Author

.. وماذا يحملون في قلوبهم؟

|
.. إنّهم يحملون مصابيحَ في قلوبهم. هذا لو سألتني ما صفة المتطوعين الحقيقيين. المتطوعون هم من المصلحين في المجتمع، هم من المغيرين والمطورين في مجتمعاتهم، هم مطورون للأنفس ولمرافق البلاد.. هم ليسوا فقط ثروة من أفراد الأمة، بل هم من معظّمي ثروات الأمّة. لو كانت الأمةُ جسداً فقلبها النابض العاملون المتطوعون في كل مرافق وخدمات من الأمّة. أمّا ما طبيعة وقود هذه المصابيح في قلوب العاملين المصلحين فهي محبتهم لناسهم. ولتلك المصابيح كأي مصباح تحترق فتائلهم من أجل الفقراء والمحتاجين، ولكن تتجدد هذه الفتائلُ لتجفيف منابع الفقر والحاجة والجهل بأعمالهم التي تتابع وبجهود نرجو ألا تتقطع ولا تقف لتوفير وسائل التجفيف وردم حفر الجهل والحاجة لبناء قواعد وأسس منشآت جديدة لورش يُعاد بها بناء وتطوير الأمة. فترى أن الأعمالَ المدنية والأهلية التطوعية عوامل مهمة واستراتيجية للمساهمة في البناء الوطني وبكل مجالات خدماته وأنواع أنشطته. وإني أدعو نفسي وكل الأحباب هنا، إلى أن يبحثوا عن مصابيح قلوبهم ويشعلوها، فالمصابيح موجودة، ولكن البعض يشعلها، والبعض يجدها مشتعلة تلقائيا بطبيعة تكوينه، والبعض منا، وهذا في الحقيقة أجمل، يجدّون في البحث عنها ثم إشعالها.. وفي الطائف في مشروع "بذرة أمل".. تلمستُ أرضية قلبي ووضعت بذرةً أمدّني بها طلابُ جامعة الطائف، وتلمست المصباحَ داخل قلبي، لم أشعله بنفسي، فامتدّتْ أياديهم الشابّة وأشعلته. إن "بذرة أمل" لم يكن إلا مشروعاً إلحاقياً لحملة "حتى لا يبكي حبيبٌ على حبيب" مع جمعية الكلى والتي الآن عبرت البلاد من ساحله الشرقي إلى ضفافه الغربية عبر نجده الأوسط، بدأت بالهفوف ثم الدمام والخُبر ثم الرياض والآن الطائف والقادم بالمدينة، ومدينتي عنيزة وبريدة في القصيم، كما هاتفتني مجموعات من البحرين والكويت والأردن وقطر والإمارات لتفعيل الحملة إقليميا، إنه بفضل الله تعالى ثم بشبيبتنا أصحاب المصابيح القلبية. ولكن دعوني أقول لكم عن فوائد جانبية غير الفائدة الكبرى من الحملة في الطائف، وهي فوائد ومكتسبات مهمة: قام الشبابُ بإعداد فيلم قصير جداً ويكاد يخلو حتى من التعليق عن التبرُّع بالكلى، بطلته فتاتان صغيرتان، وكانت القصة والإخراج والإنتاج مدهشة ومؤثرة، حتى إن دمعة مني فرّتْ والتقط تسرُّبها الدكتور "فهد الحارثي" عميد شؤون الطلبة، وسيوضع الفيلم في اليوتيوب. وهناك إبداعات جديدة من طلاب جامعة الطائف في نشاط التوعية الصحية، وأرجو أن يتفاعل مع تجربتهم بقية الشباب في البلاد. ومن جهةٍ أخرى كان واضحاً من حضور الدكتور فهد الجهني الذي ستحسبه لأول وهلة واحداً من المتطوعين لبساطته وانخراطه ببساطة وصداقة مع الطلاب، أن جامعة الطائف تؤمن فعلا بالتركيز على الطالب وتشجيعه وزرع الثقة به ودعم إبداعه وأفكاره، بل تدريبه على تطبيقها وتفعيلها وتدريبها، بعيدا عن زوبعة التصنيفات والديكورات الأكاديمية، وإن استمرت الجامعة على هذا النهج فسيصعد مستوى طلابُها، وهنا يكون صعودها الحقيقي. إني أقف مما شاهدته احتراما لجامعة الطائف، لم أرَ مبانيهم ولا قدراتهم الأكاديمية ولا برامجهم ولا تصنيفاتهم.. كفاني أن أرى طلبتهم. ولعل بقية الجامعات تقف مع طلابها قبل كل شيء، وليس بعد كل شيء. وهي تحية أيضا لفتيات البلاد ممثلة بالبطلة مها المنصور التي بدأت بالحملة بأول صفحة فيسبوك، والتي حضرت للطائف من الدمام وكانت في ليدز بعد إنهاء دراسة الماجستير، وتحية لشباب البلاد ممثلين بمنصور الطلحي من شباب حملة "بذرة أمل"، الذين كرموا "مها المنصور"، وتستحق التكريم، ولأخيها الشاب محمد الذي يرافق أخته في كل مكان ويقوم بنشاطات التصوير وإنتاج الأفلام. وحضور الندوة الإسلامية ذات الباع التطوعي الخيري الكبير في البلاد، ولقد تجرأت بذرة أمل طمُوحاً لتكون شجرة فيّأت أكثر من عملاق تطوعي. .. وإنهم جناحُ الأمة الآخر كي تقلع بتوازن في آفاق التقدم.
إنشرها