلومات، دليلاً محظوراً في أي محكمة في المملكة المتحدة. وفي واقع الأمر، يتم تحدي الاستخدام الحديث في الولايات المتحدة لأجهزة التنصت أثناء الاستئناف. وعلاوة على ذلك فإن أقصى فترة عقوبة بالسجن في المملكة المتحدة هي سبع سنوات – نصف فترة عقوبة السرقة، أو الاحتيال، والتي ينبغي أن تعتبر جرائم بالقدر نفسه. وحين يتم دمجها مع إدانة غسيل الأموال فقط، بإمكان أي قاضٍ في المملكة المتحدة فرض عقوبة توازي 11 عاماً التي تم فرضها على راجاراتنام. تحاول هيئة الخدمات المالية أن تزيد من تصعيد التطبيق الجنائي، وكسبت قضية مهمة في العام الماضي حين حُكم على كريستيان ليتلوود، المصرفي السابق في ''درزدنر كلاينفورت''، بعقوبة السجن لمدة 40 شهراً بسبب التداول بناء على معلومات داخلية. وتم كذلك اعتقال مدير صندوق في ''ليغال آند جنرال''، في شهر شباط (فبراير) أثناء تحقيق بدأ بمجموعة من الاعتقالات تمت قبل عامين. يبقى الأمر مجرد جهد بسيط مقارنة بالإدانات على الجانب الآخر من الأطلسي، وتهديدات مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي أعلن في الأسبوع الماضي عن أنه يستهدف 120 مشتبهاً إضافياً، ويتوقع أن تستمر هذه الجولة من التحقيقات إلى خمسة أعوام أخرى. وسوف يلجأ المزيد إلى حياة أكثر أمناً في لندن الآن. إذا أرادت المملكة المتحدة أن تضاهي الولايات المتحدة، يتعين عليها أن تفكر باستخدام دليل التنصت على الهاتف وسياستها في مدة العقوبة. وإذا لم ترد ذلك، فسوف ينتقل أمثال جوردون جيكوس (المحتال الذي صوره مايكل دوجلاس في فيلم وول ستريت) في العالم إلى منطقة ماي فير.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES