منوعات

عرب «تويتر» وصدمة الحرية.. يغردون في «كل شيء» لـ «أي شيء»

عرب «تويتر» وصدمة الحرية.. يغردون في «كل شيء» لـ «أي شيء»

هل العرب يعيشون صدمة الحرية في "تويتر"؟.. سؤال أعاد أحمد البلعاسي بالذاكرة إلى ليلة من ثمانينيات القرن الماضي، عندما كان يقضي معظم وقته مستلقيا تحت تلفزيون الـ 14 بوصة التقليدي في شكله وحجمه، حيث كان منتهى ما توصلت إليه التقنية في ذلك الزمن بكل ما يحمله من بساطة، ساعات بث مختصرة، دراما أقرب للحقيقة، أخبار يتأخر بثها إلى وقت الافتتاح الرسمي للقنوات الحكومية صباح كل يوم، لكنها كانت تفعل فعلها وتغيّر ما يلزم من التاريخ.. في تلك الأيام كان أحمد مستمعا جيدا للمطرب المصري الشعبي عدوية الذي صدح بصوته في إحدى أبرز أغانيه "كله على كله". يمر على ذاكرة أحمد البلعاسي هذا الشريط بشكل سريع كلما قرأ تلك "التغريدات"، التي يطلقها بعضهم في هذا العالم الافتراضي، ليجيب عن السؤال العريض بـ "نعم".. إنهم بالفعل تلقوا صدمة ثقافية جراء هامش الحرية غير المحدود في "تويتر"، وإلا لما كانت تلك "التغريدات" المليئة بالشتائم والشائعات وانتحال للشخصية وما يرافق ذلك من تضليل للآخرين. في المقابل وفي نظرة مطلعة على التجربة المماثلة للدول المتقدمة، يظهر أن هذه الصورة أقل شيوعا وأكثر قربا للنضج. يروي أحمد أن أحد المغردين كتب في حسابه "إمممممم"، هو يريد أن يقول إنه يفكر، وقبلها كان يتحدث في الشأن السوري، وعرج على رؤيته الفنية لمباراة الهلال والنصر.. ثم ولج منها للحديث عن المنتجات الصينية، كما لم تسلم منه حالة الطقس، قبل أن ينهي الحوار غاضبا مع بعض متابعيه ممن خالفوه الرأي حول الديمقراطية. واعتبر أحمد أن هذا كغيره من "المغردين" مجرد مثال حي واحد من ملايين تملأ عالما آخر متشعبا يتكلم فيه من شاء بما شاء في أي وقت يشاء.. ويواصل حديثه: "ساحة التغريد لدينا لا عصمة فيها لأحد، سيف الكلمات صدقا كانت أم كذبا مسلطٌ على جميع الرقاب، والحقيقة الواحدة تضيع بين مئات الإشاعات والأماني والشتائم ورمي الاتهامات جزافا". وفيما يتهم جيل عاش مرحلة ما قبل التقنية واسعة النطاق "عدوية" بأنه من أبطال الأغنية الهابطة آنذاك، يرى أحمد أن عدوية عرّف فكرة "تويتر" مختصرة بأغنيته تلك "كله على كله"، وعاد ليؤصّل للمرحلة التي نعيشها حاليا بأغنية أشد شهرة حملت فلسفة سبقت زمنها حين أطلقها مدويّة في "زحمة يا دنيا زحمة". وتقول الإحصاءات إن مستخدمي "تويتر" تخطوا حاجز 300 مليون شخص ثلثهم فعّال، بينهم علماء ومفكرون ومثقفون يستغلون المساحات المخصصة لهم في نقل الفائدة وتبادل المعلومة يحيط بهم المريدون كلٌ فيما يهوى، وغالبا لا يلتزم المغردون بتخصصاتهم فيهيمون في كل الأودية دون الالتزام لأهل التخصص بالكلمة العليا هذا إن سلم هؤلاء من تسفيه آرائهم. ويسود اعتقاد يصادق عليه سلوك بعض المغردين على "تويتر" أن كثيرا من المغردين العرب بالفعل تلقوا صدمة ثقافية جراء هامش الحرية.. كما يعيش رواد "تويتر" حالة من النقيض بين ممارسة الفعل ضد الغير وقبوله في حقهم، ويظهر هذا جليا حين يخوضون غمار الرأي الآخر في مواجهة الرأي الأوحد عند كل من لا يستطيعون مجابهته في الواقع، فهم يتلذذون بالحرية، لكنهم رغم ذلك ما زالوا في طور اعتياد قبول الرأي الآخر حين يوجه ضدهم. ويشبه بعضهم "تويتر" بالحائط الذي ينشر عليه كل "غسيل"، فلا رقابة مسبقة ولا حدود للإفصاح، واختلاط للغث مع السمين، ولا سلامة لمن أراد السلامة.."وكله على كله".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات