Author

نقلة نوعية لقطاع النقل الجوي

|
إعلان هيئة الطيران المدني السعودية عن توجهها فتح المجال أمام شركات النقل الجوي وغيرها من المستثمرين للحصول على رخصة مشغل جوي في المملكة داخلياً وخارجياً سيكون نقلة نوعية كبيرة جداً للاستثمار في هذا القطاع، وهي دعوة للاستثمار والمنافسة التجارية ستجد طريقها للواقع عند البدء بالإجراءات الفنية وتوضيح الآلية التي سيتم اتباعها لتعزيز هذا القطاع البالغ الأهمية، فهو كالشريان لسائر القطاعات التجارية والخدمية، كما أن تزايد الاحتياج له يجعل من قرار فتح المنافسة خطوة في غاية الإيجابية لرجال الأعمال والمستثمرين، وسيؤثر في جوانب عدة، منها تدوير رؤوس الأموال والتوظيف وزيادة الطاقة الاستيعابية للسفر جواً داخلياً وخارجياً، إضافة إلى تحسين متوقع في الأسعار وخدمة المواطنين والمقيمين في جميع مناطق المملكة. لقد حان الوقت للسفر جواً دون عناء، فالمشغلون الجويون حاليا عانوا صعوبات مالية وتوجيه نشاطهم إلى مطارات وبأسعار غير مربحة؛ مما عرّض فكرة المنافسة برمتها للفشل فانسحب البعض وبقي البعض يقدم خدماته مع تحمُّل الخسائر التي وصلت إلى مستوى غير محفز على الاستمرار، وهي نتائج سلبية إلا أنها تعطي عناصر لنجاح المشروع الذي تهدف هيئة الطيران المدني لتحقيقه والوصول إليه، فالمطلوب تلافي الشروط التعجيزية أو التفضيلية لشركة أو مشغل بعينه، فالأولوية يجب أن تكون للخدمة والجودة والأسعار الأفضل مع إعطاء قدر من المرونة للناقلين الجويين في تعويض تكاليف التشغيل باحتساب أسعار مربحة لهم من مواقع الخدمة الأكثر تنافسية، إضافة إلى مراعاة مقومات إنجاح عملية التشغيل الداخلي والدولي. إن المملكة بلد مترامي الأطراف، حيث تستغرق الرحلة الجوية من الشرق إلى الغرب ساعتين تقريباً في حين تستغرق من الشمال إلى الجنوب ما يقارب ثلاث ساعات، وهي مسافات شاسعة جداً، وعلى الرغم من توافر الطرق الحديثة ومشاريع القطارات التي ستكتمل قريباً، إلا أن النقل الجوي هو الأسرع والأكثر أماناً والمحقق لرغبة المسافرين في معظم مناطق المملكة، حيث يلجأ بعض المسافرين للسفر براً؛ لعدم توافر مقاعد أو رحلات ملائمة، خصوصاً من المناطق البعيدة، وهي شكوى دائمة أضرّت كثيراً بفرص الأعمال، كما تسبّبت في معاناة بعض المرضى المحتاجين للعلاج في أكبر المستشفيات في المدن الرئيسة، ونال طلاب الجامعات والمعاهد والكليات المدنية والعسكرية الكثير من المعاناة من جرّاء الانتظار لأيام حتى يجد مقعداً على رحلة تكاد تكون الوحيدة أسبوعياً من بعض المطارات، وقد نادى البعض حتى بحت أصواتهم بضرورة توفير رحلات الطيران والمقاعد الإضافية للتنقل بين المناطق للمسافرين دون عناء. وللمسافرين والراغبين في السفر جواً داخلياً وخارجياً معاناة لا تصدق في المواسم والإجازات سواء الأفراد أو العائلات، حيث يصبح الطلب أكبر من العرض وبفارق شاسع يجعل من حصول الراكب على مقعد في رحلة جوية بشرى سارة، ويقابلها من جانب المشغلين الجويين تجاهل لواجبات الخدمة الجيدة، حيث تصبح الخدمة أمراً ثانوياً لا يحرص عليه أحد؛ ولذا فإن عبئاً ثقيلاً سيسقط من على كاهل الخطوط السعودية متى تم توفير خدمات النقل الجوي وفق قواعد التنافس التجاري ووقفت الجهة الرقابية الإشرافية موقف الحياد وأعطت الأولوية للخدمة والجودة والسعر. إن أمام قطاع النقل الجوي فرصاً استثمارية ستؤثر حتماً في تشييد المطارات وخطط تطويرها وتشغيلها والاستفادة من الشركات الأجنبية في هذا المجال، حيث من المتوقع أن يؤدي تحرير سوق النقل الجوي والتشغيل التجاري لأسواق المطارات الدولية والاستعانة بشركات عالمية لإدارة المطارات إلى إعادة تحريك فرص استثمارية متنوعة وزيادة حجم الإنفاق واستهداف تأسيس صناعة ضخمة تحرك الركود غير المبرر في قطاع النقل الجوي وما يلحق به من خدمات فهو رافد من روافد التنمية والاستثمار تجاهلناه طويلاً.
إنشرها