أخبار اقتصادية

الفقه الإسلامي يجيز تكوين المخصصات للأوعية الاستثمارية المشتركة

الفقه الإسلامي يجيز تكوين المخصصات للأوعية الاستثمارية المشتركة

قال متخصصون في الشريعة والتمويل الإسلامي، أن قواعد الفقه الإسلامي تجيز تكوين المخصصات للأوعية الاستثمارية المشتركة، ويكون ذلك واجبا فيما إذا كان الانخفاض في قيمة الاستثمارات أو الزيادة في مقدار الالتزامات مؤكد الحدوث، وأضافوا أن مقتضيات التنضيض الحكمي اللازم لمعرفة صافي الربح القابل للتوزيع تكوين المخصصات واستقطاعها من الإيرادات وفق المعايير المحاسبية المتعارف عليها، ولا يتوقف تكوين هذه المخصصات على وجود نص عليها في عقد الاستثمار. جاء ذلك في توصيات المؤتمر الفقهي الرابع للمؤسسات المالية الإسلامية الذي عُقد أخيرا في الكويت بتنظيم من شركة شورى للاستشارات الشرعية بالتعاون مع هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، حيث ناقش المؤتمر تكوين المخصصات في الأوعية الاستثمارية المشتركة وأثرها على توزيع الأرباح، وحق الانتفاع العقاري، وقلب الدَّين صوره وأحكامه وبدائله الشرعية في معاملات المصارف الإسلامية. وقال الخبراء: إنه ينبغي مراعاة الضوابط الشرعية لتكوين المخصصات كأن يكون المخصص مما تدعو إليه الحاجة وبقدرها، وأن يكون في حدود قواعد وتعليمات الجهات الرقابية، وأن يكون مبنيا على الأسس العلمية والفنية الدقيقة والتجارب السابقة، وأن تفصح المؤسسة في قوائمها وبياناتها المالية السنوية عن هذه المخصصات وأسس تكوينها، إضافة إلى أن تنص العقود المنظمة للأوعية الاستثمارية على شرط المبارأة عند خروج المستثمر من الوعاء الاستثماري. وعند انتفاء الغرض من المخصص أو زيادته على الحاجة فيُرد إلى الوعاء الذي اقتطع منه مع عائده إن وجد. وفي محور حق الانتفاع العقاري أفاد الخبراء بأن الانتفاع العقاري لحقه صور متعددة يصعب معها إصدار حكم شرعي عام يشمل جميع الصور، ومن بين الصورة الجائزة ولها اتصال بعمل المؤسسات المالية الإسلامية قيام جهة تملك عقارا بتمليك منفعته لطرف آخر مدة طويلة مع احتفاظها بملكية العين وإبقائها مسجلة باسمها، والتأشير في السجل العقاري بأن عليها حق انتفاع لمدة معينة، وتتشابه هذه الصورة بالبيع وبالإجارة ولا تتعارض مع قواعد الشريعة الإسلامية، ومن أحكامها جواز الانتفاع لمالك هذا الحق به لنفسه أو بغيره كما يجوز له استغلاله واستحقاق مكاسبه وغنمه، ويتحمل مالك حق الانتفاع العقاري التبعات المتعلقة به كالصيانة بأنواعها والضرائب والتأمين إن وجد، كما يجوز لمالك حق الانتفاع العقاري التصرف فيه بالبيع والهبة والرهن ونحوه وليس له حق التصرف بالعين، وينتهي هذا الحق بانتهاء مدته أو بهلاك العين أو بالإقالة أو بالفسخ عند مخالفة شروط العقد، ولا ينتهي بموت مالك الحق، بل يورث عنه. وحول قلب الدَّين وصوره وأحكامه وبدائله الشرعية أفاد الخبراء بأنه قسمان من حيث حكمه التكليفي، أحدهما محظور، ومن صوره تأخير الدين الذي حل أجله عن المدين مقابل زيادة في قدره أو وصفه، سواء كان دين سلم أو ثمن مبيع أو بدل قرض أو عوض إتلاف أو غير ذلك، وكذلك تأخير الدَّين الذي حل أجله عن المدين مقابل زيادة في مقداره يتوصل إليها عن طريق حيلة ظاهرة، تتمثل في إبرام عقد أو عقود غير مقصودة