FINANCIAL TIMES

مالوني مرشح قوي لخلافة بول أوتيلليني في «إنتل» رغم الجلطة والشلل

مالوني مرشح قوي لخلافة بول أوتيلليني في «إنتل» رغم الجلطة والشلل

سأل شيان مالوني السؤال الذي كان يدور بذهني قبل أن أسأله إياه. ''هل تعتقدين أني أفضل أم أني لست أفضل؟'' كما سألني، ولم يكد يمضي على بدء حديثنا 15 دقيقة. وهذا ليس سؤالا غريبا في حالته. فقبل عامين، لم يكن يعرف حتى إذا كان بوسعه التحدث ثانية بعد أن تعرض لجلطة دماغية. فقد كان يركض مع ابنه البالغ من العمر 20 عاماً، ثم جلس على سريره في منزله في سان فرانسيسكو وأغمي عليه. وهو يستذكر قائلا: ''حين استيقظت لم يكن هناك شيء. كان الأمر مريعا، الاستيقاظ بهذا الشكل والتساؤل عما كنت أفعله في حياتي''. بحلول ذلك الوقت، كان مالوني المولود في لندن يعتبر على نطاق واسع المرشح الأكيد لخلافة بول أوتيلليني، الرئيس التنفيذي لشركة إنتل، الذي من المقرر أن يتنحى عام 2015. وقد ارتقى مالوني بسرعة عبر صفوف الشركة منذ انضمامه لها عام 1982- إلا أن الجلطة جعلت ارتقاءه المحتوم موضع تساؤل. وهو يقول: ''كادت تقتلني''. وقد ضربت الجلطة جزءاً من الجانب الأيسر من الدماغ الذي يتحكم في اللغة. وتطلب الأمر منه عدة أشهر لتعلم التحدث ثانية واستعادة السيطرة على الجانب الأيمن من جسمه. وقد عاد إلى العمل في مطلع العام الماضي، وفي شهر أيار (مايو)، أنشأت الشركة منصباً جديداً هو رئيس مجلس إدارة شركة إنتل تشاينا. وسعى مالوني بكل ما أوتي من قوة للحصول على هذه الوظيفة، وانتقل مع زوجته مارغريت وأطفاله الصغار الثلاثة إلى العاصمة الصينية بكين في شهر تموز (يوليو) الماضي. وتظهر أشرطة الفيديو عن أدائه في المناسبات التي تعقدها الصناعة قبل إصابته بالجلطة، مثل معرض كمبيوتكس في تايوان أو معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في مدينة لاس فيغاس الأمريكية، حيث كان يلقي الخطابات الرئيسة وقدم منتجات شركة إنتل، رجلاً حماسياً للغاية ونشطاً جداً ويتحدث بسرعة في مهمة دائمة باعتباره آلة تسويق مؤلفة من رجل واحد. ظاهرياً، يبدو مالوني مختلفاً تماماً الآن. ويبدو أنه حتى لهجته، التي تتسم بلكنة أمريكية اكتسبها بعد عدة سنوات عاشها في الولايات المتحدة، عادت إلى أصولها البريطانية- وهي ملاحظة يعتقد أنها مسلية. فهو يقول: ''ستشعر والدتي، ليباركها الله، بالصدمة''. ولا يزال مالوني يحاول التمسك بجدول زمني لا يسبب له الإرهاق ولكن كما يصف روتين حياته، فقد بدأ صبره ينفد ومن الواضح أنه أثناء تعافيه ربما يرهق نفسه بالعمل فعلاً. ويقول في هذا الصدد: ''في الوقت الراهن، أذهب نحو الساعة الثامنة والنصف وأعمل حتى الخامسة والنصف، وفي ليلتين أو ثلاث ليال، يكون لدي عشاء عمل، وهذا أمر جيد''. ولكنه يعترف بعد ذلك أنه يتحدث هاتفياً مع ولاية كاليفورنيا في الصباح الباكر، ويتحدث ثانية هاتفيا نحو الساعة التاسعة مساء، ويقوم برحلة واحدة على الأقل لمدة عشرة أيام إلى