البنوك الإسلامية أمام فرصة «انتزاع الأفضلية» في سوق الصناعة البنكية العالمية

البنوك الإسلامية أمام فرصة «انتزاع الأفضلية» في سوق الصناعة البنكية العالمية

البنوك الإسلامية أمام فرصة «انتزاع الأفضلية» في سوق الصناعة البنكية العالمية

دعا صلاح جيدة رئيس التمويل الإسلامي في''دويتشه بنك'' البنوك الإسلامية إلى سرعة مواجهة التحديات التي لا تزال تحد من قدرتها على توفير بدائل تنافسية، ويجعلها رهينة لمصادر تمويل قد تكون أكثر تكلفة ومتاحة لفترات أقصر، والتي منها وجود شبكة محدودة من مصادر التمويل المتنوعة والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية، إلى جانب التحدي المتمثل في الهيئات التنظيمية وتحديدا ما يعتبر ''متوافقاً مع الشريعة الإسلامية''، مشيرا إلى أنه تحد مستمر يجب على البنوك التعامل معه. وقال جيدة في حواره مع ''الاقتصادية'' إن البنوك الإسلامية بدأت تدرك الحاجة للتحول إلى المرحلة التالية التي تمكنها من المنافسة على الأفضلية في سوق الصناعة البنكية العالمية، والتي منها ضرورة التركيز على الابتكار في المنتجات وإدارة المخاطر لتعزيز المنافسة في أسواق الخدمات البنكية الرئيسة. وأضاف ''النقص في السيولة النقدية لدى البنوك التقليدية نتيجة أزمة الديون السيادية العالمية يدعم بدوره الحاجة إلى إيجاد مصادر تمويل بديلة، ما يشكل فرصة سانحة للمصرفية الإسلامية قد لا تتكرر''. رئيس التمويل الإسلامي في ''دويتشه بنك'' تناول جملة من التحديات والفرص التي تواجه قطاع التمويل الإسلامي، وبين الأسباب التي جنبت المصرفية الإسلامية الأزمة المالية العالمية، إذ أكد أن مستويات المخاطر والإقراض التي نفذتها البنوك الإسلامية كانت أقل نسبياً مقارنة بالبنوك التقليدية.. وهنا تفاصيل الحوار: كيف تقيّمون مسار المصارف الإسلامية في العالم اليوم؟ نحن نعتقد أن البنوك الإسلامية حققت تقدماً كبيراً واقتربت من البنوك التقليدية بشكل كبير من حيث عروض المنتجات والخدمات. وبالطبع فإن مستويات النمو والتقارب هذه تختلف بين منطقة وأخرى، إلا أن منطقتي الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، وبالتحديد ماليزيا، شهدت أسرع معدلات النمو والتطور في هذا القطاع. هناك مجالات محددة ضمن قطاع الخدمات المالية الإسلامية نجحت في تحقيق التنافسية من حيث عروض المنتجات والمرونة والتكلفة، حيث تتنافس مع مثيلاتها في مجال الخدمات المالية الإسلامية كخدمات التجزئة وتمويل الشركات، إلا أنه لا يزال هناك مجال لمزيد من التطور والنمو في توفير بدائل لإدارة الاستثمارات وحلول إدارة المخاطر والتمويل المنظم. لقد انشغل قطاع الخدمات البنكية الإسلامية بتطوير منتجات وخدمات مماثلة لتلك التي توفرها البنوك التقليدية. ونحن نتوقع أن مرحلة تكرار المنتجات قاربت على الانتهاء الآن، وأن البنوك الإسلامية بدأت تدرك الحاجة للتحول إلى المرحلة التالية التي تميزها ضرورة التركيز على الابتكار في المنتجات وإدارة المخاطر لتعزيز المنافسة في أسواق الخدمات البنكية الرئيسة. #2# ما التحديات والفرص التي تواجه قطاع التمويل الإسلامي؟ تتعلق أبرز التحديات بقدرة البنوك الإسلامية على توفير حلول تمويل مهمة منافسة طويلة الأجل. وتنبع هذه التحديات بشكل رئيس من نقص القدرة على تأمين التمويل اللازم على المدى الطويل بمعدلات منافسة، والتوظيف المحدود لحلول إدارة المخاطر البديلة للتعامل مع مخاطر الموازنات ضمن بيئة تنظيمية تشهد تطوراً وتعقيداً متزايدين. وهناك تحد آخر يواجهه قطاع الخدمات البنكية الإسلامية، ويتمثل في نقص الخبراء المؤهلين والمدربين الذين يتمتعون بمهارات كافية و''طلاقة'' في مفاهيم الخدمات البنكية الرئيسة والخدمات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. فهذه المهارات ضرورية لتتيح للبنوك الاستفادة من الفرص المتاحة ضمن البيئة التنظيمية التي تشهد تغيرات مستمرة ومنافسة قوية. كما يجب على القطاع مواجهة التحدي المتمثل في وجود شبكة محدودة من مصادر التمويل المتنوعة والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وهو ما يحد من قدرة البنوك الإسلامية على توفير بدائل تنافسية، ويجعلها رهينة لمصادر تمويل قد تكون أكثر تكلفة ومتاحة لفترات أقصر. وأخيراً وليس آخراً، فإن هناك التحدي المتمثل في الهيئات التنظيمية وتحديد ما يعتبر ''متوافقاً مع الشريعة الإسلامية''، فهذا تحد مستمر يجب على البنوك التعامل معه. وتتمثل أبرز الفرص بالنسبة للبنوك الإسلامية في بيئة اقتصاد كلي إيجابية، يعززها دعم ديموغرافي إيجابي من قبل التعداد السكاني الإسلامي في معظمه، وهو مجال لم يتم النفاذ إليه بشكل كامل. كما أن النقص في السيولة النقدية لدى مصادر التمويل التقليدية نتيجة ''أزمة الديون السيادية'' العالمية يدعم بدوره الحاجة إلى إيجاد مصادر تمويل بديلة. ويتمثل الأساس لمواصلة النمو في تحقيق وعي أكبر بالقطاع وتقبل الخدمات البنكية الإسلامية في سياق قدرة القوانين على كسر الحواجز القائمة في وجه دخول الأسواق الرئيسة. نجحت المصرفية الإسلامية في تجنب الأضرار الكبيرة التي تعرضت لها المصارف التقليدية خلال الأزمة المالية العالمية، في نظركم ما الأسباب؟ هناك آراء متعددة في هذا الإطار: لقد كانت الخدمات البنكية الإسلامية قطاعاً واعداً، ولا يزال تطوير وابتكار المنتجات الإسلامية كبديل للمنتجات التقليدية جديداً، لذا فإن مستويات المخاطر والإقراض التي نفذتها البنوك الإسلامية كان أقل نسبياً مقارنة بالبنوك التقليدية. وعلى الرغم من ذلك، فإن مجالات معينة ضمن قطاع التمويل الإسلامية، وبالتحديد شركات الاستثمار الإسلامي والبنوك، لم تكن في مأمن من الوضع الاقتصادي بالنظر إلى الاعتماد على التمويل القائم على العقارات، وذلك نتيجة للسهولة النسبية في قبولها ضمن أحكام الشريعة. تواجه صيغ التمويل الإسلامي العديد من الانتقادات بين فترة وأخرى تتعلق بمدى مواءمتها مع الشريعة أو قدرتها على منافسة صيغ التمويل التقليدية، كيف تعلقون؟ بشكل عام يكون مستوى التوافق والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية أمراً يرجع إلى علماء الشريعة. ومن وجهة نظر عملية فإن التقارب في نماذج التمويل الإسلامي هو من حيث الشكل فقط وليس المادة، وذلك نتيجة لاختلاف مدارس الفكر والنتائج المختلفة التي تتوصل إليها. أما فيما يتعلق بقدرة أنماط التمويل الإسلامي على المنافسة، فإنها قد أثبتت بالفعل قدرتها من وجهة نظر هيكلية. وهذا الأمر يتوافق مع توافر مصادر التمويل وتكلفتها. إلا أن البديل الإسلامي قادر فقط على توفير تمويل على المدى القصير، وهو ما يعد أكثر تكلفة نسبياً مقارنة بمصادر التمويل التقليدية. إذاً فهذا هو الأمر الأساسي، وليس الهيكلية التي تقوم عليها نماذج التمويل. طالبت بعض الجماهير في الغرب باعتماد المصرفية الإسلامية وسيلة لمعالجة الأزمة المالية العالمية.. ومنها شعارات رفعها متظاهرون ''احتلوا وول ستريت''.. هل تتفقون مع هذه الرؤية؟ لا تعليق. ما توقعات البنك لمستقبل مسار التمويل الإسلامي في المنطقة والعالم خلال السنوات المقبلة.. ومستوى إقبال الجماهير على هذا النوع من التمويل؟ تشهد المنطقة والعالم الإسلامي تغيرات ديموغرافية واقتصادية ـــ كلية وسياسية، وهو ما قد يسهم بشكل إيجابي في تعزيز فرص النمو. ونحن نشهد بالتحديد نمواً في منطقة الخليج وجنوب شرق آسيا في مجال التمويل السيادي وتمويل الشركات والمشاريع، والتمويل التجاري وإدارة الاستثمارات. ومن المتوقع أن تشهد منطقة شمال إفريقيا قريباً مزيداً من التقبل للخدمات البنكية الإسلامية كبديل، وهو ما سيترجم مبدئياً كنمو في مجال الخدمات البنكية للأفراد، حيث ستمنح البنوك ترخيصاً للعمل في هذا المجال. ما خطط ''دويتشه بنك'' لتعزيز عمله في مجال التمويل الإسلامي في الخليج والعالم؟ ''دويتشه بنك'' ليس لاعباً جديداً في مجال التمويل الإسلامي. فقد نشطنا في مجال توفير الحلول المالية الإسلامية لأكثر من عشر سنوات. ونحن ملتزمون بالمساهمة في تطوير القطاع، ونواصل تركيز جهودنا في مجال تزويد عملائنا بخدمات وحلول ذات قيمة مضافة تلبي احتياجاتهم فيما يتعلق بالتوافق مع أحكام الشريعة. كما نركز جهودنا على تزويد عملائنا من الهيئات السيادية والمؤسسات والأفراد من أصحاب الثروات في مناطق الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا بحلول بديلة ومبتكرة ومتوافقة مع الشريعة في مجالات الاستثمار والتمويل وإدارة المخاطر. ولتحقيق ذلك فإننا في حوار مستمر مع الجهات المعنية في القطاع، بما في ذلك أبرز علماء الشريعة والمؤسسات المالية الإسلامية ومديري الأصول والجهات التنظيمية، وذلك لضمان توفير حلول بمستوى عالمي وتعزيز الوصول إلى هذا السوق. ولدى ''دويتشه بنك'' فريق متخصص من الخبراء في الرياض ودبي وماليزيا وسنغافورة ولندن، يتولون تغطية مجموعة واسعة من المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والمناطق الجغرافية. تركزت المصرفية الإسلامية في الخليج وبعض الدول المهمة مثل لندن وماليزيا واليوم في بعض المصارف الأوروبية والأمريكية.. ما تقيمكم لمدى الانتشار لهذا النوع من المصرفية.. وأسباب إقبال المصارف عليها؟ لقد حققت منطقة الخليج وماليزيا الريادة في قطاع الخدمات البنكية الإسلامية فيما يتعلق بقطاع التجزئة وخدمات الأفراد. وقد مثلت لندن كمصدر للابتكار في تطوير المنتجات في أسواق رأس المال الإسلامية وحلول إدارة المخاطر، وذلك لكونها عاصمة مالية عالمية في مركز الابتكار العالمي وتدفق رؤوس الأموال. ويشهد هذا الوضع تغيراً في ظل تحرك الثروات نحو الشرق وارتباطها بشكل كبير مع ثروات النفط والغاز، ما يوفر السيول النقدية اللازمة لتمويل الأنشطة المالية الإسلامية وتعزيز الطلب الطبيعي على بدائل التمويل الإسلامي.
إنشرها

أضف تعليق