Author

من عفيف إلى شقراء .. الجريمة والعقاب

|
أصدقكم أنني لم أتمكن من إكمال مقطع الاعتداء على نزيل مركز التأهيل في عفيف في اليوتيوب، مشاهد التعذيب الجسدي والنفسي التي حملها المقطع مقززة فعلاً. الأسوأ من ذلك هو أنها صدرت ممن يفترض أن يكونوا قلوباً حانية تتعامل مع مجموعة حساسة ولها حق الحصول على الرعاية والاهتمام أكثر من غيرها. بحثت عن المقطع بعد أن قرأت وجهة نظر الوزارة على الصفحة الأولى من صحيفة ''الاقتصادية''، التي أكدت أن حالات العنف ''حسبما عرض على الوزير''، تعد على أصابع اليد الواحدة. تبرير مؤلم لحالة أكثر إيلاما، فعلا كان الحديث في سياق التبرير، ومحاولة الحد من أثر الحادثة في سمعة الوزارة. أعتقد أن هذه قضية رأي عام، تصرف الوزارة معها سيؤدي إلى واحدة من نتيجتين: إما أن تخرج الوزارة بسمعة الحريص على المنتمين لمراكز التأهيل والمواطنين الذين يحتاجون إلى خدماتها. أو تزداد سمعة الوزارة سوءاً، وتخدش علاقتها مع المجتمع، وتخسر ثقة الناس بها. يقرأ الناس اليوم في الصحف ويشاهدون على القنوات ردود أفعال المسؤولين في دول العالم المتقدم عند حدوث تجاوز أو خطأ حتى ولو كان غير مقصود. في الأشهر الستة الماضية استقال أكثر من سبعة وزراء في دول مختلفة بسبب أخطاء ارتكبت من قبل موظفين يتبعون هذه الوزارات، واضطر عدد منهم للاعتذار علناً عن أخطاء أو تجاوزات مسؤولي أو موظفي الوزارة. أنا واثق بأن جميع مسؤولي الوزارة يرفضون هذه السلوكيات، لأنهم جميعاً أبناء الوطن ولا يقبلون أن تمثل وزارتهم بهذا الشكل السيئ. التعامل مع هذه الأزمة لا بد أن يكون بشكل مختلف. إذ لا بد أن يتأكد الرأي العام أن المسؤول غاضب ورافض لهذا السلوك غير المبرر، كما يجب أن يقتنعوا أن مثل هذه الحادثة لن تكرر. لو كان لي من الأمر شيء لاتخذت الخطوات التالية: ـــ كف يد جميع العاملين في هذا المركز من أكبر مسؤول إلى حارس البوابة، وإحالتهم جميعاً للتحقيق. واستبدالهم بفريق يباشر مهامهم فوراً. مدير المركز مسؤول، وجميع العاملين معه مسؤولون عن سلامة وحماية وحسن التعامل مع المعوقين. حتى الحارس كان يجب أن يبلغ عن أي ملاحظة تدل على سوء التعامل مع هؤلاء المساكين الذي لا يستطيعون أن يوصلوا معاناتهم، بحكم المسؤولية الوظيفية والإنسانية والشرعية. ـــ إصدار تعميم يشمل ''وثيقة أخلاقيات المهنة في التعامل مع المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة''، يوضح لجميع العاملين مستوى السلوك المتوقع منهم وطريقة التعامل المقبولة، ويحدد عقوبات شديدة تصل درجة الفصل والتحويل للمحاكم المختصة لمن يخالفون الوثيقة، حسب مقتضيات النظام. ـــ نشر كاميرات المراقبة على جميع مواقع الوزارة التي تقدم خدماتها لكل فئات المواطنين، إضافة لمراكز التأهيل سواء تبعت الوزارة أم لا. على أن تعمل الكاميرات خلال فترة لا تتجاوز الأشهر الثلاثة. هذه الكاميرات لن تكلف أكثر من 100 ألف ريال للموقع الواحد ـــ من واقع خبرتي الشخصية، وأنا لا أشك في أن الوزارة ستحصل على أي مبالغ تطلبها لهذا الغرض، بعدما حدث. الحادثة ـــ مثلها مثل حادثة مركز تأهيل شقراء ـــ أصبحت أمراً واقعاً بقي أن نضمن عدم تكرارها.
إنشرها