الولايات المتحدة كل شهر. وهو يقول ضاحكا: ''أعتقد أني قد أنضم إليك قريباً جداً مع ساعات العمل الجنونية هذه''. ويضيف أنه في حين أنه كان يحصل على عشر ساعات من النوم يومياً قبل ثلاثة أشهر، أصبحت الآن تسع ساعات على الأرجح، ويتوقع أن تنخفض ساعات نومه أكثر في الأشهر المقبلة. ويعبر الزملاء عن إعجابهم بطاقته التي لا تصدق. ويقول ريتشارد هسو، رئيس شركة إنتل كابيتال تشاينا: ''نشاطه مذهل. أشك أن أي شخص آخر سيتمتع بهذا العزم، وبدون هذا العزم لم يكن من الممكن أن يعود بهذا الشكل''. ويميزه هذا النشاط والحماس معظم حياته. فقد كان الطفل الأصغر بين ستة أطفال لأب عامل مصنع، وكان يساعد على تنظيم المظاهرات الاشتراكية في عمر مبكر منذ الرابعة عشرة. وهو يقول: ''لو نشأت في بريطانيا في أوائل السبعينيات، ستجد أنها مكان بارد ومظلم''. في وقت لاحق، ترك الدراسة في الجامعة لأنه كان متحمساً للعمل في مجال البرمجة والحوسبة. وفي عام 1982، انضم إلى شركة إنتل، حيث حصل على فرصة الارتقاء بسرعة كافية حسب رغبته: في غضون عشر سنوات أصبح مساعد آندي غروف، الذي كان الرئيس التنفيذي للشركة في ذلك الحين، وبعد أقل من عقد تم تعيينه في منصب نائب الرئيس. وتظهر رغبته في المضي قدماً حين نجتمع في قاعة المؤتمرات في مقر شركة إنتل في الصين، حيث يقضى مالوني العديد من أيام عمله. وهو في حركة مستمرة، حيث يشير بيده من النافذة لتوضيح مدى السرعة التي نمت فيها البلاد، ويرسم على لوح كتابة أبيض. ولكن هناك شيء ما ليس على ما يرام. فهو يضع خارطة الطريق للسوق الصينية في السنوات المقبلة، ولكن وهو يكتب ''2012''، يبدو الرقم مهتزا والرقم الأخير مقلوب. افترضت أن هذا من الآثار المتبقية للجلطة، ولكنه يوضح أن كتفه تمزقت في الفترة الأخيرة بسبب حادث على الدراجة الهوائية. وكما يحدث غالباً في حركة المرور الفوضوية في بكين، ''ظهر رجل فجأة أمام دراجتي الهوائية، وضغطت على الفرامل وطرت أمام العجلة الأمامية''، كما يقول. وكان قد أجرى جراحة لكتفه من قبل لأنه كان يمارس التجديف كثيرا، وهي الرياضة الشغوف بها منذ عقود. ويعتقد أن التجديف- وإصراره طوال حياته على مواصلة دفع نفسه- هو ما ساعده على التعافي. فبعد إصابته بالجلطة مباشرة، لم يجرؤ الأطباء على تقديم وعود له بأنه سيتمكن من التجديف مجددا. ولكنه أصر على البدء بذلك منذ اليوم الذي عاد فيه إلى المنزل من المستشفى. ويظهر قوة مماثلة فيما يتعلق بكتفه، الذي سيحتاج إلى عملية جراحية ثانية. فهو يقول بابتسامة صبيانية: ''أنا أتعلم أن أكتب بيدي اليسرى الآن''. ويتعامل مالوني مع استعادة حياته المهنية بنفس الانضباط الصارم. فوظيفته الحالية تبدو مثل دور مصمم له لإثبات نفسه. حين أعادت شركة إنتل تنظيم الأدوار في صفوف الإدارة الشهر الماضي، كان العديد من المراقبين يتوقعون ترقية بريان كرزانِتش، رئيس التصنيع، إلى منصب المدير التنفيذي للعمليات في إشارة إلى أن آخرين تقدموا عليه في السباق نحو المنصب الأعلى. إلا أن أوتيلليني قال علنا: ''لا أستبعده''. لا شك أن مالوني لديه الكثير من العمل في الصين. فهو يقول بحماس: ''أولاً، تفوقت الصين على الولايات المتحدة باعتبارها سوق الكمبيوترات الشخصية الأولى وهذا هو في الواقع سبب وجودي هنا. كانت السوق الأمريكية في المرتبة الأولى لمدة 40... متى أسسنا الشركة؟... 44 عاماً. هذا مذهل''. وهو يؤكد أن التغيير من أوائل التسعينيات، حين زار الصين للمرة الأولى، وحاولت ''إنتل'' إنشاء علامتها التجارية عن طريق توزيع لاصقات صغيرة زرقاء مكتوب عليها ''إنتل انسايد'' على الناس ليضعوها على دراجاتهم الهوائية. والآن، أصبحت الصين ليس فقط قاعدة الإنتاج الرئيسة بل أهم سوق في العالم للمنتجات التقنية. ويقول مالوني في هذا السياق: ''كل الإدارة في الولايات المتحدة، وعلي الذهاب والعودة كثيراً، ما يوضح مكانة الصين. إنها ليست حقا سوقاً ناشئة. فقد برزت بالفعل''. وهو يتوقع أن تصبح نصف جميع الهواتف في الصين هواتف ذكية بعد عامين أو ثلاثة، وأن تشكل الصين والولايات المتحدة نصف الطلب العالمي على الكمبيوترات الشخصية عام 2016. وتشمل عمليات ''إنتل تشاينا'' اختبار الرقاقات وعملية التعبئة والتغليف في تشنغدو، التي تشكل حوالي نصف اختبارات الرقاقات والتعبئة لشركة إنتل في جميع أنحاء العالم، ومصنع لتصنيع أشباه الموصلات في مدينة داليان الصينية. ولكن على الرغم أن هذا المنصب في الصين مهم جداً، ألا يفكر بما فعلته الجلطة لمسيرته المهنية؟ يعترف قائلا: ''نعم بالطبع. فقد غيرت موقفي. ولكن عليك المضي قدماً وتقديم أفضل ما لديك. ومن يعلم ماذا سيحدث؟ في الوقت الحالي، الصين رائعة''. وإذا لم تصبح الصين نقطة انطلاقه إلى القمة، يقول مالوني إنه سيكون راضيا بذلك على أي حال. ''إذا مت بعد أن فعلت هذا فقط، سأكون راضياً''. السيرة الذاتية - ولد في 5 تموز (يوليو) 1956 في لندن - المستوى التعليمي: درس في جامعة ثيمز بوليتيكنك، ولكنه لم يكمل دراسته. الحياة المهنية - 1976: وضع برنامجاً لأجهزة الكمبيوتر المركزية في بنك باركليز - 1982: انضم إلى شركة إنتل. كان أولاً مدير هندسة التطبيقات في المملكة المتحدة، ثم أصبح المدير القطري، ثم مدير التسويق في شركة إنتل يوروب. - 1992: أصبح المساعد الفني لآندي غروف، الرئيس التنفيذي لشركة إنتل. - 1995: أصبح رئيس المبيعات والتسويق لمنطقة آسيا – المحيط الهادئ. - 1998: أصبح رئيس المبيعات العالمية. - 1999: نائب أول للرئيس. - 2001: نائب الرئيس التنفيذي، رئيس شركة إنتل كوميونيكيشن جروب. - 2004: المدير المشارك لشركة موبيليتي جروب. - 2006: المسؤول التنفيذي الأول عن المبيعات والتسويق. - 2009: المدير العام المشارك لمجموعة آركِتكتَشر. - 2011: رئيس مجلس إدارة شركة إنتل تشاينا. - العائلة والهوايات: متزوج وله خمسة أطفال، يمارس ركوب الدراجات الهوائية والتجديف.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES