Author

تأثير الفضاء الافتراضي

|
همس لي معلم كبير في السن ببعض همومه. قضى الرجل في سلك التعليم نحو ربع قرن. قال إن تجربته في التدريس بقدر ما أكسبته من صداقات مع من تتلمذوا على يديه، لكنه اليوم يبدو حزينا. يمضي قائلا: الطلاب يأتون للمدرسة ومعظمهم يغالب النوم بسبب السهر. ناهيك عن انتشار التدخين في أوساطهم. وتزايد حالات الرفض فلا يتجاوبون مع الدراسة بالقدر الذي كان سائدا في الماضي. يضع هذا المعلم اللائمة على وسائل التواصل التي تأخذ حيزا من فكر وخيال الشباب والفتيات. في المقابل تزايدت لديهم صعوبات في القراءة والكتابة، إذ تطغى الأخطاء الإملائية بشكل يوحي أن التأسيس في المرحلة الابتدئية أصبح أقل من المأمول. لا أدري هل ينصت المعنيون في إدارات التعليم في مختلف المناطق لمثل هذه الأصوات، وهل يحاولون إيجاد حلول لها؟ لقد ركزت أنظمة وزارة التربية والتعليم على المعلم ومنعته من ممارسات خاطئة عديدة من بينها الضرب وغيرها من الأساليب التربوية التي صارت مرفوضة. لكن من الواضح أن خيارات المدرسة باعتبارها مؤسسة تربوية أصبحت ضيقة جدا. وفي المقابل، تنازل الأب المشغول بوظيفته والأم المشغولة بأعمالها عن جزء من الدور التربوي المنوط بهما. يقول هذا المعلم الذي يوشك على التقاعد، إنه يشعر بقلق من الصورة السائدة. شكوى هذا المعلم تعكس لسان حال الكثيرين، يجدون أن الصورة رغم ثرائها المعرفي، لكنها تشهد انحسارا للاستفادة من الأوعية التقليدية، وتراجعا للأدوار التربوية للمؤسسات المختلفة، والتأثير الأكبر أصبح للفضاء الافتراضي.
إنشرها