FINANCIAL TIMES

تنامي القلق بشأن التزام البرتغال بالإصلاح الجذري

تنامي القلق بشأن التزام البرتغال بالإصلاح الجذري

جاء التوقف عن العمل لمدة 24 ساعة إثر خفض وكالة فيتش التصنيف الائتماني لدين البرتغال السيادي إلى درجة عالي الخطورة، مرجعة ذلك إلى النظرة المستقبلية المعاكسة لاقتصاد البلد، وإلى الاختلالات المالية والمديونية العالية عبر جميع القطاعات. تمت الدعوة إلى الإضراب قبل إجراء تصويت في البرلمان في الأسبوع المقل على ما اعترفت الحكومة بأنها ستكون أقسى ميزانية في الذاكرة الحية، نظراً لأنها ستخفض دخل كثير من العاملين في القطاع العام بنسبة تصل إلى 25 في المائة عن مستوياتها في 2010. ويعكس حجم الاحتجاج الألم الذي ستلحقه التعديلات المالية المطلوبة بموجب برنامج الإنقاذ المالي للبرتغال الذي تبلغ قيمته 78 مليار يورو (ما يعادل 104 مليارات دولار). غير أن الخبراء الاقتصاديين والمسؤولين الدوليين الذي يتولون الأشراف على عملية الإنقاذ يخشون من أن لشبونة لا تحقق أي تقدم حقيقي على صعيد الإصلاحات الرامية لمعالجة تدني إنتاجية البلد، التي تم تحديدها على أنها السبب الرئيسي لسوء وضعها الاقتصادي. يقول مسؤول أوروبي مطلع على سير برنامج الإنقاذ: ''إن مجرد التأشير على خانات الإجراءات التي تم اعتمادها على الورق لن يؤدي المهمة، فالناس تريد أن ترى نتائج حقيقية''. تشكل التدابير المتطرفة التي يتضمنها برنامج الإنقاذ تحدياً لما يعتبره كثير من الاقتصاديين نزوعاً من قبل حكومات لشبونة المتعاقبة، لتجنب مواجهة الجماعات ذات المصالح الخفية يإصلاحات ظاهرية لا تغير إلا القليل على أرض الواقع. لقد سبق صرف النظر عن ''التخفيض المالي'' – وهو جزء أساسي من برنامج الإنقاذ يهدف إلى خفض تكاليف العمالة عن طريق إجراء خفض حاد في مساهمات أصحاب العمل بالضمان الاجتماعي. وتم أيضا وقف العمل بالخطط الرامية لخفض تكاليف الطاقة، وإصلاح أسواق العمل ودمج المجالس المحلية، وذلك حسبما أفاد خبراء اقتصاديون، ما أثار المخاوف من تأخيرها، أو تمييعها أو إخراجها عن أهدافها بالطريقة نفسها التي حدثت مع العديد من برامج الإصلاح السابقة. يقول خوسيه فيريرا ماتشادو، عميد كلية الاقتصاد بجامعة نوفا في لشبونة: ''إن الإصلاح كلمة يساء استعمالها في البرتغال، فهي كثيراً ما تشير إلى مجرد إجراءات تجميلية تبعد الموضوع عن الأجندة السياسية لكنها تبقي على الوضع الراهن''. أكد مسؤولون مما يدعى بالترويكا – الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي – الذين يشرفون على برنامج الإنقاذ على المخاطر التي تنطوي عليها هذه العقلية في الأسبوع الماضي، حيث قالوا إن هناك حاجة لبذل جهد جديد ويتسم بالعزيمة لإعادة إحياء أجندة الإصلاحات الهيكلية''. يعتمد نجاح البرنامج بشكل حاسم على... الإصلاحات الهيكلية التي سوف تزيل الجمود والأزمات التي تعتبر سبب توقف النمو في البرتغال لمدة عقد من الزمن، ''كما تقول الترويكا''. يعتقد أستاذ التمويل بيدرو سانتا كلارا أنه ستتم مقاومة المحاولات الرامية لاستئصال هذه العوائق في بلد يقول إن لديه نفوراً ثقافياً عميقاً من التغييرات الجذرية. وهو يقول: ''لكي ننعم بالنمو الاقتصادي، يترتب علينا أن نصبح مجتمعا أكثر خشونة. إن النمو ينطوي على الألم وعلى الهدم الخلاق، لكننا في البرتغال نفضل أن نكون فقراء جميعاً بدلاً من أن نتحمل بعض التقدم على حساب الآخرين''. إيقاف إصلاحات التشريعات العمالية سيشكل نصراً مهماً للنقابات التي تقف خلف إضراب. ويقول مانويل كارفالهو دا سيلفا، رئيس اتحاد النقابات العمالية المدعو CGTP – Inter – Sindical ، بأنه ينصح العمال باتخاذ إجراءات قانونية ضد الإصلاحات وخفض الأجور التي تعتبرها النقابات غير دستورية. لقد قدم ماريو سواريز، الرئيس الاشتراكي الأسبق للبرتغال ورجل الدولة الرئيسي الكبير، على غير العادة دعمه للإضراب، حيث وقع على بيان مناهض للإصلاحات التي وصفت باعتبارها ''خطوة رجعية في الحضارة'' ومناهض للتقشف الذي ''يخنق التعافي الاقتصادي''. وفي ملاحظات على فيس بوك، يعترف رئيس الوزراء بيدرو باسوس كويلهو بأنه تلقى آلاف الرسائل التي تعبر عن ''الإحباط واليأس'' بسبب القرارات الصعبة التي تعين عليه أن يتخذها في موضوع التقشف. لكنه يقول إن على البرتغال انتهاز هذه الفرصة ''لإصلاح أخطاء الماضي''. ويعزو بعض المحللين تأكيد لشبونة على التقشف بدلاً من الإصلاح إلى ''صراع للقوى'' داخل الترويكا التي يملك البنك المركزي الأوروبي، المعني قبل كل شيء بالتشدد المالي، فيها اليد العليا فوق صندوق النقد الدولي الذي يعتبر أنه يركز على النمو. لكن رغم تزايد تخفيضات الإنفاق، قال ''كوميرتسبانك'' يوم الأربعاء إن من غير المحتمل أن تلبي البرتغال هدف العجز في ميزانيتها هذا العام، متوقعاً أن ينخفض العجز فيها من 9.8 في المائة من الدخل القومي في العام الماضي إلى 7 في المائة، هذا العام بدلاً من النسبة المخطط لها وهي 5.9 في المائة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES