Author

سأحتفل بيوم الحب مدى العمر

|
في مثل هذه الأيام من كل عام يفاجئنا عيد الحب، فينقسم الناس تجاهه فرقاً. فريق مقلد لما عند الآخرين، يدّعي أنه يعبر فيه عن حبه، سواء أكان حباً مشروعاً كحب الزوجة، أم محرماً كحب الخلاّن، ما يجعل تجارة الورود الحمراء فيه رائجة. وفريق يصرف همه إلى محاربة هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعاتنا، بدءاً من تسميتها، فليس عندنا عيد سوى عيدي الفطر والأضحى، ومروراً ببعض المظاهر المخلّة بالأدب التي تحصل فيه، وانتهاء بتحريمه لأنه تقليد أعمى لثقافة غيرنا. وفريق آخر لا يدري عنه ولم يسمع به. وفريق وسط بين أولئك، فهو ينظر إليه من زاوية أخرى، فديننا دين الحب، والله يحب المتقين والمحسنين والمقسطين.. ورسوله يحب (إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحسنكم أخلاقا). وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة، قيل: فمن الرجال؟ قال: أبوها. والحب في الله من أوثق عرى الإيمان. ولا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا. ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. وقال لرجل سأل عن الساعة : ما أعددت لها ؟ قال : يا رسول الله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صوم إلا أني أحب الله ورسوله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (المرء مع من أحب، وأنت مع من أحببت)، فكانت هذه بشارة فرح بها الصحابة فرحاً عظيماً. بل إنها بشارة لكل الناس أن يُحشروا مع الذين يحبونهم، فمن أحب الأنبياء والصالحين فسيكون معهم حيث يكونون. لكنها في الوقت نفسه إنذار لمن أحب الفاسدين المفسدين. وإن الإنسان ليعجب وهو يشاهد التلفاز ويرى الأشلاء تترامى، ثم يخرج علينا أناس يعبرون عن حبهم لمن يقتل أو يأمر بالقتل، فهل تُراهم علموا أن (المرء مع مَن أحب)؟ أم إنهم عن هذا غافلون؟ وكيف يرضى الإنسان أن يُحشَر مع مَن الظالمين والطغاة؟ ولقد عبّر الشافعي رحمه الله عن نفسه فأوضح أنه يحب الصالحين ويكره غيرهم رغم أننا جميعا لا نسلم من المعصية، فقال : أحبُّ الصالحين ولستُ منهم، لعلي أن أنالَ بهم شفاعة وأكرَهُ مَن تجارتُه المعاصي، ولو كنا سواء في البضاعة فهل هذا الحب يكون فقط في يوم الحب (وهذا اسمه مترجماً من الإنجليزية وليس عيد الحب)، أم إنه يكون على مدار السنة بل على مدى العمر ؟. ومن هنا وجدنا الشاعر يصف السعادة في الحب الحقيقي قالوا : السعادةُ في الغرامِ الحلوِ في خصرٍ وجيد في نرجس العينِ الضحوكِ وفي الورودِ على الخدود في ليلةٍ قمراء ليس بها سوى الشهب الشهود فيها التناجي يستطاب كأنه وترٌ وعود قلتُ: الغرامُ خرافةٌ كبرى وأحلامٌ شرود هو فكرةٌ بلهاء أو نزعاتُ شيطانٍ مريد هو شغلُ قلبٍ فارغٍ فَقَدَ التطلعَ للصعود وهو الضنى، وهو الدموعُ، وشقوةُ القلبِ العميد ما أضيع الأعمار تُقضى في الهيامِ، وفي السهود في حبِّ غانيةٍ لعوبٍ في أماني، في وعود الحبُّ حبُّ الأمِ والأبِ والحليلةِ والوليد حبُّ المعاني والحقائقِ لا القدود، ولا النهود حبٌّ يدوم مع الزمان فلا خداع ولا كنود فَدَعِ التي تهواك حيث تراك كالزهر النضيد فإذا تغيرَ دهرُك الدوار غيَّرها الصدود وإذا رأتْ معَ غيرِكَ الدنيا مَشَتْ تحتَ البنود أفبعد ذاك تظن عبدَ الغانياتِ هو السعيد؟
إنشرها