Author

عاطلون عن العمل وضحايا للاحتيال أيضاً

|
عمليات التوظيف الوهمي تحبط الشباب والشابات الراغبين في الحصول على عمل، وسبق أن حذّرت الغرف التجارية الصناعية في الرياض وجدة والدمام من تزايد هذه الحالات بعد أن وقفت على شكاوى حقيقية لضحايا تم استغلال حاجتهم إلى العمل، ومهما كانت الأسباب وراء هذا السلوك المشين فإن أقل ما يمكن اتخاذه بحق القائمين على هذه المكاتب ممّن ثبت قيامهم بالنصب والاحتيال هو إغلاق مكاتبهم وشطب تصاريح عملهم، بل يجب التشهير بهم بعد محاسبتهم قضائياً، فالبطالة هَمٌّ ثقيلٌ على الشباب والشابات ومَن ليس لديه ما يقدمه، فإن عليه الاعتذار لعدم وجود وظائف أو فرص يمكن تسويقها للعملاء من الشباب والشابات. إن عدد مكاتب العمل التي تم شطب تصاريحها 255 مكتباً، والسؤال هو: كم عدد المكاتب التي تعمل في هذا النشاط، وكم بقي منها يمارس نشاطه المرخص به بصورة مقبولة نظامياً وأخلاقياً، فهناك حاجة إلى تسويق فرص العمل الحقيقية ومعرفة احتياج السوق لمختلف التخصّصات، وتقديم الراغبين في العمل إلى الشركات والمؤسسات، ورغم أن هناك ندرة في فرص العمل الحقيقية إلا أن مصداقية عمل هذه المكاتب أصبحت واضحة للجميع، فالتحذيرات السابقة لم تكن انسياقاً خلف الشائعات أو التصرفات الفردية غير المحسوبة على هذا النشاط. أما ماذا يمكن عمله، فإن من حق الشباب والشابات أن يتجاوزوا هذه المكاتب والتوجه إلى أرباب العمل مباشرة من خلال المواقع الإلكترونية للشركات والمؤسسات، ومنها البنوك التي توفر التقديم إلكترونياً والتي نجحت في أن تختار لوظائفها مؤهلين ومؤهلات دون الرضوخ لمكاتب التوظيف، التي إن سلم الشباب والشابات من النصب والاحتيال فإنهم لن يسلموا من شروط الابتزاز، مثل استيفاء أول راتب في حال توظيف طالب العمل، وهو شرط غير مشروع وغير قانوني بل غير أخلاقي، ومن الواجب أن تحصل تلك المكاتب على مبالغ مقطوعة أو رسوم ميسرة أو أن يتحمّل أرباب العمل من شركات ومؤسسات دفع الحقوق المالية بدلا من طالبي العمل الذين لا ينقصهم الإرهاق المالي وتحمُّل التكاليف المجحفة. ومن المؤكد أن هناك خللاً في عمل تلك المكاتب، فالجانب الاحترافي غير موجود والجانب التنظيمي يعوق عملها مسبقاً وهي لا تعدو مجرد محاولات لتقديم خدمة قد تكون شبه مستحيلة، ولذا ليس مستغربا أن تتحول بسبب العجز عن تحقيق الربح إلى البحث كغيرها عن مصدر للرزق حتى وإن كان نصباً أو تحت أي اسم يصف مدى الانحراف عن الاسم الصحيح فهي ليست مكاتب للتوظيف، بل هي مكاتب للاحتيال، فمن بين أكثر من 400 مكتب مرخص، يعمل منها فعلياً أقل من 20 مكتباً، في حين تم شطب 255 فماذا بقي منها. إن تحديث نشاط هذه المكاتب وتنظيم أوضاعها مسؤولية وزارة العمل، وهي اليوم مثقلة بهموم البطالة وتحقيق السعودة والسيطرة التنظيمية الواعية على سوق الاستقدام، ومع ذلك فإن وزارة العمل في صلب القضية، وإلى أن يتم تنظيم هذا النشاط الذي أوشك على الخروج تماماً من مظلة القانون إلى مظلة النصب والاحتيال، فإن الاحتياج للكوادر البشرية والاحتياج للعمل لا يمكن الانتظار فيه، ولذا فإن جميع الشركات والمؤسسات مدعوة إلى أن تضع على مواقعها الإلكترونية احتياجها للأيدي العاملة في جميع قطاعاتها وأنشطتها، كما أن على وزارة العمل أن تبادر إلى فتح هذا الملف ودراسته لمعرفة أسباب الفشل الذريع فيه رغم أن الوساطة في الحصول على فرص العمل ومساندة الشركات والمؤسسات في ذلك نشاط مربح وخدمي وغير مكلف، ولا يمكن الاستغناء عنه.
إنشرها