الخليج ومستجدات أزمة المياه

الخليج ومستجدات أزمة المياه

لا تعتبر دول الخليج مناطق شح للمياه فقط وإنما بحسب التقارير الدولية والعربية فأن غالبية دول الخليج ستعاني في المرحلة القريبة المقبلة حتى عام 2020 من وجودها تحت خط الفقر المائي وانتقالها تدريجيا إلى مرحلة الفقر المدقع مائيا وكذلك نقص كمية المياه حاليا من كمية 3 متر مكعب يوميا إلى 1.3 متر مكعب والى استمرار هذه الأزمة إلى أسوأ من ذلك في المراحل التي تليها مالم يكن هناك إرادة سياسية قوية بالتغيير مصاحبة لعدد من العوامل أهمها الوعي وجلب وتوطين تكنولوجيا استخراج وتحلية ومعالجة المياه. وللوقوف على أسباب المشكلة يتبين لنا العديد من العوامل المؤثرة فيها مثل : - السياسية الزراعية واستنفاذ المياه الجوفية بالزراعة وكذلك زراعة محاصيل تطلب استهلاك كمية كبيرة من المياه. - الاستهلاك الفردي الزائد والذي لا يتناسب مع كمية المياه المتوفرة. - ضعف تكنولوجيا المياه الخاصة بمعالجة المياه وترشيدها. إن أزمة المياه ليست أزمة مفاجأة وإذا ما تحدثنا هنا عن الزمان وعناصرها كالمفاجأة والتهديد وضيق الوقت , والعنصريين الأخيرين متوفرين تماما في مستجدات أزمة المياه التي ستعانيها دول الخليج , ولكن عنصر المفاجأة هنا يتمحور حول إدراك ليس فقط الجهات الحكومية و وزارات المياه بل إدراك المواطنين وسكان هذه المنطقة على خطورة و جدية الأمر. والجدير بالإشارة أن التغير المناخي بحسب الدراسات الصادرة من المنظمات الدولية كمنظمة الفاو سيغير من شكل ومنسوب المياه , وكي نشرح ذلك نقول انه في الوقت الذي تعاني فيه أجزاء كبيرة من دول الخليج شح كبير في المياه , فأنه وبالجانب الآخر يتحتم عليها في بعض الأوقات التعامل مع فيضانات أدت إلى ضحايا وكوارث طبيعية , إذا أين تكمن المشكلة؟. إن المشكلة هنا تكمن فيما يسمى إدارة المياه و إيجاد التقنيات والمنهجيات والتي تتعامل ليس فقط بتسريب هذه المياه إلى مجاري لا يستفاد منها كتحويل مجاري مياه الأمطار إلى مجاري تصب في البحار , بل إلى عملية متكاملة تستفيد من تلك المياه بعد معالجتها في تكملة الدورة الايكولوجية من ناحية و كذلك في الاستفادة بحد أقصى من تلك المياه في تكملة النقص الحاصل في المياه. لقد استهلكت الزراعة في المملكة العربية السعودية ما يقارب ثلثي المياه الموجودة في داخل الأرض وهي تلك التي تكونت على مدى آلاف السنوات , وتعاني المملكة ودول الخليج من اعتمادها على مياه التحلية بنسبة تصل تقريبا إلى 40% وسيستلزم على دول الخليج المضي ليس فقط في إنشاء محطات التحلية بل وفي توطين هذه التقنية عن طريق اعتماد تخصصات تكنولوجيا تنقية و معالجة المياه وتحليتها ضمن برامج الابتعاث الخارجي لدول الخليج, والذي من شأنه جلب التكنولوجيا إلى منطقة الخليج و وجود القدرة عند حدوث أي عارض - لا سمح الله - على تلك المحطات ببنائها بشكل سريع وبكفاءة عاليه , خصوصا ما تقدم التكنولوجيا باستخدام الطاقة الشمسية في هذا المجال الهام. ما المانع في أن تكون هذه التكنولوجيا سعودية أو خليجية 100% ونرى مصانع خليجية تصنع محطات تحلية المياه وكذلك تقدم في مجال إدارة المياه وإدارة السيول في شتى مراحل هطول الأمطار والاستعداد لها وتفعيل كل المعارف التقنية الحديثة وكذلك مراجعة التاريخ المحلي الثري في هذا المجال , لا شك أن أزمة المياه ستشكل في المرحلة القادمة بعدا امنيا استراتيجيا يحتاج إلى تكاتف جميع المعنيين من جهات حكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص في سبيل إيجاد حل دائم لا ينقص من حق الفرد حالياً ولكن لا يتناسى حقوق الأجيال القادمة أيضا.
إنشرها

أضف تعليق