لذاتها، والقسم الآخر جائز في النظر الفقهي بصور خمسة هي بيع الدائن دينه الذي حل أجله للمدين نفسه بثمن مؤجل من غير جنسه مما يجوز أن يباع به نسيئة، واعتياض الدائن عن دينه الذي حل أجله بجعله رأسمال سلم لدى المدين نفسه في مقابل مسلم فيه موصوف في ذمته إلى أجل معلوم، واعتياض الدائن عن دينه الذي حل أجله بمنافع عين مملوكة للمدين إلى أجل محدد، وبيع الدائن دينه الذي حل أجله للمدين نفسه بعين ولو تأخر قبضها، وحصول المدين على تمويل نقدي من طرف ثالث بإحدى الصيغ المشروعة من أجل وفاء دينه غير المتوافر لديه عند حلول أجله ولو كلفه ذلك زيادة على المبلغ الذي حصل عليه لأداء دينه. من جهته، فرَّق الدكتور عبد العزيز القصار، الأستاذ في كلية الشريعة في جامعة الكويت، بين المخصص المالي وبين الاحتياطي باعتبار الأول تكلفة أو عبئا تحميليا على الإيرادات قبل الوصول إلى نتائج أعمال المنشأة، أما الاحتياطي فيعتبر توزيعا للربح، وعليه فإن المخصصات تؤخذ من مجمل الإيراد، فهي أموال يتم اقتطاعها وتحديدها قبل توزيع صافي الربح؛ إذ هي أعباء على ا لإيرادات، منبها إلى ضرورة الإفصاح عن نسب الاستقطاع للمخصصات بين المساهمين والمودعين في حال كان الاستثمار مشتركا بين أموال المودعين والمساهمين، ووجوب إرجاع ما يخص المودعين بحسب النسبة المستقطعة من إيراداتهم، وضرورة أخذ الموافقة المسبقة من المودعين على استقطاع المخصصات وكذلك إبراء المودع البنك مما يخصه من هذه المخصصات عند انتهاء الغرض. واعتبر الدكتور محمد أنس الزرقا، كبير المستشارين في شركة شورى للاستشارات الشرعية، حق الانتفاع القانوني في العقارات لا تنفع الصناعة المالية الإسلامية، ولا تقدم ابتكارا ماليا جديدا مقبولا فقها، ولا يمكنها توفيره من صيدليتها الفقهية العامرة بحقوق انتفاع متنوعة الخصائص، وأضاف أن حق الانتفاع المستحدث في الصناعة المالية الإسلامية ظهر في العقد الأخير كصيغ مبتكرة لحق الانتفاع بعقار يرى أنها مقبولة فقها ويمكن أن تستفيد منها الصناعة، وذكر أن من أهم ميزات تلك الصيغ أنها مؤقتة لكن لفترة طويلة محددة بين 25 و99 عاما مثلا، وتعطي المُنتفع حق الاستعمال والاستغلال وتسمح بتكرار تداول الحق بين أطراف ثالثة. كما أشار الدكتور سامي السويلم، المختص في التمويل الإسلامي، أن المصارف الاستثمارية الإسلامية تعرضت لأزمة سيولة حادة في عام 2009 نتيجة تفاوت الآجال، وأضاف أنه في عام 2008 بلغت نسبة التمويل قصير الأجل 38 في المائة من مجموع الالتزامات، وأن عجز السيولة أدى إلى إفلاس عدد منها بعد أن كانت تحقق عوائد تصل إلى 40 في المائة من رأس المال، وأوضح أن عملية التوريق المركب عبارة عن بيع سلعة بثمن آجل على المدين على أن يتم بيعها نقدا وسداد الدين الأول من ثمنها، وهذا الاشتراط ممنوع باتفاق الفقهاء؛ فمال المعاملة يضاعف الدين، داعيا إلى منع اختلال الآجال لأنه منبع المشكلة، كما أوضح أن المدين الموسر يجب أن يتجنب قلب الدين بكل صوره؛ لأنه قادر على الوفاء ويجب إنذار المدين المعسر، وهذا أحد أهم أركان الاستقرار المالي في التمويل الإسلامي، كما دعا إلى تطوير صيغ تمويل متوسطة وطويلة الأجل وتفعيل أسواق رأس المال لتسمح بالتداول بشكل أفضل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية