FINANCIAL TIMES

فضيحة «الصن» تطيح أحد الرؤوس الكبيرة

فضيحة «الصن» تطيح أحد الرؤوس الكبيرة

بتنحيه عن رئاسة شركة نيوز إنترناشونال، تخلى جيمس مردوخ عن كثير من الصلاحيات التي أعطيت له في أواخر 2007، حين قام والده روبرت بترقيته إلى دور يهدف إلى إثبات أنه يمكن أن يكون خير خلف لرئيس مجلس إدارة شركة نيوز كورب. وفي ذلك الحين كان كثيرون في الشركة يعتقدون أن الرئيس التنفيذي الشاب الذي بنى سمعته في شركتي ستار تي في Star TV وبي سكاي بي BSkyB للتلفزيون المدفوع، ليس لديه اهتمام كبير بالصحف ولا يريد أبداً الإشراف على شركة الصحافة المطبوعة المتعثرة في المملكة المتحدة. لم يكن أحد ليخمن في ذلك الحين أن الكشف عن عمليات واسعة النطاق للتنصت على الهواتف، والدفعات المالية الفاسدة، وقرصنة الكمبيوتر في نيوز إنترناشونال ستشوه سمعة جيمس وتضعه في قلب الفضيحة التي جعلت شركة صحف الفضائح سامة على نحو متزايد. ربما يبدو من المريح بالنسبة له التخلي عن آخر أدواره في لندن إلى جانب رئاسة بي سكاي بي، لكن ذلك لن يفيد كثيرًا في فصله عن الفضيحة التي تزداد انتشاراً، التي تعمل على تفكيك قاعدة السلطة التي بناها في العاصمة البريطانية، كما يقول أقرب مستشاريه. بعد ترقيته من رئيس تنفيذي لشركة بي سكاي بي إلى رئيس لنيوز كورب في أوروبا وآسيا، وهو منصب أنشئ خصيصا له، شكل جيمس فريقه المالي والقانوني والتسويقي والتشغيلي الخاص به. وسرعان ما بدأت شخصيات كبيرة في مقر نيوز كورب في نيويورك تتحدث بحذر عن لندن باعتبارها البلاط المنافس للأمير الصغير. وبدأ تحدي قاعدة السلطة هذا في آذار (مارس) الماضي، حين تم تعيين جيمس في منصب نائب مدير التشغيل في نيوز كورب. وكانت هذه الخطوة تهدف إلى جلبه إلى نيويورك، حالما يتم ترتيب عرض نيوز كورب للحصول على السيطرة الكاملة على بي سكاي بي، الذي كان يبدو أمرا شكلياً. وكانت الخطة تقضي بوضعه قريبا من والده ليكون تحت جناح تشيس كاري، مدير التشغيل، لكن جيمس كان ينوي الحفاظ على سلامة إمبراطوريته بوجود الفريق نفسه الذي يتبع له. لكن فضيحة الصحف التي تفجرت في تموز (يوليو) 2011 غيرت كل هذا وأدت إلى سلسلة من الاستقالات وعمليات إعادة التعيين ضمن الفريق. وتخلى جيمس شخصياً عن دوره في مجلس إدارة جلاكسو سميث كلاين، حيث كان يسعى لتخليص نفسه من لندن. ظاهريا، لم يغير إعلان الأربعاء الكثير. فقد تم تعيين توم موكريدج في منصب الرئيس التنفيذي لنيوز إنترناشونال في تموز (يوليو) الماضي، ويبين دور روبرت مردوخ في تسريع خطوة تحويل صحيفة ''الصن'' إلى مطبوعة تعمل سبعة أيام، أنه لا يزال بوسعه اتخاذ القرارات في وابينغ، قاعدة نيوز إنترناشونال في شرق لندن. ويقول أشخاص مقربون من جيمس إنه كان يخطط منذ نحو عام للتخلي عن أدواره في المملكة المتحدة على مراحل. ووصف دوغلاس ماكابي، المتخصص في النشر في أنديرز أنالِسيس، قراره بالتنحي عن رئاسة نيوز إنترناشونال بأنه ''التغير الأقل إثارة للدهشة في الشركة الذي يمكنني التفكير فيه''. ويضيف ستيف بارنيت، أستاذ الاتصالات في جامعة وستمنستر: ''لقد كان واضحاً لي منذ بعض الوقت أن جيمس مردوخ لا يشارك والده في شغفه بالصحف، لذا لا يفترض أن يكون تنحيه مفاجأة''. إلا أن الرمزية هنا مهمة. فهذه الخطوة لا تمثل فقط المرة الأولى التي يخلو فيها مجلس إدارة نيوز إنترناشونال من أي من أفراد عائلة مردوخ، بل يقول أشخاص مقربون من جيمس إنه كان مترددا بشأن التنحي لأنه يعرف أنه قد يتم تفسيره على أنه انسحاب. وتوقيت القرار محير كذلك. فقد جاء بعد يومين من سماع تحقيق ليفيسون الرواية الرسمية الأولى من الشرطة التي أفادت بأن المدفوعات للحصول على قصص الأخبار امتدت إلى مجموعة واسعة من ضباط الشرطة والمسؤولين الحكوميين، الذين كسب بعضهم عشرات الآلاف من الجنيهات. وزاد هذا الخبر من الخطر الذي يتهدد نيوز كورب في الولايات المتحدة، حيث تحقق وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي وهيئة الأوراق المالية والبورصات في نشاطات الشركة. ويقول محامون مستقلون إن مثل هذه المدفوعات قد تقع تحت طائلة قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة. إلا أن أحد الأشخاص المقربين من الشركة يصر على القول: ''لا يتعلق هذا على الإطلاق بتحقيق ليفيسون. إنه يشير إلى التزام الشركة المتزايد باستراتيجيتها الدولية''. ذلك أن جيمس، من خلال وجوده في نيويورك، بعيداً عن بي سكاي بي وستار تي في وسكاي إيطاليا وسكاي دويتشلاند، سيكون أقرب إلى أعمال القنوات التلفزيونية لنيوز كورب، كما يقول هذا الشخص. وتنتظر نيوز كورب بفارغ الصبر قيام مجلس العموم بنشر تقرير اللجنة الإعلامية بشأن الفضيحة، الذي يتوقع أن يشتمل على انتقادات حادة. ويقال إن أعضاء اللجنة يناقشون اللغة التي يجب استخدامها فيما يتعلق بدور جيمس، وليس من الواضح ما إذا كان سيتم تقريعه. ويقول أحد الأشخاص المقربين من عائلة مردوخ إن موظفي الصحف التابعة لها يشعرون بالراحة لوجود روبرت مردوخ في لندن لفترة غير محددة للمساعدة في ولادة نسخة عدد الأحد من صحيفة ''الصن''. ويضيف هذا الشخص: ''يمكن القول إنه لم يكن ينبغي لروبرت قط أن يسمح بأن تغيب هذه الصحف عن رقابته الشخصية لأنه في الواقع المسؤول التنفيذي الكبير الوحيد في نيوز كورب الذي يفهم كيفية عمل الصحف الشعبية''. كان مردوخ في أدنبره الأربعاء، ولم يشر إلى الفضيحة إلا في تعليق نشر في تويتر عن قيام الشرطة (في عام 2008) بإعارة ريبيكا بروكس، الرئيسة التنفيذية السابقة لنيوز إنترناشونال، أحد الخيول التابعة للشرطة، وهو الخبر الذي تصدر عناوين الصحف. إلا أن رد الفعل على خروج جيمس يشير إلى أنه لا يزال يكافح للسيطرة على سياق هذه القصة التي تتغير بسرعة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES