Author

القمة الخليجية.. الأمن والتنمية

|
اليوم، تنعقد قمة مجلس التعاون الخليجي الـ 32 في الرياض، وهي تأتي ضمن لقاءات القادة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية سواء في قممهم العادية الدورية أو التشاورية، حيث يتم البحث في كل ما من شأنه تعزيز ودعم المسيرة المشتركة نحو التكامل والوحدة المنشودة.. على أن هذه القمة الخليجية التي تحتضنها الرياض وتستمر لمدة يومين سوف تستهدف، إضافة إلى تأكيد التلاحم والتعاون المشترك على طريق الاهتمام بالمواطن الخليجي في تنميته وتحقيق رفاهيته، وإنجاز آماله وطموحاته نحو التكامل والاندماج الاقتصادي، والمضي قدماً نحو أفق أرحب من التعاون والتكامل بين دوله، سوف تستهدف أيضا البُعد الأمني وما يحيط بالجوار الخليجي من صراع خصوصاً في اليمن الشقيق الذي خصّته دول المجلس بمبادرة لحل الصراع الدائر فيه حيث المساعي جارية لتنفيذها لإخراج اليمن من محنته. القمة تأتي كذلك في ظل تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ومع ذلك فقد نجحت اقتصادات دول المجلس بالنأي عن كثير من سلبياتها، فهي تتمتع بالمتانة والاستقرار الاجتماعي وتحقق معدلات جيدة من النمو الاقتصادي نتيجة للسياسات العملية في معالجة تداعيات الأزمة منذ بدايتها. إن القمة ستتناول بطبيعة الحال عدداً من المواضيع يصب في مجملها في أسس التعاون الاقتصادي الخليجي، وفي مقدمتها متابعة تنفيذ خطوات الاتحاد النقدي، والمشروعات والبرامج المشتركة التي يجري العمل على تنفيذها والخروج بها إلى حيز الواقع العملي، ومنها مشروع السكك الحديدية الذي يربط بين دول المجلس، والعملة الموحدة والسجل التجاري الموحد، فضلاً عن تعميق مسار القرارات التي اتخذها القادة في قمتهم الماضية في أبو ظبي على طريق تعزيز مسيرة العمل في السوق الخليجية المشتركة، وما تحققه من فرص ومزايا لمواطني دول المجلس، التي منها الموافقة على السماح للشركات والمؤسسات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس بشكل مساوٍ في المعاملة مع مثيلاتها من الشركات الوطنية في كل دولة من الدول الأعضاء لمزاولة الأنشطة التجارية، وهو ما يعد خطوة مهمة من شأنها تعزيز بيئة العمل الملائمة للقطاع الخاص، إضافة إلى اعتماد القادة "استراتيجية التنمية الشاملة المطورة بعيدة المدى لدول المجلس 2010 - 2025"، والإطار العام للاستراتيجية الإحصائية الموحدة للدول الأعضاء في تعزيز التكامل فيما بينها. هذه القضايا الخليجية في إطارها الاقتصادي والاجتماعي هي مما يكرّس له القادة في كل قممهم، وفي هذه القمة بالتأكيد مساع حثيثة ليس لبلورتها كأهداف واستراتيجيات، وإنما لكي تأخذ طريقها إلى واقع عملي وإجراءات حية تعيشها دول المجلس، تسعى من خلالها إلى استمرارية تقدم هذا البيت الخليجي واستقراره، وإلى أن يكون بدوره دعامة أمن وسلام لمحيطه في الجوار والإقليم ومنظومته العربية، وهو ما بدا من أدوار لافتة لدول المجلس في إطار جامعة الدول العربية لإيقاف آلة القتل في سورية ولإخراج اليمن من دائرة العنف فيه عبر المبادرة الخليجية التي يأمل أن تعيد السلام إلى ربوعه. إن مجلس التعاون الخليجي بمساعي قادته بات اليوم واحداً من التكتلات الاقتصادية ذات الثقل العالمي، يتطلع عديد من الدول والتكتلات الاقتصادية العالمية إلى عقد شراكة اقتصادية معه.. كما كان هذا التكتل لاعباً في صيانة أمن المنطقة عبر دوره الحيوي في التعامل مع تداعيات حروب الخليج الثلاث، وهو يقدم اليوم الدليل على أنه مثلما هو حريص على أن يظل واحة استقرار ومركز استثمار، فهو حريص كذلك على أن يكون صانعاً للأمن والسلام ونصيراً للعدالة وحقوق الإنسان.
إنشرها