Author

فاقد الشيء لا يعطيه!

|
''فاقد الشيء لا يعطيه''.. هذه قاعدة جوهرية، وفي حالتنا تصبح هذه القاعدة ملحة. فقد نشرت دراسة عن المعلم السعودي. الدراسة قام بها الباحث السعودي خالد بن صقر الدنوني وأصدرتها كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض، ونشرتها جريدة ''الشرق الأوسط'' في الثالث من يوليو الماضي. أكدت الدراسة تدني دور المعلم السعودي المعرفي. ففي الوقت الذي يندفع العالم إلى المستقبل الواسع، ما زال المعلم السعودي يتبع أسلوب الحفظ والتلقين.. وهو أسلوب انتهى عهده منذ عصر ثورة المعلومات وتدفقها من خلال الأجهزة التكنولوجية الحديثة. في عصر العولمة، اختلف واقع المعلم وبالتالي واقع الطالب، وأصبح سوق العمل يحتاج إلى عقليات مختلفة قادرة على الابتكار والإبداع، وليس معلومات يحشرها المعلم في عقل الطالب عن طريق التلقين والحفظ، وليس طريق المناقشة والإقناع. إن المجتمع الذي يبحث عن تقدمه، عليه أن يبدأ بالتعليم، فقد أصبح التعليم هو محرك كل نشاط في عالمنا المعاصر، والبداية من التعليم منطلقها الأول هو المعلم. فإذا كان المعلم مدركا لطبيعة العصر، وكان منفعلا به فإنه سوف ينقل إدراكه للطالب. المعلم هو حجر الأساس في تقدم أي أمة وإذا كانت الدراسة القيمة التي قام بها الباحث خالد بن صقر قد توصلت إلى هذه النتيجة المخيفة والمؤسفة في الوقت نفسه فإن ذلك يعني أننا نفرط في المستقبل. فالمستقبل لن يصنعه سوى هؤلاء الطلاب، لكن لأن المعلم السعودي يفتقد علاقته بالعصر، فإنه بالتالي سوف يظل على حاله من التخلف. إن نموذجاً واحداً قريباً منا يؤكد ما وصل إليه الباحث السعودي. المثل هو ماليزيا التي كانت متخلفة فقيرة، لكن بانيها الحديث مهاتير محمد وضعها على خريطة العصر وأصبحت من النمور الآسيوية. ولم يكن هذا إلا اعتمادا على التعليم في البداية، فالتعليم هو قاطرة التنمية في أي أمة والمعلم هو قائد هذه القاطرة. غير أن الدراسة وضعت يدها على نقطة شديدة الأهمية، فقد أكدت أن ضعف الحوافز والدوافع لدى المعلمين نحو تطوير مهاراتهم باستخدام مفردات التقنية الحديثة في التعليم يمثل مشكلة مهمة، من المهم البحث لها عن حل. قدمت الدراسة توصيات مهمة لإيجاد معلم قادر على ممارسة العملية التعليمية الحديثة، لصنع طالب عصري، كيف يتعامل مع مفردات العصر. إنه من الضروري الاستفادة من هذه الدراسة القيمة التي تضعنا على أول الطريق الصحيح لبناء مستقبل أكثر إشراقا لبلدنا الغالي. ولا أظن أن الدراسة المهمة جاءت من أجل الحصول على درجة الماجستير فقط. ولكنها تشخيص أمين لحالة العملية التعليمية في المملكة وإذا كان التشخيص أمينا، فإن العلاج يصبح سهلا، هذا إذا أقدمنا عليه.. وإلا فإن فاقد الشيء لا يعطيه.
إنشرها