FINANCIAL TIMES

أسواق الأسهم «المدمنة» تتلهف على مزيد من الحوافز

أسواق الأسهم «المدمنة» تتلهف على مزيد من الحوافز

أخذت أسواق الأسهم تلتقط أنفاسها. فبعد ارتفاع ملحوظ في الأسعار عقب مستوياتها المتدنية في تشرين الأول (أكتوبر)، دخلت مؤشرات الأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا في استراحة الأسبوع الماضي. كانت الرواية في الشهرين الأولين من هذا العام، اللذين شهدا الجزء الأقوى من الانتعاش، هي إلى حد كبير قوة الصدمة المتمثلة في قروض البنك المركزي الأوروبي الرخيصة لمدة ثلاث سنوات للبنوك، التي صاحبتها بيانات اقتصادية أفضل، خاصة في الولايات المتحدة. ويوم الأربعاء حدثت عملية إعادة التمويل على المدى الطويل، حيث حصلت بنوك أوروبا على 530 مليار يورو. بالنسبة لبعضهم كانت قصة الأسبوع التي تلقي ضوءا أكبر هي رد فعل المستثمرين على تصريحات بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، التي أطاحت بآمال بأن يشرع مجلس الاحتياطي الفيدرالي قريباً في جولة أخرى من التسهيل الكمي. وعلى الرغم من المشاعر الإيجابية التي تحيط بإجراءات البنك المركزي الأوروبي، سرعان ما تراجعت الأسهم واليورو بسرعة مع ارتفاع الدولار الأمريكي. وتثير خيبة الأمل هذه سؤالا قد يحدد بدوره كيفية تصرف الأسهم في الأشهر المقبلة، وهو هل أصبحت الأسواق تعتمد بشكل مفرط على سيولة البنوك المركزية المتزايدة؟ إن رسم العلاقة البيانية بين حجم ميزانية الاحتياطي الفيدرالي ومؤشر ستاندر آند بورز 500 يظهر وجود علاقة قوية، ما يوحي بأن هناك بعض الحقيقة في مفهوم الاعتماد. والأكثر إثارة للانتباه هو أن تحركات اليورو تتبع التغيرات في حجم ميزانية الاحتياطي الفيدرالي نسبة إلى حجم ميزانية البنك المركزي الأوروبي، التي ترتفع مع قيام الولايات المتحدة بطبع مزيد من الأوراق المالية وتنخفض حين تفعل أوروبا ذلك. وبحسب إد يارديني، مؤسس شركة يارديني للأبحاث: ''الأسواق مدمنة''. لكن على الرغم من كون يارديني متفائل هذا العام، إلا أنه لا يزال غير متأكد من الجانب الإيجابي لذلك على الأسهم في الوقت الحالي، ولا سيما مع مراوحة أسعار النفط بالقرب من مستوياتها المرتفعة بعد الأزمة. ويشير إلى الصعود والهبوط الحاد للأسهم في العام الماضي، حين انخفضت 20 في المائة لتصل إلى أدنى مستوياتها في تشرين الأول (أكتوبر)، قبل أن تنتعش ثانية بمكاسب بلغت نحو 30 في المائة. ويقول: ''شهدنا سوقاً منخفضة الأسعار وأخرى مرتفعة الأسعار واحدة تلو أخرى. أعتقد أن الأسواق قللت من أهمية كثير من الأخبار الجيدة وليس هناك الكثير من الأخبار السيئة في السوق. من الصعب تصور ارتفاع السوق أكثر من ذلك دون حل مسألة ارتفاع أسعار الطاقة''. وسعر النفط الذي انخفض قليلاً نهاية الأسبوع الماضي بعد أن بلغ أعلى مستوى له منذ تموز (يوليو) 2008، يشكل مصدر قلق بالنسبة لكثير من المستثمرين، على الرغم من أن معظمهم يرجح حاليا أن يؤدي إلى إبطاء النمو وليس إلى ضرب الأسواق. ويقول مايك تيرنر، رئيس قسم تخصيص الأصول في شركة أبردين لإدارة الأصول: ''سعر النفط هو التهديد الأكثر أهمية على الانتعاش. ومن المرجح أن يكون بمثابة ضريبة على النمو (...) لم يكن هناك توقف للأسهم منذ كانون الأول (ديسمبر). لذا سنشهد نوعا من فقدان الزخم في الأسواق وفترة من الاندماج والتكامل''. وارتفع مؤشر داكس 30 في ألمانيا بنسبة 40 في المائة عن مستوياته المنخفضة في أيلول (سبتمبر)، لكنه ظل ثابتاً على مدى الأسبوعين الماضيين. ويقول أولاف تشين، وهو مدير أول للمحافظ في ستوربراند، وهي شركة تأمين نرويجية، إننا نشهد مسيرة انتعاش اقتصادي أنموذجية، حيث أداء الأسهم والسندات والسلع جيد مقابل المال النقدي هذا العام. ويتساءل: ''طالما أن هناك استمراراً للنمو على الرغم من كل شيء، وطالما أن هناك سيولة في البنوك المركزية، فإن الوضع جيد بالنسبة لأسواق الأسهم. أين يمكنك وضع أموالك إن لم يكن هناك؟''. ويبدو أن التقييمات تدعم هذا. فأرباح أسهم مؤشر فاينانشيال تايمز جلوبال آل كاب تبلغ 2.6 في المائة، مقارنة بعائد سندات الخزانة الأمريكية لمدة عشر سنوات، البالغ 2 في المائة. وأحد مصادر القلق هو الأحجام المنخفضة التي رافقت الانتعاش. وبأسعار الدولار، فإن إيرادات ستاندر آند بوزر لعشرين يوماً تقف عند أدنى مستوياتها منذ عام 1998، وفقا لبنك إتش إس بي سي. ويقول رونان كار، الخبير الاستراتيجي في الأسهم في مورجان ستانلي: ''لا شك أن هذا شيء يأتي مع المستثمرين الذين نتحدث إليهم''. وفي حين يشعر بعض المراقبين بالقلق من هشاشة الانتعاش، إلا أن تشين يقول إنه قد يكون مفيدا مع سحب المستثمرين ـ بمن فيهم هو نفسه ـ المحايدين بشأن الأسهم، إلى السوق. ''لا يزال كثير من المستثمرين يقللون من أهمية المخاطر. الناس ينتظرون الانخفاض كي يشتروا. هذا أيضا دعم طبيعي للسوق''. لكن بالنسبة لمعظم المستثمرين، فإن أكبر تأثير مهم على الأسهم هو ما سيحدث للنمو الاقتصادي، خاصة في الولايات المتحدة، في الأشهر المقبلة. فهو ''ما سيكون المحدد الرئيسي في النهاية هو توقعات النمو''، بحسب كار. ويضيف أن الأسواق كانت في وضع جيد حيث دفعت البيانات الاقتصادية الجيدة التي ترافقت مع إجراءات السيولة من البنوك المركزية، الأسعار إلى أعلى. وعلى الرغم من سلسلة البيانات الإيجابية، لا تزال هناك مخاوف بشأن وتيرة الانتعاش في الولايات المتحدة. وقد انخفضت بيانات التصنيع لمعهد إدارة الموارد في شباط (فبراير)، ما يظهر نموا، لكن أقل مما توقع كثير من الاقتصاديين. وقد ترتفع المؤشرات الاقتصادية المفاجئة في الولايات المتحدة إلى الذروة قريبا، ما يشير إلى فقدان الزخم الذي قد يؤثر في الأسهم أيضا. وهنا يكمن القلق بشأن إدمان السوق على الحوافز. ويقول يارديني: ''من المفترض أن تؤدي كل هذه السيولة إلى نمو مستدام ذاتيا. إذا لم يكن الاقتصاد العالمي قادرا على النمو لوحده الآن، فنحن حقا في ورطة''. ويضيف: ''وإذا لم يكن قادرا على النمو، فلماذا تستمر الأسهم في الارتفاع؟''.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES