Author

بين فكر النصر والهلال

|
في عالم كرة القدم من البديهي لكل رئيس ناد أن يرسم استراتيجية طموحة يحدّد فيها الأهداف التي ينوي تحقيقها خلال فترة رئاسته، ومن المهم أن تتواءم هذه الأهداف مع إمكانات النادي الحالية، ومتطلباته المستقبلية التي ستتحكم فيها الميزانية المرصودة لكل موسم، وعندما تتسم الأهداف المحدّدة بالشفافية والواقعية، وتتواكب مع المتوافر في الفريق، وما سيأتي فإن ثمار ذلك ستُجنى بكل تأكيد. لكن ماذا لو أخفق الفريق وسار في منتصف الموسم أو نهايته معاكساً تيار هذه الشفافية والمتطلبات الفنية والإدارية.. هل يستلزم الأمر أن يتقمص رئيس النادي دور الجراح فيتدخل بمهارته الفائقة لإنقاذ الفريق في الوقت الحاسم؟ أم يترك الأمور في النادي خبط عشواء، وفق ما خطط له، حتى لو سارت الرياح بما لا يرتضيه إجماع الرأي العام؟ أم ينتظر دعوة من المجلس الشرفي لإجباره على اتخاذ قرار ما؟! برأيي في هذا المنعطف الحاسم بالذات تبرز قيمة الفكر وبراعة التصرف الإداري التي يمتلكها المسؤول الأول أمام الجماهير، ولو أخذنا الأمير فيصل بن تركي رئيس النصر على سبيل المثال، لوجدنا أنه لم يقرأ حملة "يا ترحل أو نرحل" بكل أبعادها الحسية المتمثلة في تذمر مشجعين تجمهروا حول أسوار النادي أو المعنوية عندما يرحلون قسراً بصمت مطبق، وأي قسر أشد مضاضة على الجماهير النصراوية مما تفعله الإدارة منذ مجيئها وهي أقرب قريب لهم؟! في البداية لا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يصادر حلم الرئيس بجعل النصر أفضل فريق آسيوي ما دامت الأمنية صادرة ممن يملك تصوراً عن الفريق وحقيقة الدعم وكفاءة فريق العمل. لكن النتائج الحالية للنصر حطمت كل الأماني السابقة، وليس عيباً أن يخطئ رئيس ناد في تقدير الموقف، لكن مشكلة الفكر النصراوي تتمثل في المركزية وافتقاد مهارة الاختيار واتخاذ القرار الذي من شأنه رسم مستقبل جديد للنصر في وقت عصيب كهذا، ورغم أن الفرصة لاحت أمس الأول في اجتماع أعضاء شرف النصر، لتحديد مشكلة الفريق، والتجديد في البيئة العناصرية أو الإدارية أو الفنية، وإصدار قرارات مفيدة للفريق الآن، وتأجيل بعض التغييرات لفترة التسجيل الثانية القريبة جداً باعتبار أن النصر ليس لديه ما سيخسره، إلا أن الإدارة كابرت تماماً، وتعاملت مع الاجتماع بسلبية، واعتبرته "اجتماع حبي"، كما أن أعضاء شرف النصر الذين يتوقع منهم إنقاذه تبرعوا بمبلغ لا يوازي ما صرفه الأسطورة مارادونا على لاعبي الوصل الإماراتي في مكافأة فوز دورية! في المقابل، لماذا لا يستفيد النصراويون من نموذج آخر مغاير لفكرهم، فالأمير عبد الرحمن بن مساعد رئيس الهلال أبرز للاعبيه استراتيجيته الطموحة في أول عام تسلم فيه الرئاسة، ومن أبرزها إعادة كأس آسيا الغائبة عن خزائن الهلال.. هذا الطموح وفر له الرئيس أدوات النجاح، فجلب أفضل اللاعبين المحليين والأجانب، وعندما اكتسح البطولات وسط الإخفاق الآسيوي لم يرق له هذا الأمر، فصمّم على أن ينقي الهلال من الشوائب المتسببة في الإخفاق الآسيوي، واستجاب لنداء استراتيجيته التي حدد معالمها وتدخل بمهارته الفائقة، فخلص الهلال من مشاكل رادوي، وغياب ياسر، وتذبذب ويلهامسون، وعدم انضباطية عزيز، وتوقف عطاء لي يونج، ومَن الرئيس القادر على تغيير نصف الفريق، والوقوف في وجه هذه الأسماء الجماهيرية إذا لم يكن يتكئ على فكر راق وبدائل موفقة وقرار شجاع، حتى إن كان نتاج هذا التحول لم يصل حدّ القبول الكامل؟ هنا لا أستطيع إلا أن أشيد بالفكر الهلالي المتجدّد فعلى الرغم من أنه يحقق البطولة تلو الأخرى، إلا أن ذلك لم يثنهم عن إعطاء الآخرين دروساً مجانية في مهارة الاختيار والتدخل المناسب وتجديد البيئة الكروية بحثاً عن هدف غاب عن سماء الهلال، بينما على الضفة المقابلة، أستغرب جمود الفكر النصراوي وهو الذي يتلقى الصفعات تلو الأخرى بشكل أسبوعي، وأجزم أن آثار هذا الفكر الجامد لن تقتصر على تجمهر الجماهير الغاضبة من الإدارة حول أسوار النادي، بل ستمتد إلى تسرُّب جماهيري متوقع نحو أندية أخرى أو الابتعاد النهائي عن دنيا الرياضة، ورحم الله جماهير عرفت قدر فريقها!
إنشرها